٥

5.9K 160 1
                                    

5- حادث أليم
كانت فلورا تتأمل بأعجاب خزانة الثياب الضخمة التي تحتل جدار الغرفة بكامله , فقد أنتهت لتوها من تعليق آخر فستان لها, وكانت تبعد الفساتين عن بعضها ومع ذلك ظل الفراغ واسعا يزيد من فقر جهازها , أقفلت الباب وهي تهز كتفيها , مقررة أبعاد كل الأفكار التي تضايقها عن مخيلتها , أصلها البسيط وعدم قدرتها على الظهور في مستوى العظمة التي تحيط بها , أبتداء من اليوم , حول عائلة ألان , ووالدته الحارة والودية والأرستقراطية , وأبن عمه الجذاب , وأخيرا صديقته , سولانج شيسينيه , التي قامت بجهد كبير لأخفاء نقمتها , والتي كانت عيناها الغامضتان تكذبان الكلمات اللطيفة التي أضطرت للتعلق بها رغما عنها.
ونتيجة لتفكيرها بكل هؤلاء الأشخاص شعرت برعشة تخترق جسمها , الجميع سيتناولون طعام العشاء معا, وعندما أقترحت الكونتيسة الأم على فلورا أن تأخذ قليلا من الراحة قبل العشاء , أستقبلت الفتاة الفكرة بفرح كبير , لكنها شعرت بأن عقلها لم يتوقف عن التفكير وهذا لن يساعدها على الأستمتاع بالراحة المرجوة , فأدارت نظرها عن الأثاث الفخم, وأقتربت من النافذة وحاولت جاهدة أستعادة توازنها , وراحت تتأمل الطبيعة , لكن لا فرق ففي الخارج كما في الداخل , كان الترف نفسه , مما جعلها تحن ألى منزلها العائلي وطراوة المرج الأنكليزي , كانت على وشك البكاء عندما سمعت طرقا خفيفا على الباب , وبسرعة , وضعت يدها على عينيها قبل أن تجيب:
" أدخل!".
كانت تنتظر رؤية أحدى الخادمات , لكنها فوجئت عندما أنفتح الباب وظهرت والدة ألان.
" كونتيسة ! لم أكن أتصور أن يكون الطارق أنت...".
أحمر وجه فلورا مثل تلميذة صغيرة أرتكبت ذنبا ثم تابعت كلامها وهي تقدم لها كرسيا.
" أرجوك أن تجلسي".
وفي أبتسامة أنيقة , جلست الكونتيسة , كانت ترتدي فستانا رماديا مخرما , يشع ألماس من عقدها ومن خواتمها العديدة , كانت تجسد الترف الذي يجعل فلورا تشعر بعقدة النقص ويزيد من توتر أعصابها.
قالت الكونتيسة بلطف:
" أجلسي يا أبنتي , يجب أن نتحدث , أنت وأنا فقط , أنني أدرك بوضوح التوتر الذي تعانيه وتتحملينه , ولأني عرفت أن ذلك يمنعك من الأسترخاء والأخلاد الى الراحة , فكرت في أغتنام هذه الفرصة لأتحدث اليك, هل هذا يزعجك , يا أبنتي ... هل تفضلين أن أذهب وأتركك وحدك...".
أجابت فلورا في حماسة:
" آه, لا , بالعكس , أهلا وسهلا بك , كونتيسة!".
أنحنت المرأة العجوز في مودة وربتت على يدها وقالت في تردد :
" أذا في البداية , لنتفق على الطريقة التي التي ستنادينني بها... يا أبنتي العزيزة , أحب أن تناديني أمي كما يفعل ألان , أرجو أن تعجبك هذه الفكرة...".
فوجئت فلورا بهذه المبادرة , فهذه المرأة العجوز الأرستقراطية تخشى أن يساء أستقبالها , وهذا ما تخشاه كل حماه! أنزلقت فلورا من مقعدها وركعت أمام الكونتيسة , كانت تبتلع دموعها , رفعت عينيها وقالت ببساطة:
" هذا لطف منك . يا أمي , أن تتيحي لي هذا الشرف الكبير!".
وللحظة كانت الكونتيسة على وشك الأستسلام لأنفعالها , لكن سنوات التدريب المنظم الطويلة ساعدتها , فشدت على شفتيها المرتجفتين , وقالت في صوت خال من الجرأة:
"هل تعرفين أنني أتوقع أحداثا سعيدة مع وصولك الى هنا كزوجة لألان ... مثلا , ألم تلاحظي أن أسمك مناسب جدا...".
قالت فلورا مبتسمة:
" لأنني أدعى فلورا أي زهرة , ونحن في قصر الزهور؟ نعم أنها حقا صدفة غريبة".
وأكملت الكونتيسة وهي مرتجفة اليدين:
" وفوق ذلك, واليوم, مضى على حادث ألان سنتان بالضبط , ولا شك أن عودته كانت مثيرة لو لم تكوني بقربه وتخففي عنه كل هذا الألم".
أختفت أبتسامة فلورا , كان ألان في الحقيقة وحيدا , وكانت تتعذب أذ أكتشفت أنه نادرا ما يبوح لها بأسراره , لا شك أنه يرغب في كتم كل الحوادث الماضية , ومع ذلك , فعليها الرد على بعض الأسئلة وألا تعتبرها العائلة وأصدقاء زوجها عديمة الأحساس , هم الذين يتوقعون أنها على علم بكل ما يجري في الحاضر وما جرى في الماضي.
سألت على مضض:
" كيف ... كيف وقع الحادث يا أمي؟".
تراجعت الكونتيسة قليلا, لكن تعبير فلورا والعذاب الظاهر في عينيها الزرقاوين ونظرتها التوسلية , كلها تدل على أن الفتاة تريد جوابا على سؤالها , تغلبت المرأة العجوز على حسرتها وأجابت:
" لا أحد , حتى اليوم , يعرف كيف حصل الحادث على وجه الدقة , كان ألان يعمل في المقطرة . ويقوم بتجارب عديدة على عطر جديد صنعه , وكان يبدو فخورا بهذا الأنجاز بالذات".
وأمام نظرة فلورا المفاجئة , شرحت تقول:
" عائلتنا , منذ قرون عديدة , تعمل في صناعة العطور , يا أبنتي العزيزة , لا شك أنك سمعت عن عطور تريفيل؟".
تذكرت فلورا على الفور القارورة الصغيرة لعطر غالي الثمن قدمته لها مرة صديقتها جنيفر في عيد ميلادها , كانت تستعمله بدقة حتى القطرة الأخيرة , كما أنها حافظت على القارورة الفارغة في درج خزانتها لتعطر بها مناديلها.
أجابت فلورا :
" بكل تأكيد . الجميع يعرفون عطورات تريفيل!".
هزت الكونتيسة رأسها في رضى وتابعت تقول:
" لدينا شهرة كبيرة نستحقها , على ما أعتقد , أن ألان خبير وماهر , وبالتأكيد لديه سنوات عديدة من الخبرة وحياة أمضاها في أتصال دائم مع هذه الصناعة , ولويس كذلك , لكنه مع الأسف لا يملك نصف مؤهلات وقدرة ألان البارعة, لأبني حاسة مميزة ومرهفة ونادرة, تمكنه من كشف جميع الفوارق الدقيقة الموجودة في العطر وتعيين كل نوع وعنصر يتألف منه هذا العطر بكل دقة وتمكن, لكن موهبته الحقيقية هي قدرته على خلط خلاصة كل زهرة بأخرى وتنويعها , من أجل أنتاج عطورات جديدة متناسقة , حتى أن الخبير الماهر لا يمكنه معرفة مصنوعات العطر الا بصعوبة كبيرة , نعم أن غياب ألان أثر كثيرا على هذه الصناعة , صحيح أن لويس ما زال هنا, لكنه لا يملك الشرارة الخاصة بالعباقرة , أنه يقوم بجهد كبير قدر المستطاع , لكنه ما زال صغيرا ولديه الميل في البحث عن ملذات أخرى خارج العمل ... وحديثا , كان ألان , هو أيضا , غير مبال ... وغير مكترث...".
توقفت عن الكلام وقامت بحركة صغيرة كأنها تريد التخلص من ذكرى معينة طافت بمخيلتها , ثم أكملت في صوت حازم:
" يجب أن تطلب من لويس أن يأخذك لزيارة المعمل, يا فلورا , يعرف تماما أن يكون رفيقا رائعا ولطيفا, وأنني متأكدة تماما أنك ستجدين نفسك مهتمة بالأمر".
قالت فلورا:
" لا شك في ذلك , يا أمي".
هذه الأفكار كانت تقلقها بعض الشيء , لأنها كانت تخشى ألا يوافق ألان على هذا التخطيط , لكنها لم تر عذر مقبول لرفض هذه الدعوة.
قالت الكونتيسة:
" سوف تذهبين في الغد , دعيني أكلم لويس في الأمر".
قالت فلورا في هدوء:
" كنت ستحديثينني عن حادث ألان...".
لكن الكونتيسة قالت وهي تهز كتفيها بخفة:
" ليس هناك ما أضيفه, لقد جاء أحد العاملين في المصنع الى هنا ليخبرنا أن ألان أصيب في عينيه من مادة الأسيد , بينما كان يعمل في مختبره , يستعمل الأسيد لتنظيف الآليات , حتى لا تفسد التجربة تجربة أخرى ... وسولانج نفسها , التي كانت تعمل معه في ذلك الوقت لم تتمكن من تزويدنا بالتفاصيل الدقيقة عما حدث آنذاك, منذ سنتين تماما, بالنسبة ألى ألان , فقد رفض التحدث مع أي أحد بالأمر".
شعرت فلورا بقشعريرة تعبر جسدها , لكن قبل أن تتمكن من طرح أسئلة أخرى, نهضت الكونتيسة وقالت بحنان:
" سوف نتحدث عن ذلك مرة أخرى , يجب أن أرتاح قليلا , قبل موعد السهرة".
توجهت نحو الباب , ثم توقفت:
" يا أبنتي فلورا , جئت لأقول لك كم أنا سعيدة لأنك قبلت ألان زوجا لك, أن الحياة بالنسبة أليك , ربما تكون... صعبة ... لكن أؤكد لك أنك تصرفت بشكل جيد , حتى ولو أظهر بعض الأحيان قسوة وأبتعد بعض الشيء فأنك بكل تأكيد , ضرورية لسعادته ... وهو ضروري لسعادتك أنت أيضا , أرجوك أقبلي بركتي وأمتناني".
ظلت فلورا جامدة تفكر بكلمات الكونتيسة بعد ذهابها , لقد عبرت عن عاطفتها بصراحة وصدق وأفهمتها مدى الحيرة والأرتباك حيال التغيير الذي طرأ على أبنها , وفلورا نفسها , لم تلاحظ في لقائها الأول بالكونت هذه الأناقة وهذا اللطف وهذه الطلاقة التي تسحر المرأة , وضعت يدها على حنجرتها التي كانت تؤلمها , أنها مقتنعة بأن ألان سيصبح هكذا من جديد , أذا تخلص من مزاجه الحزين المسيطر عليه , لكن, هل سيلجأ اليها , فيما بعد, هي الفتاة البسيطة , أبنة الكاهن , ليشاطرها فرحه وأحلامه أو يلجأ الى سولانج بسهولة أكثر ؟ فجأة شعرت بالحرارى تخنقها , فقررت أخذ حمام سريع فاتر قبل موعد العشاء.
أنها وآلان يتقاسمان الجناح ذاته, فهي تشغل الغرفة الواسعة , وهو يشغل الغرفة الصغيرة , ويفصل بين الغرفتين حمام مشترك , عندما دخلت الحمام لم تسمع أية حركة داخل غرفته, دخلت الى الحجرة الشفافة وفتحت الحنفية وراحت تتمتع بالماء , ولم تقرر أنهاء الحمام الا حين شعرت بأن البرد بدأ يخدرها , فتناولت منشفة الحمام وراحت تدلك جسدها بهمة ونشاط , فكانت منهمكة الى درجة أنها لم تسمع الباب ينفتح , ولم تحس بوجود ألان ألا بعدما رفعت رأسها ورأته , كان مرتديا مئزر الحمام, ويتقدم بتمهل نحو الحنفية , واذا بفلورا تضع يدها على فمها لتخنق صرخة كادت تنطلق , لكنه سمعها وقال بنبرة قاطعة:
" من هنا؟".
لم ترد , أرتبكت من الرهبة , برغم معرفتها بعدم قدرته على رؤيتها .
" من هنا؟ أريد جوابا في الحال".
تقدم خطوة ألى الأمام لكنه تعثر أذ أرتطم بكرسي صغير , فركضت تتمسك به كيلا يفقد توازنه ويسقط , فتمسك بها, ومن جراء هذا الأتصال الجسدي الأول شعرت أنها لم تعد تلك الفتاة الصغيرة الخجولة الحالمة , لكنها أمرأة , ترتعش فرحا ورغبة لدى لمس زوجها لها .
قال بصوت خفيض:
" فلورا!".
كان على وشك أبعادها في غضب, لكنها تلعثمت قائلة:
" أرجو أن تسامحني , يا ألان".
وتذكرت بصعوبة أن العينين السوداوين المحدقتين بها لا تبصران في الواقع.
" حاولت قفل الباب بالمفتاح , لكنني لم أتمكن من ذلك , أعتقد أن القفل معطل...".
كان جامدا في مكانه لا يتحرك . وما زال متمسكا بها, يضمها بشدة نحوه , وفي عينيه الخاليتين من النظارات , يلمع نور خفيض وعلى فمه ترتسم أبتسامة غامضة , وبهدوء , جذبها نحوه ورفع خصلات شعرها الخفيفة المجعدة فوق جبينها , راح يتكلم في صوت حنون , ما تعودت سماعه.
" قال لي لويس أنك أمرأة تتمتعين بجمال خارق , لقد قال لي بالحرف : أنها وردة أنكليزية رائعة".
كانت ترتجف بين يديه , غير قادرة على الرد وتشعر به قريبا منها , وتابع كلامه:
" هل تسمحين لي بأن أحكم بنفسي؟ أن وضعي سيء , لست قادرا على أن أرسم في عقلي صورة زوجة سيحسدني عليها كل أصدقائي , كما قال لويس!".
لم تتراجع فلورا عندما وضع ألان يديه على وجهها , وبنعومة وببطء كانت يداه تمران على جبينها المالس وفوق عينيها , تلمسان رموشها ثم تمتدان الى خديها.
همس وهو يردد كلمات لويس:
"عينان زرقاوان بريئتان , تشبهان أزهار البنفسج , بأتساعهما ونعومتهما المخملية , شعر كثيف وأشقر كالذهب , شفتان تشبهان الورد".
كانت فلورا تتخبط بين الخوف وأضطرام العاطفة, كان النبض يقفز في أذنيها , وشعرت بنفسها فريسة أحاسيس غريبة تزداد تطلبا كلما أمتدت أصابع ألان حول عنقها المرهف لتتوقف طويلا على كتفيها.
وصارت كالمجنونة عندما أنزلقت المنشفة عن جسمها , وفي تلك اللحظة بالذات أظهر ألان بدهشة مخنوقة عدم قدرته على السيطرة على نفسه أكثر , وبقوة شد زوجته نحوه وعانقها , ومن كل أعماق قلبها المحب, كانت فلورا تشاركه هذا الأحساس , كانت غارقة في حبها , وفي الوقت نفسه كانت تسمع صوتا يقول لها أن هذه الرغبة الجامحة التي يتظاهر ألان بها , لم تكن موجهة أليها , أنما لشبح في الماضي , لكنها رفضت الأصغاء الى ذلك الصوت , من كل قلبها , من كل روحها , كانت تحب ألان حبا عميقا, الى درجة أنها كانت مستعدة لتبادله كل عواطفه.
وفجأة أبعدها عنه وقال بصوت لاهث , وفم متقلص:
" أرجوك أن تغفري لي تصرفي هذا , ما كان يجب أن يحصل ما حصل!".
راح يحاول أستعادة برودة أعصابه:
" لا أجد عذرا لمثل هذا التصرف , أنه جدير بالأحتقار ! فلورا هل تسامحينني؟".
فوجئت أذ رأت الكآبة موسومة على وجهه , فقالت:
" ليس لك أن تعتذر , يا ألان".
قامت بحركة لتضع يدها حول عنقه , فتمسك بمعصميها , فصرخت:
" ألان! لا داعي للأعتذار , أنا زوجتك!".
جوابه البارد أطفأ في داخلها كل أمل:
" كان لي هدف من الزواج منك, لكنه لم يكن هذا الهدف , أنني في حاجة ألى وجودك , لكن يا ألهي , لا أعرف لماذا!".
كان يبدو مرتبكا وغير منطقي وتابع:
" بدأت أفهم أنك أرتكبت غلطة كبرى بالزواج من نصف رجل حي, عندما عرضت عليك الزواج , كنت أعتقد أنني أخدمك بذلك".
" تخدمني؟".
وبعد صمت مزعج , عاد يقول في تردد مضطرب:
" سأكون صريحا معك , كنت دائما صادقة معي , وسأجابهك بالمثل , على الأقل".
تصلبت وتماسكت وهي تنتظر أعترافه , وفي لا وعي , لاحظت حركات يده المرتعشة وتشعث شعره, لكنها تمالكت نفسها لتتمكن من أستيعاب ما سيقول:
لأسباب عدة , كنت في حاجة الى زوجة , وكنت أنت المرشحة المثالية , عندما سألتك أن تزوجيني , كنت أعتقد أنك أمرأة في سن متقدمة, وسيدة مطيعة لا ترفض متطلبات والدها , وليس لها أمل بالخروج من الوضع الشاق الذي كانت متورطة فيه".
رفع يده ليفرض عليها الصمت , عندما سمع آهة تعجب أطلقتها فلورا وأضاف بعنف:
" لم يقل لي أحد أنك فتاة شابة ورائعة الجمال, قادرة على جذب الرجال , لا أحد , قبل لويس ... بعد أن فات الأوان ,كنت أعتقد بأن صدقك عائد الى تربية قاسية , لو عرفت أن سبب ذلك أنك ما زلت شابة , لما أستغللت ثقتك وأرادتك الطيبة , بالنسبة الي كنت الرفيقة الممتعة , التي لم أكن بحاجة وأنا معها ألى أرتداء أي قناع , أرجوك أن تصدقيني , كنت مندهشا ومضطربا عندما وصفك لويس , أعتقدت أولا أنها مزحة من مزحاته التافهة , ولهذا السبب تصرفت الآن بهذا التصرف المؤسف , فقد كان يجب علي أن أعرف !".
شعرت فلورا بالخدر يتسرب الى جسمها , لكنها تمكنت من أطلاق ضحكة سريعة قبل أن تسأل:
" أذا كنت تعتبرني عانسا حقا , فلماذا أردت أن تتزوجني؟".
ومن خلال سحابة الدموع المغرورقة في عينيها , رأته يهز كتفيه ويقول:
" يمكنك أن تعتبرينني جبانا, أذا أردت , لكنني كنت أبحث عن أنسان أحتمي به من العواطف الجياشة التي تنتظرني هنا لدى عودتي , كما كنت بحاجة ألى عينين تريان وتصفان لي مفصلا كل ما يجب أن أعرفه , وكنت أريد أنسانا صادقا لا يموه الحقيقة أو يقنعها , لكنني أرى الآن أن الترف والمال وكل ما يمكن أن أقدمه أليك بديلا , ليس ذا أهمية بالنسبة الى المرأة التي أصورها...".
ثم أكمل يقول:
" لكنني لا أفهم لماذا قبلت عرضي , وما هو السبب الذي تقبلين الزواج من أعمى؟".
شعرت فلورا بقلبها ينقبض في صدرها , من الأفضل لها أن تتركه يعتقد أن هناك دوافع مثيرة وذات أهمية كانت السبب لما أقدمت عليه , أجابت في لهجة حازمة ومحاولة السيطرة على أرتجاف فمها:
"ربما كان حكمك علي خاطئا , أن قريتي غلينغهام بمثابة سجن حقيقي وكنت دائما أحلم بالفرار والعيش بعيدا , لذلك عندما أقترحت على الزواج والمجيء الى فرنسا , أردت ألا أدع الفرصة تفوتني, لذلك ليس من الداعي أن تحكم على نفسك أو على أعمالك يا ألان , لقد أشتريتني وأنا كنت مستعدة لأبيع نفسي , الزمن هو الوحيد الذي سيقول من منا الذي قام بصفقة أفضل ".
كان أنف ألان الكبريائي يرتعش , كان يبدو مرتبكا الى درجة أنه لم يجد أي جواب وضاعت الكلمة على شفتيه , لكن سرعان ما أبتسم أبتسامة ساخرة وأستعادت عيناه رونقهما الداكن , ثم أستدار وتمتم بتحية سريعة وخرج من الباب تاركا فلوا وحيدة , راحت تبكي بحرقة وترتجف من البرد في هذه الغرفة الفارغة.

روايات احلام/ عبير: قالت الزهره اهDove le storie prendono vita. Scoprilo ora