٢

6.4K 179 2
                                    


2- زيارة رهيبة
حينما أقترب موعد الزيارة الرهيبة , تأججت أحاسيس فلورا ما بين الخوف والرضى , فخلال كل فترة ما بعد الظهر وبينما كانت تكرس وقتها للأهتمام بالمرضى, كانت عيناها تنجذب صوب النافذة المحجوبة بالستائر والتي وراءها ذلك الرجل الذي وعدت نفسها بزيارته , كانت أفكارها مشوشة الى درجة جعلتها غير قادرة على التركيز على المهمات الموكلة أليها , ومع ذلك تخلصت من هذه الورطة بنجاح.
راحت تسوي شعرها بقبضة يدها وشعرت بذعر مفاجىء , ووبهدوء توجهت نحو باب الغرفة المعنية , تصلبت أستعدادا للمعركة , ثم طرقت الباب طرقة خفيفة.
سمعت صوتا آمرا وعنيفا:
" أدخل!".
ثلاث خطوات مترددة أوصلتها الى وسط الغرفة تماما , وللحال نظرت نحو السرير فوجدته فارغا , حولت نظرها نحو النافذة التي تطل على حدائق المستشفى , فرأت صورة رجل طويا القامة يرتدي مئزرا من الحرير الثقيل واللون الداكن ماثلة أمامها, قفز قلب فلورا قبل أن يبدأ بالنبض بسرعة مؤلمة , وفي الحال أنحفرت صورة الرجل في ذاكرتها ., كان جذابا بكل ما تحمله الكلمة من معنى , ليس غريبا أن ينفعل قلب فلورا البرىء في أتصالها الأول بهذا الرجل , أنه فارس يرتدي الملابس العصرية , كان وجهه أسمر وذقنه بارزة , وهذه علامة العناد والتصلب , وكانت نظرته كدرة , وأنفه مستقيما , راح يرتجف كأنه شعر بأقتراب الخطر... أو التطفل, لا ينقصه سوى أن يرتدي صديرية ذات لون فاتح , ودثارا متموجا , وأن يحمل سيفا نحيفا , أنه بطل, دون كيشوت زمانه , يعتبر قطعان الغنم جيوشا , والطواحين الهوائية جبابرة , كان يظهر عليه بوضوح أنه يعتبر أي شعور ينم عن الصداقة تحريضا وتحديا, وأن الشفقة والعناية والأهتمام ما هي ألا مجرد أهانة .
قال بصوت ينم عن نفاذ صبر:
" من أنت؟ وماذا تريدين؟".
أحست فلورا بالرأفة تمتلكها لدى تذكرها أنه أعمى وأجابت بصوت حازم:
" أنا ... أنا فلورا مينارد , أبنة القس مالكوم مينارد الذي زارك أمس , هل تتذكر؟".
رفع رأسه متعاليا ومن غير أن يشيح وجهه عن النافذة , أجاب بأقتضاب:
" أتقصدين أنك أبنة هذا القس التافه؟ لقد أعتقدت أنني أفهمته بصورة واضحة أن وجوده غير ضروري , وأنني أتساءل لماذا أرسل لي أبنته الآن, ربما كان يريد منك مرافقتي في الحدائق , حتى أستغني عن عكازتي البيضاء , أو ربما ... آه آ÷ , فهمت! يريدك أن تعلميني طريقة البريل( طريقة في الكتابة خاصة بالعميان تستخدم حروفا نافرة ) لا شك أن هذه مهمة تليق بأبنة كاهن!".
سخر منها ما فيه الكفاية, وكان في أمكانها أن تغفر له وألا ترد بأي كلمة , لكن أن تسمعه يعامل والدها بهذه الطريقة , كان أكثر مما يمكن تحمله, وبغريزة بدائية , كما النمرة تحمي صغارها , راحت فلورا تهاجمه بقسوة قائلة:
" أنني أرى أن الطريقة في الشفقة على نفسك طريقة شنيعة وممقوتة, أنني لا أستغرب من أنهم يتركونك لوحدك مع أفكارك المنحرفة وغضبك الطفولي!".
أنطفأ أندفاعه المفاجىء في صمت رهيب, لم يرد عليها , لكن قبضة معصمه تشنجت , كأنه يقبض على خنجر غير موجود, كان غضبه باديا , في هذه الغرفة الساكنة, وتساءلت فلورا , هل تجرأ أحد من قبل على أن يوجه كلاما الى هذا الرجل المتزمت الفرنسي , بهذه اللهجة القاسية , لو كان رجلا بمعنى الكلمة لصفعها على الفور! أنتظرت فلورا وهي ترتجف , خجولة وخائفة حتى من مجرد الركض نحو الباب, أحمرت وجنتاها وسرعان ما بهت وجهها مظهرا عينين واسعتين , وفي الوقت الذي شعرت به أنها لم تعد قادرة على أحتمال هذا التوتر المستمر أستدار نحوها وجها لوجه , وبلطف غير معقول, أعتذر منها قائلا:
" أنت على حق يا آنسة , لقد أصبحت صعبا ولا أطاق , لست وحدك تفكرين بذلك, أنني أفقد بسهولة ضبط النفس ولا أعرف ما هي الطريقة للتخلص من هذا الأحساس".
وتابع في لهجة عذبة:
" لكن... هل يمكنك أن تساعديني...؟".
" لا شك في أنه لاحظ أستغرابها المكبوت , فغيّر نبرة صوته مدخلا بعض السخرية عليه:
" هيا , يا أبنة الكاهن أين رأفتك وأحسانك؟ أنت تعرفين جيدا أنك بسبب والدك , لن تتجرأي على رفض هذا الأحسان , ماذا يقول لو عرف أن أبنته رفضت مساعدة رجل يائس؟".
أرتسمت صورة وجه والدها الكئيب القلق أمام عينيها , وأبتلعت على مضض الرفض الذي كانت ستعلنه , لا شك أنه رجل ذكي, هذا الفرنسي , أذ أنه أكتشف , من دون الوقوع في الخطأ الحجة التي يمكنها أن تؤثر بالفتاة لصالحه, أذا رفضت طلبه , تكون بذلك قد أذت والدها أكثر بكثير من أيذائه هو.
وسألته في لهجة مرغمة:
" وكيف يمكنني مساعدتك يا سيدي؟ هناك أشخاص مختصون ومؤهلون أكثر مني, تحت تصرفك , لماذا لا تسمح لهم بمساعدتك؟".
ركز على صوتها وتقدم منها , وتوقف على بعد خطوة واحدة منها , نظره الذي لا يسمح لأحد أن يخرقه كان مصوبا نحوها , محدقا بوجهها كأنه يدقق في قسماته حتى أنها شعرت بالأحمرار يجتاح خديها , وعندما لاحظت الندبات البيضاء النحيفة حول حاجبيه وعلى جبينه - دليل عملية جراحية حديثة- حينئذ أدركت بأقتناع أنه لم يرها, فزاد أحمرار وجهها , لكن من الخجل هذه المرة.
قال بصوت قاس:
" لماذا أختارك أنت بالذات؟ منذ الحادث الذي تعرضت له, كنت أنت الأنسانة الوحيدة التي تجرأت بكل صدق فبينت لي وجها لوجه كل عيوبي وأخطائي, منذ سنتين حتى الآن والجميع يكذبون علي بأستمرار, لم أعد أتحمل ذلك, لكن عندما سمعتك تكلمينني بهذه الصراحة, شعرت كأن نسمة ربيعية منعشة أخترقتني, من خلال غيوم الشفقة الخانقة والأساليب التافهة لتهدئة الآلام وتسكسنها, أنت الأنسانة الوحيدة التي يمكنني الوثوق بها لتقول لي الحقيقة, ولهذا السبب لا أنوي أن أخسرك, عليك أذا فعل ما أطلبه منك, يا أبنة القس, والا سأرفض أن أدعهم يجرون لي عملية جراحية أخرى ! ما هو ردك على ذلك؟ هل توافقين؟".
قالت فلورا في صوت خفيض:
" أن أوافق على تهديدك؟ هل لديّ أختيار آخر في مثل هذه الظروف؟".
هز كتفيه وأستدار عائدا الى النافذة , رفع رأسه سامحا لأشعة الشمس بأن تداعب جروحه, يبدو أنه يحب المداعبة اللطيفة والساخنة على عينيه المعذبتين, لكنه يفهم جيدا أن الفتاة لا تزال بأنتظار جوابه وأذا به يرد عليها بلهجة متوترة:
" كلا- ليس لديك أختيار آخر!".
فجأة , تملكه التعب من وجودها فقال:
" والآن , أذهبي , أريد أن أتاح , لكن عودي في الغد لنتناول طعام الغداء معا".
توترت فلورا غضبا أمام هذا الموقف الصريح, وخرجت من الغرفة, وتمكنت بصعوبة كلية من عدم صفق الباب وراءها.
أظهر سير فرانك تعجبه وفرحه من التغيير المفاجىء الذي طرأ على مريضه , بعد أن كان قد أمضى أسبوعين في رفقة لورا, وأقنتعت جنيفر بأن صديقتها أستطاعت تحقيق المستحيل , فبدأ المريض , بدلا من البقاء داخل غرفته معظم الوقت , بالقيام برحلات صغيرة في سيارة سير فرانك , يقودها السائق, وبقربه فلورا تحل مكان عينيه, ومالكوم مينارد يبتهج مهللا غير قادر على العثور على الكلمات اللازمة لأمتداح نجاح أبنته, لكن والدة فلورا كانت تعلم مدى الجهد الذي بذلته أبنتها والتوتر الناتج عنه.
في أحد الأيام , كانت فلورا تستعد للقيام بنزهة جديدة, حاولت جين مينارد التحدث الى أبنتها قائلة:
" فلورا , يا حبيبتي, يبدو عليك التعب والأرهاق , لماذا لا ترتاحين اليوم؟ سأتصل هاتفيا بالمستشفى لأخبرهم أنك غير قادرة على مرافقة الأستاذ تريفيل في نزهاته".
كانت فلورا ترتدي فستانا من القطن الوردي اللون , فأجابتها بصوت واضح:
" لست متعبة يا أمي , أبدا, أرجوك لا تشغلي بالك, فأنا في أتم العافية, في أي حال أذا تمنعت من الذهاب اليوم , لن يكون آلان مرتاحا لذلك, فهو يحب النزهات كثيرا , وقد سر كثيرا عندما أخبرته بوجود سباق خيل في حديقة قريبة جدا من هنا, ولا أريد أن أخيب أمله, أليس كذلك؟".
تنهدت السيدة مينارد وقالت:
" كل هذا جميل جدا , يا فلورا , لكنني بدأت أقلق عليك , فأنت لا تتمتعين بالقوة نفسها التي كنت تبدين بها قبل تعلافك الى آلان تريفيل, وأنت فوق ذلك شاحبة , لا شك أن ألان شاب لطيف , لكنه ذو سطوة ومنذ أن تعرفت اليه , نادرا ما تخصصين لنفسك وقتا خاصا بك, هل أنت متأكدة بأنه لا يطلب منك الكثير؟".
أستدارت فلورا رغبة منها في أخفاء الدموع التي تنهمر على وجهها , من الأفضل لها أن تظل أمها ووالدها يعتبرانه رجلا لطيفا , في كل حال أنه كذلك أتجاههما , لكنها هي وحدها من يعرف الأنهيار القوي الذي يصيبه عندما يكونان معا , أصبحت هي صمام الأمان بالنسبة أليه , وكبش المحرقة , وأمام كل العاملين في المستشفى يبدو آلان مريضا مثاليا, هي وحدها من يتكبد كل الهجمات التي توقظ فيه يأسا عنيفا, أذ يرى أن راحته الوحيدة في أن يصب جام غضبه على الآخرين , في البداية كانت ترد الضربة بضربة أخرى مماثلة , لكن هذا التصرف من جانبها كان يزيد من غيظه , مما جعلها تتنازل عن مقاومتها والتحلي بالصمت حتى تنتهي الأزمة , لكن أحيانا, كان يظهر لطفا غريبا , مما جعلها غير قادرة على رفض أي طلب له , أكتشفت فلورا أنها تحبه...
ما زالت والدتها تنتظر منها جوابا , أقتربت فلورا منها وركعت أمامها:
" يأ أمي , قال لي سير فرانك أنه يأمل في أجراء العملية الجراحية لعيني آلان في الأسبوع المقبل , وبعدها لن يعود في حاجة ألي , ومتى أستعاد نظره سيعود الى فرنسا وسينساني بسرعة".
أنتفض قلبها أنتفاضة مؤلمة, لكنها أضطرت الى متابعة الحديث:
" بعد أسابيع قليلة , تعود الحياة الى مجراها الطبيعي, وسيتسنى لي الوقت لأرتاح , لكن ما دام ألان في حاجة ألي يتحتم علي البقاء معه , هل تفهمين؟".
ربتت والدتها على يدها وقالت:
" عظيم , لن أزيد كلمة واحدة... لكن تذكري أن سعادتك ثمينة لي ولوالدك , وأننا موافقان على كل شيء يضمن سعادتك".
شدّتها فلورا الى ذراعيها وقالت وهي تضحك:
" هل هناك من قرار يمكن أن آخذه , يؤثر على حياتي معكما؟".
أكتفت الأم بالأبتسام ونهضت لتخرج من غرفة أبنتها , لكنها ظلت راكعة تفكر مطولا بما قالته.
وصلت سيارة سير فرانك متأخرة, كان آلان بداخلها , ومن خلال نافذة غرفتها المفتوحة سمعت فلورا والدتهاتصر عليه بالنزول وتقول له: فلورا ستصل بعد لحظة , وأجاب آلان بلهجته الأنكليزية اللطيفة شيئا لم تسمعه الفتاة , لأنها تناولت حقيبة يدها ونزلت مسرعة , تريد معرفة ما أذا كان آلان في مزاج جيد أو أن عليها أن تتحمل ساعات طويلة من العذاب.
وما أن وقعت عيناها عليه , حتى فهمت أن النزهة ستكون ممتعة, وحين سمعها تقترب منه أبتسم, وشعرت برغم نظارتيه السوداوين أن لا قلق في عينيه.
سألها بفارغ الصبر:
" هل أنت حاضرة؟".
" نعم يا آلان".
منذ اليوم الأول الذي دعاها لتتناول طعام الغداء معه , أصر عليها بضرورة التخلي عن كل الأعراف والشكليات , وأحتاجت الى أكثر من أسبوع لتعتاد أن تناديه آلان بدلا من السيد تريفيل.
" هيا بنا أذا, لنسرع حتى لا تفوتنا الجولة الأولى".
كان الطقس جميلا ورائعا لمثل هذا النوع من النزهات, والجو حارا, لكن النسيم يمنع الحرارة من أن تكون لاهبة , أختارا مكانا هادئا , لأن آلان لا يحب الأزدحام , فقد طلب من السائق الذهاب والتمتع بوقته, وحدد له وقتا للعودة.
لم تكن فلورا تعرف أي شيء عن سباق الخيل, لكنها كانت تعرف بواسطة غريزتها كل ما يحبه آلان, راحت تصف له بدقة كل ما حولها بصورة تفصيلية جعلته يتحمس للأمر , وعندما حان وقت الغداء , فتحت سلة الأكل فأكلا بشهية كل ما طاب ولذ , وبعدها تمدد آلان على بطانية فرشت على الحشيش وقال لها وهو ينتهد:
" رائع! شكرا يا فلورا, عندما أعود الى وطني , عليك بزيارتي وسآخذك بدوري الى سباق الخيل هناك, (بفرح , أنها المره الأولى التي يتحدث فيها عن رغبته في العودة الى بلده, أو يتكلم عن حياته الخاصة, كانت دائما تشعر بحاجة الى معرفة ولو شيء بسيط عن حياته الشخصية, لكنها كانت دائما تخشى أن يوبخها , لكن في هذه المرة, قررت المخاطرة وسألته في تردد:
" أين يقع منزلك يا آلان؟".
أجاب فجأة بعد أن ظهرت تجعيدة صغيرة على جبينه:
" قرب مدينة غراس".
توقف برهة ثم أضاف:
" غراس هي مدينة فرنسية وكذلك المركز الأساسي لصناعة العطور , خلال كل فصول السنة تتفتح الأزهار النامية بكثرة على طول الشاطىء التابع للبحر الأبيض المتوسط, مدينة كان مشهورة بالورد والأكاسيا والياسمين , ومدينة نيس مشهورة بالبنفسج والخزام , لكن من بين كل هذه الأمكنة غراس هي التي تتمتع بأكثر من شهرة, لأن هناك تنمو كل أنواع الأزهار وحيث تتم صناعة العطور".
كانت فلورا تصغي بأفتنان , ليس من العجب أذا أحب مداعبة الشمس , هو الذي أمضى كل حياته في جنة كهذه.
" الأزهار تنمو طيلة أيام السنة؟".
" طبعا , من كانون الثاني - يناير حتى آذار- مارس, نجد أزهار البنفسج والميموزا , وفي نيسان - أبريل وأيار- مايو وحزيران - يونيو , نجد الورد وفي حزيران -يونيو أيضا نجد الخزام والقرنفل والوزال , وفي تموز -يوليو مجموعة مختلفة من الأزهار بما فيها اللاوند والياسمين والمسك , وفي آب- أغسطس وأيلول سبتمبر وتشرين الأول- أكتوبر نجد النعناع والجيرانيوم , وحتى في الميلاد - نرى في كل مكان بحرا ذهبيا من المشمش الذي يعم المنطقة بعطره, على طول كيلوميترات في جميع الجهات".
قالت فلورا ضاحكة:
" كفى , لم يعد عقلي يستوعب أكثر! كم كنت سعيدا ومتفائلا لرؤية هذا الجمال , لا شك أنك ترغب في رؤية كل هذا من جديد!".
وما أن نطقت بهذا الكلام حتى عضّت على لسانها , لكن الأوان كان قد فات , لكنه لم يقم بأي حركة, لكنها غزيريا , شعرت بأنقباضه , نظرت اليه في قلق , لكنه لم يكن يخبىء أحاسيسه , كان جسده الطويل بكامله مرتاحا , فجأة لاحظت أنقباض معصمه , فندمت لما قالته ووضعت يدها في يده , وهي تدرك تماما مدى قلقه وقالت:
" سوف تستعيد نظرك يا آلان , بأذن الله, أنا متأكدة من ذلك! لا تدع اليأس يشوه حظك بالنجاح , من الضروري المحافظة على الأسترخاء وعلى روحك المعنوية , فسوف يقوم سير فرانك بالعملية الجراحية في الأسبوع المقبل".
أبعد يدها عنه بغضب وأصطكت أسنانه المشدودة وراح يقول:
" يا ألهي! لا تراعي خواطري يا فلورا! ماذا تفهمين من كل هذه العمليات الجراحية؟ ألا يكفي أنني تحملت ست محاولات فاشلة؟".
ثم تابع بسخرية كأنه يقلد صوتا آخر:
" لا تخافي , أن الندبات حول عيني تخف مع الأيام , لا تهمني الندبات أنها لا تنفع في شيء, كل ما أريده هو أن أرى!".
أنفجرت فلورا في البكاء , فهي غير قادرة على تصور ما يمكنه أن يفعل أذا عرف أن لا أمل في شفائه وأنه سوف يبقى ضريرا طوال حياته.
كانت على وشك الأنهيار , بقيت صامتة طوال الوقت, ومرة أخرى أنطوى على نفسه , لا شيء تقوله يمكنه أن يخرجه من هذه الحالة الأنطوائية, وراحت تصلي كي تمر الأيام المقبلة بسرعة , جسديا, ما زالت قادرة على المقاومة , لكن كم يبقى من الوقت أمام عقلها ليتحمل كل هذا العذاب , الذي أختارت بكامل أرادتها أن تعانيه من أجل مساعدة آلان تريفل في تحقيق أمنيته العزيزة؟

روايات احلام/ عبير: قالت الزهره اهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن