8

5.3K 130 0
                                    


الفصل الثامن
كان جيل على حق. فى لاس فيغاس, و خلال الليل, لا شئ يبدو حقيقياً, مع أن لا شئ مستحيلاً. كانت فيكى فى نيويورك, و من المفترض بها أن تكون حكيمة ولا تتأثر بسرعة.
كانت فيغاس مصممة لتبهر, و هذا ما كانت تفعله, بولفار لاس فيغاس, المعروف فقط بــ"الستريب." يقدم أعظم عرض للأضواء فى العالم. الملايين من المصابيح الملونة و آلاف الأميال من نيون قوس قزح تلمع و تدور, و تتلألأ.
كانت الأنوار تلمع و تتلأل, تبرق و ترقص.

هزت فيكى رأسها باعجاب كيف يمكن للناس البقاء فى الداخل يقامرون, و هى تتساءل, بينما بامكانهم البقاء فى الخارج و التمتع بهذه المناظر الرائعة؟
"ها هم." قال جيل و هو يدل إلى أرض الأضواء العجيبة.
"الأسماء السحرية. علاء الدين, أكسكليبور, سيزرس بالاس, ذا ميراح, ذا سحارا, ذا ديونز, ذا ساندس."
مع أن الساعة كانت تقارب منتصف الليل, إلا أن الشوارع كانت مكتظة بالجموع, و الإثارة تملأ الجو.
"ما هذا؟" سألت فيكى عندما مرا قرب زواية. مشيرة إلى نيون ضخمة على شكل راعية بقر تلمع فى السماء الداكنة. بدت راعية البقر و كأنها تجلس على حرج ذهبى لامع, فى الجهة الثانية من الشارع, أرتفع نيون أكبر من الأول يُظهر راعى بقر يدور حول نفسه و كأنه يدعو راعية البقر للانضام إليه.

مشاهدة عرض متأخر؟"
أحست فيكى بالبرد و شدت السترة على جسدها. "لا, شكراً."
"هل تريدين رؤية فيل يطير؟ يمكنك رؤية ذلك هنا, يا صغيرة."
هزت رأسها. "لست مهتمة بالموضوع. شكراً على كل حال, يمكن للفيل أن يطير من دونى."
رمقها بنظرة و قال: "أنت حقاً تعنين ما تقولين, أليس كذلك؟"
أومأت مفكرة بروندا. أرادت روندا دائماً القدوم إلى فيغاس. كان هذا أحد أحلامها. لا تقومى بإخطائى نفسها, هذه كانت كلماتها.
"لقد فهمت الموضوع بطريقة خاطئة." قال جيل ذلك و هو يتفرس فى وجهها المتجهم. "لماذا يبدو عليك التعب, لمَ هكذا؟"
"لقد رأيت ما فيه الكفاية, هذا كل ما فى الأمر." قالت فيكى و هى تنظر نحو مبنى عالٍ فى نهاية الشارع. كانت الأضواء تتسارع أمام عينيها على طول الطوابق العشرين للمبنى. لم تستطع قراءة اسمه لأن كل اللافتات المضاءة أصبحت متشابكة بالنسبة لها و لم تستطيع فك رموزها.
و سألته لتغيير الحديث: "هل يوجد حقاً أسماك قرش هنا فى الصحراء؟ و نمور بيضاء؟ هل كنت تسخر منى عندما تحدثت عن البراكين الثائرة؟"
"أنها تثور فى أوقات محددة. هناك فى الميراج, لقد بنوا جزيرة بركانية, يمكننا احتساء كأس فى الهيلتون.... يوجد مقهى هادئ. ثم نعود. لا تنسى, غداً اليوم الكبير."
"لن انسى."
"انظرى إلى هذا." تمتم و هو يشير برأسه إلى أحد النوادى. "ايسانس أوف فيغاس."
"ذلك النادى."
تمعن فى وجهها للحظة, ثم المكتوب على اللافتة دبل جاك بوتس, و سألها: "هل يعجبك أى نوع من ذلك؟"
فابتسمست ساخرة: "دبل جاك بوتس؟ لا, شكراً لست مقامرة."
و سألها: "ماذا عن ذلك المكان؟ ألا يغريك ذلك؟ المكان الذى عليه الشارة الزرقاء.... باربرى كوست؟ إنه مكان شهير... فقط لعبة بلاك جاك؟ سوف أدفع؟"
"لست مهتمة بهذه الألعاب. من أين نذهب إلى سيركس سيركس؟"
"نحو الجنوب. لا أستطيع تحمل تلك الضفائر فى شعرك. أنت لا تنتمين إلى فيغاس أو نيويورك. إلى أين تنتمين؟"
رفعت فيكى كتفيها. "قلت لك نيو جيرسى. أنا أيضاً لا استطيع التعود عليك بهاتين النظارتين. تبدو و كأنك صاحب مكتبة."
"فى الواقع, أنا كذلك. عندى منزل فى التلال به غرفة خاصة للكتب. هل تقرأين كثيراً؟"
رفعت فيكى ذقنها و كأن السؤال موجود تحتها. "ليس عندى الوقت الكافى لذلك, فقط ما قرأته فى صفوف اللغة الإنجليزية."
فأصر بقوله: "ما الذى تفضلين قراءته؟"
"لست أدرى. الشعر على ما أظن."
"حقاً؟" رفع حاجبه مستغرباً. خفف من سرعته و جذبها من ذراعها حتى تخفف سرعتها هى أيضاً.
"أسمعينى قصيدة, يا فيكى. يا إلهى, كانت أمى تعرف اطنانا من القصائد.... كانت شيئاً مهماً. لم أكن بارع أبداً فى حفظ الالقصائد."
جف فم فيكى فجأة, لعقت شفتيها و ازدردت, نظرت إليه بريبة.
س
فقال بالحاح: "هيا. أننا فى مدينة غريبة فى وسط الصحراء. إننا بحاجة لقصيدة."
نظرت إلى السماء القاتمة الخالية من الغيوم. كانت تعرف عدد لا بأس به من القصائد, كانت قد حفظت بعضها من دروسها. ربما لأنها كانت تفكر بـ رواند, تبادرت إلى ذهنها قصيدة.
أخذت نفساً عميقاً و باشرت: "لا تتنهدن, أيتها السيدات, لا تتنهدن, فالرجال دائماً مخيبون للآمال.....
قدم فى البحر و قدم على الشاطئ لا شئ ثابتاً أبداً."
ما أن انتهت حتى رمقته بنظرة تحدٍ.
"هل أنت رأض الآن؟"
رفع حاجبه. "شكسبيير. من مسريحة, لا أعلم أية واحدة. لقد حفظت القصيدة فقط."
جذبها نحوه أكثر و عاودا السير من جديد. "هل تعرفين قصائد أخرى؟"
"نعم."
"أسمعينى واحدة أخرى. لنرى إذا كان بإمكانك تلاوة القصائد طول الطريق إلى سيركس سيركس."
ابتسمت فيكى بعصبية, غير مرتاحة لقربه منها.
"لماذا؟"
"لست أدرى. ربما لأنه يجعلنى أشعر بالحنين للوطن. هل بامكانك القيام بذلك؟"
"لست أدرى." حملقت به. ابتسمت شفتاه, لكن عينيه الداكنتين كانتا ما تزالان تحملان تلك التعابير الجدية.
"حاولى."
"حسناً." هزت فيكى كتفيها, و قلبها يخفق بقوة فى صدرها. كانت تخجل من من محاولة إظهار نفسها, لكنها أرادت أن تثبت أنها, هى أيضاً, تملك شيئاً من المعرفة, و لو قليلاً. ما قالته له كان صحيحاً, إنها تحب الشعر,, تحب الطريقة التى تغنى بها بالكلمات.
مرا قرب الشاليمار اللامع بينما تلت فيكى قصيدة "الحرية شئ نبيل" و كليتز أوف فيغاس وارلد بينما أطلقت العنان لنفسها للألحان الساخرة لأغنية ترو توماس و الإلف لاند كوين.

روايات احلام/ عبير:التظاهرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن