شعرت ماريآن بالفضول عن سبب إستقاله بيل، فهو يعمل في شركة ستايلز منذُ فترة طويلة كما أخبرها هاري.

قاطع حبل أفكار ماريآن صوت المضيفة الذي إنطلقَ عبر مكبر الصوت يُعلن عن موعد الهبوط.

هبطت الطائرة بسلاسة ليخرُجا للمطار ويقوما بإنهاء إجراءات الخروج.

أتعلمون ذلك الإحساس الغريب؟ وكأن أحدهم يعتصر معدتك؟ هذا ماكانت تشعر به ماريآن من فرط التوتر.
بالرغم من أنها لطالما كانت مقربة من برادلي ولكنها الآن هي لا تعرف من هو على وجه التحديد.
فهي الآن لن تزوره كبرادلي صديق والدها بل كوالدها بذاته.

"أتودين الذهاب للمنزل والإسترخاء وتغيير ثيابك أم نذهب الآن؟" سأل هاري بينما ركنت أمامهم سيارة سوداء تابعة لشركة ستايلز.
"أيمكننا الذهاب الآن؟ أعلم أني أُبالغ قليلاً ولكن.. أريد الإنتهاء من كل هذا بسرعة." أجابت ماريآن متوترة.

"هلاّ هدئتِ قليلاً؟" قال هاري وقد فتحَ لها باب السيارة لتدخل ويدخل هوَ بجانبها.
أخذت ماريآن نفساً عميقاً بينما قال لها هاري مبتسماً: "سنذهب الآن إذا أردتِ، حتى يمكنك الإسترخاء جيداً فيما بعد."
التفتت ماريآن لهاري وهي لا تستطيع إستيعاب مدى حظها لوجوده في حياتها.

"مابكِ تحدّقين؟" سأل هاري عاقداً أحد حاجبيه.
"أُحبّك." قالت ماريآن دون تردد وقد أبقت عينيها في عينيه.
بدا هاري متفاجئاً قليلاً، وكأنهُ لم يعتاد على سماع هذا منها.
ثم إبتسم.

"أنا فعلاً، جدياً، بكل صدق، واقعة تماماً في حُبّك. فلتعلم هذا." عادت ماريآن تقول وقد شعرت بالراحة لقول كل هذا، كما شعرت بأنهُ لا وجود لكلمة أخرى قد تصف إمتنانها لوجود هاري.

"أعلمُ هذا." همسَ هاري وطبعَ قُبلة طويلة على رأسها ثم عاد يقول وهو يحدّق في عينيها: "أُحبّكِ، ماريآن."

ركنَت السيارة بجانب منزل برادلي، وقد وقعت قلبُ ماريآن لشعورياً.

"أتعلم، لا أظن أني مستعدة، خذني للمنزل، هاري." قالت ماريآن مترددة.
"بلى، أنتِ مستعدة تماماً، وسننزل معاً." قال هاري مجادلاً وقد فتحَ الباب وخرج ثم نظر لها منتظراً.

أخذت ماريآن نفساً عميقاً ثم خرجت من السيارة لتُمسك بيد هاري ويتوجه كلاهما للمدخل ويطرقا الجرس.

"ليسَ هنا، فلنرحل." قالت ماريآن سريعاً ومشت ليُمسك هاري بمعصمها قائلاً: "لم تمضي سوى خمس ثوانٍ فقط، إهدئي."

الحقيقة وراء قلق ماريآن ليسَ لأنها متوترة من مواجهة والدها أخيراً، بل لأنها تخشى على فكرتها عنه.

أتعلمون، بعض الحقائق مؤلمة ومن الأفضل إكمال حياتنا دون معرفتها.
فأحياناً الجهل ببعض الأمور جيد، يُبقي بالنا مُرتاحاً.

ولطالما ماريآن كانت تُحبّ برادلي وتهتم لأمره، ولا تُريد لزيارة اليوم أن تقوم بتغيير فكرتها المثالية عنه.

كانت ماريآن مقتنعة أن بعض الأشياء يجب أن تبقى بعيداً كالقمر، فلربما لو كانت بين يديها يخبو البريق وتُصبح قطعة حجر.

فُتِحَ الباب وكشفَ عن برادلي الذي اكتسحت شفتيه إبتسامة عريضة فور رؤيته لماريآن وهاري.

"يالها من مفاجأة سارة!" قال برادلي مبتهجاً وقد عانق ماريآن التي بادلتهُ العناق ثم صافح هاري ودعاهما للدخول.

دخل كلاهما وقد أمسك هاري بيد ماريآن ليقوم بتهدئتها.
جلسا فوق الأريكة البيضاء في غرفة المعيشة بينما توجه برادلي لمطبخه.

"أتفضلون النبيذ الأحمر أم الأبيض؟" سأل برادلي من الداخل.
"شكراً، لقد شربنا البعض في الطائرة." قالت ماريآن.
"سنكتفي بالماء حقاً." قال هاري.

خرجَ برادلي بعدّة كؤوس ممتلئة بالماء المثلج.

إرتشفت ماريآن القليل من كأسها بينما جلسَ برادلي مقابلها وقد بدا وكأنهُ إستشعر توتر ماريآن ومحاولة هاري في تهدئتها.

"ما الأمر، صغيرتي؟" سأل برادلي بقلق.
"أنا وهاري نتواعد!" قالت ماريآن فجأة.

لم يستطع هاري كتم ضحكاته على محاولات ماريآن المستميتة في تغيير الموضوع.

"حقاً؟" سأل برادلي محدقاً في هاري.
"نحنُ كذلك، براد." أجاب هاري موافقاً وقد أمسكَ بيد ماريآن ثم عاد يقول مضيفاً: "في الحقيقة، نحن هنا لنتحدث عنك أنت، لقد أخبرتُ ماريآن بكلّ شيء."

قرر هاري أن يفتح الموضوع بنفسه لأن ماريآن لن تتحلى بالقوة الكافية لتبدأهُ هي.

إعتدل برادلي في جلستهِ ثم سأل: "هل أخبركِ هاري بأسبابي؟"
إبتلعت ماريآن ريقها ثم قالت: "أجل، ولكني.. نوعاً ما، أُريد سماع كلّ شيءٍ منك."

صمت برادلي وحدّق أرضاّ للحظة ثم عاد ينظر لها قائلاً: "ترككِ لم يكُن يوماً أحد رغباتي، لقد أُرغِمتُ على ذلك، وعندما تقرّبتُ من ديمون ولاحظتُ علاقتكِ به ومعاملتهُ لكِ.. أدركتُ بأنهُ سيكون أباً أفضل لكِ مني."

طوال كلامه كانت ماريآن تُركزّ إنتباهها لنبرة صوته، تحرّكات عينيه، وإيماءات يده.
هي لم تركّز جيداً فيما يقوله نظراً لأن هاري أخبرها بكلّ شيء.

"يوم الحفل.." عاد برادلي يقول ونظر هاري له بإستغراب.
عاد برادلي يُكمل كلامه: "يوم الحفل عندما أخبرتيني بما فعلتهُ جينيڤر وكيفَ بكيتِي ذلك اليوم، شعرتُ بأنهُ عليّ التمهيد للعودة لحياتك، وأخذكِ منها فهي لا تستحق أن تكوني معها."

"ماذا حصل يوم الحفل؟" سأل هاري عاقداً أحد حاجبيه.
"قصة طويلة، جيني حاولت منعي من الذهاب." أجابت ماريآن.
أومأ هاري رأسهُ بتفهم.

عاد برادلي يقول: "صدّقيني ماريآن، أُريد أن نبدأ من جديد، أُريد تعويضك عن كلّ ماحدث،.. بما أنكِ بلغتِ السنّ القانوني فلا يمكن لجينيڤر إجبارك على شيء."

قامت ماريآن بتفحصّ برادلي من الأعلى للأسفل وقد قبّض برادلي يدهُ بإنزعاجٍ قائل: "لا تُعامليني وكأنني كاذب، ماريآن."

"لم أفعل." أجابت ماريآن بهدوء وثقة.
"بلى، أنتِ تقرأين لغة جسدي كما فعلتِ مع هاري." قال برادلي بعفوية فهو يظنّ بما أنهما يتواعدان فعلى الأرجح ماريآن أخبرت هاري بكلّ شيء.

ابتلعت ماريآن ريقها بصعوبة وإتسعت عيناها ثم ألقت نظرة سريعة على هاري لتجدهُ ينظر لها عاقداً حاجبيه.


سبارتينا | h.sWhere stories live. Discover now