-المقدمة-

26.8K 620 60
                                    







ذات ليلة من شهر يناير و بينما كانت سماء العاصمة تضج بالرياح الباردة و الموسمية, نسيمات جوالة أخذت تعبث بأغصان الأشجار النضرة في الحقول والمروج المخضرة على مد الأعينفـ صهلت الخيول الجامحة تكتسح الصمت مبعثرة اياها كصدى مثير للسامع, شعرتُ حينها بالبر...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.



ذات ليلة من شهر يناير و بينما كانت سماء العاصمة تضج بالرياح الباردة و الموسمية, نسيمات جوالة أخذت تعبث بأغصان الأشجار النضرة في الحقول والمروج المخضرة على مد الأعين
فـ صهلت الخيول الجامحة تكتسح الصمت مبعثرة اياها كصدى مثير للسامع, شعرتُ حينها بالبرودة اللذيذة تدغدغ جسدي النحيل و انا أقوم فيها بطي الثياب بأريحية تامة
إلتففتُ ناحية المكتب الخاص بي أشاهد تلك الأوراق المتراصة تتطاير بكل أنحاء الغرفة, تتعبثر بغنج مع سيمفونية النسيم الراقي، كـ راقصة شرقية تتمايل بكل حرية كي تسقط فيها عقول الرجال بنعومة
بمجرد أن إنتهيت من توضيب الثياب، نهضتُ بهدوء متجهة للمكتب أجمع الأوراق لكن سرعان ما وقعتْ أعيني على ذاك الدفتر المميز، الدفتر الذي نُقش فيه بخط عربي جميل
"عام 1975هيلاري براون، ذات الخامس عشر ربيعاً، قصتي الأسطورية قد صاغت بحروف الذهب هنا"
ابتسمت دون شعور فوجدت أن يداي دون شعور تمتدان لتمسكان به بينما أصابعي المشتاقة باتت تتلمس سطح الدفتر الطري و الناعم, إسترسلت أناملي منصاغة مع تلك اللمسات المثيرة فلم أمنع نفسي من فتح أول صفحة بالدفتر
أغرقت أعيني فور ما أخذت قزحيتاي بلونها الأزرق تتنقل بين السطور المكتوبة و التي كانت متعرجة و فوضوية
قد كتبت تلك العبارات حينما كنتُ بسن الخامسة عشر، فخط يدي حينها كان لا يزال غير متزن و كان مكتوب بأول صفحة بيضاء و بمقدمة الدفتر القديم المصنوع من الجلد الأسود
"قيل بأن الحب الهائم لا يخضع لقواعد أو حتى قوانين البشر المتوارثة عبر الأجيال الغابرة
إن الحب قد يختلف مع إختلاف الأديان و الأماكن و حتى الأشخاص بحد ذاتهم
ستجد قصص عشق أبدية قد خلدها التاريخ على مر العصور, و تغنى الشعراء بها عبر قصائدهم التي لاتموت
و هناك أنواع شتى من الحب لم يكتب عنه في الكتب و الأساطير التي تحكى بألسن القوم
بل عاشت و خلدت بأعماق من عاشوها, و بقيت شغفهم وحدهم دون سواهم
الحب الذي عشته من نوع آخر، لم يتم تخليده سوا داخل أوتار قلبي و نقش بدفتري اليتيم المهترئ هذا
لقد عشت تجربة نادرة و غير مصدقة لدى العقول, هل يمكن تسمية ذلك الحب و العشق الهائم بالأسطورة؟!
إذن عندها سيكون حبي الفريد أسطورة تجسدت بأرض الواقع المُر
بين الشهامة العربية والعاطفة الجياشة..ماذا يمكن أن يطلق على تلك العلاقة الغريبة."
ابتسمت بعفوية حين بدأت اتذكر لحظة كتابتي لتلك العبارات المبهمة مع بداية حياتي التي انقلبت بلحظة ما, جلستُ على الكرسي منجذبة لحكايتي بعد مرور كل هذه السنين
أردت العودة و عيش تلك اللحظات الفريدة أرغب بالعودة بالزمن لآبحر غائصة بالحب العذري و كي أعرف زوجي جهاد مراراً و تكراراً،فأنا لم أشعر قط بأنني أعطيته كل ما يستحقه من حب و احترام
نعم جهاد ذاك الرجل الشهم و الرائع، الرجل العربي الذي جاء لمدينتي حتى يستثمر فيها امسكت دفتري بانسجام بعدما إتخذت مجلساً بقرب النافذة ثم أخذت أقلب صفحاته و أنا أعود مع كل حرف بالزمن
أعيش تلك الأيام وكأنها الآن.

<آهواكْ يا رجُلي..🖤>حيث تعيش القصص. اكتشف الآن