٩

6.3K 159 5
                                    


9- عطر خاص
كانت فلورا تذهب بشكل يومي الى حقول الزهر الممتدة , كأنها مزرعة , منذ ثلاثة أسابيع وهي منهمكة في مساعدة الكونتيسة على تنظيم حفلة العشاء التي حان موعدها هذا المساء بالذات , كما كانت في الوقت نفسه ترتبط من جديد مع الأشخاص والأصدقاء الذين تعرفت اليهم من بين العاملين في المزرعة , أحبها الفلاحون كثيرا وكانوا فرحين ومسرورين للأهتمام الذي منحته فلورا لهم ولعائلاتهم , وكانت تشعر عندما تكون معهم كأنها بين أهلها في أنكلترا.
أن هؤلاء القرويين يحبونها بأخلاص , يضحون بكل شيء من أجلها , لا يعرفون لماذا , ربما لأنها خشبة خلاصهم أو لأنهم أكتشفوا أن المحبة أعظم من الولاء.
أنها فترة ما بعد الظهر , والطقس حار جدا , أبتسمت فلورا وهي تتمشى في خطى سريعة أذ تذكرت , أنه منذ نصف ساعة , أصرت عليها الكونتيسة بضرورة الذهاب الى غرفتها لتستريح , لأنها بدت , متعبة وشاحبة الوجه , حاولت فلورا أقناعها بأنها تشعر بنشاط وقوة , لكنها سرعان ما خضعت لألحاح حماتها وصعدت الى غرفتها بهدف التخلص من العناية الزائدة التي كانت الكونتيسة توليها أياها.
لكن الطقس جميل, السماء زرقاء ملتهبة والمنظر المحيط يشبه باقة العروس تحيط بها دائرة خضراء من أشجار السرو العالية , فلم تستطع فلورا مقاومة رغبتها الملحة في الخروج الى الطبيعة .
كانت الأفكار تتجاذبها , ماذا أريد من هذا الرجل؟ أنا أعرف أنه يتعذب وأعرف أنني أحبه , ومع ذلك أتردد , لقد تزوجت منذ شهر تقريبا , وخلال الأسابيع الثلاثة التي مضت, لم تشاهد ألان ألا نادرا , كانت تلمحه كل صباح من نافذة غرفتها , عندما يقودونه الى المعمل.
وكذلك تراه في المساء من جديد , لكن متأخرا , منذ الأصطدام الذي حصل بينه وبين لويس , تعود على تناول طعامه في غراس برفقة سولانج , بحجة أن عمله الكثير والملح لا يسمح له بالوصول الى القصر في وقت لعشاء.
وهكذا فأن مشروع الكونتيسة الطموح لم ينجح , أما فلورا فقد أقتنعت خلال الأسابيع الماضية أن ألان نادم على أندفاعه الذي جعله يتزوج فتاة شابة لا يعرفها ,
وبلا وعي أكملت فلورا طريقها في الأتجاه الصحيح, وأذا بها تسمع أصوات الترحاب والبهجة الصادرة من القطافين , ولمع وجهها للحال وردت عليهم التحية , فهي تشعر بأرتياح عندما تكون مع هؤلاء الأصدقاء الجدد .
أمضت ساعة مرحة وهي تتنزه بين صفوف الشجيرات , تثرثر مع العمال الذين لا يتوقفون عن العمل , بعضهم , في لغة أنكليزية ضعيفة , يقصون عليها آخر أخبار عائلاتهم ويقهقهون معها كلما عجز أحدهم عن أيجاد الكلمات اللازمة في لغة لم يتعودوا النطق بها في حياتهم , ومع مضي الوقت, شعرت فلورا بالعوارض الأولية لصداع بدأ ينخر رأسها , وفي الوقت نفسه بدأت صفوف العمال تخف أذ أن القطافين يأخذون وقتا للراحة كل يوم في هذه الفترة بالذات من بعد الظهر , عندما تكون الحرارة في أوجها , وقبلت فلورا دعوة الأم فيكتوريا الى تناول الطعام معها
رفضت تناول الخبز والجبنة الحادة والبصل , لكنها تناولت فنجان قهوة, كانت الأم فيكتوريا تحدق فيها وهي تشرب. فلاحظت شحوب وجها فعاتبتها لأنها لم تكن تضع قبعة على رأسها.

روايات احلام/ عبير: قالت الزهره اهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن