(سندس)
كنت جالسة في غرفة الاستقبال وكانت دانة تشاهد الرسوم المتحركة.
لم استطع ان اجلس هناك وان لا افعل اي شيء ناظرت الساعة كانت الثامنة مساءا. أردت الاتصال بوليد لمعرفة ان قاموا بكشف شيء لكن رن جرس المنزل.
كنت خائفة لفتح الباب في هذه الساعة المتأخرة فلا اعلم مالذي يحدث بعد الذي حدث لدانة في غيابي ومقتل الخادمة. ذهبت بخطى مرتعشة نحو الباب وسألت من خلفه, "منو؟"
أجابني صوت رجل, "انا فايز رفيج محمد فجي الباب لا تحاتين."
ذهب ذاك التوتر بعيدا وقمت بفتح الباب, "هلا فايز. سوري بس مجنت ادري انت."
أبتسم لي, "لا عادي انا اسف ييت هالحزة بس كنت ابي اتطمن عشان محمد مو هني."
"مشكور متقصر." فتحت الباب اكثر مشيرة له بيدي, "تفضل."
دخل الى الداخل وهو مبتسم مرشدته الى غرفة الاستقبال. جلس على الاريكة بينما كنت انا انظر الى مكان التلفاز لاجد دانة, سألني كأنه لاحظ توتري, "عسى ما شر؟"
"لا سلامتك بس دانة جانت تتفرج تلفزيون ما ادري وينها. عن اذنك هسة اجي."
ذهبت لارى اين هي, "دانة! دانة حبيبتي وين انتي؟"
لم ارها في الطابق السفلي لذا توجهت الى الاعلى لرؤية ان كانت في الغرفة خاصتها. كان الباب مغلق عندما فتحته وجدتها مستلقية على الفراش وهي معطية لي ظهرها لذا لم استطع رؤية وجهها. كانت واضعة الغطاء فوقها لذا تركتها وعدت الى الاسفل بعدما ادركت بأنها كانت نائمة.
توجهت الى المطبخ وسكبت عصير لفايز ثم عدت الى غرفة الاستقبال حيث كان يجلس هو. ناولته العصير وجلست.
سألني قائلا بعدما اخذ رشفة من القدح, "وين دانة؟"
"نايمة بغرفتها."
أبتسم لي وهو يخبرني, "كنت ابي اشوفها واتطمن عليها بس وقت ثاني."
"مشكور تعبتك وياية."
"لا تقولين جي محمد اخوي ورفيجي. انا متأكد انه مضلوم."
صمت ولم اقل شيء حتى اصبح ذاك الصمت غريب بعض الشيء. قال لي, "اوكي الوقت تأخر الحين. تامريني في شي؟"
"لا متقصر اشكرك هواية."
قام من مكانه متوجهين نحو الباب.
وضعت يدي على قبضة الباب لفتحه له لكن فاجئني وهو يضع يده فوق كف يدي. حاولت سحبها لكنه حوطها بقوة. رفعت رأسي بحذر وانا اناظره والخوف يتربع في داخلي. شعرت بنظراته الغريبة نحوي.
عدت الى الخلف قليلا بينما كان هو يضع تلك الابتسامة على شفتيه. قلت بصوت كاد ان يكون غائبا, "ايدي!"
أبعد يده بسرعة, "انا اسف." سحبت يدي في تلك اللحظة وأنا أشعر بحالة ارتباك حيث فتح هو الباب مغادر المكان. اغلقت الباب وانا اجهل سبب فعلته تلك.
حاولت ابعاد ماحدث عن رأسي متوجهة الى غرفة دانة في الطابق العلوي.
فتحت الباب وتفاجئت ببكائها وهي ما زالت في ذات الوضعية التي غادرتها بها اخر مرة.
توجهت نحوها فزعة, "دانة حبيبتي ليش تبجين؟"
تحدثت لكن لم أستطع فهم شيء منها بينما كنت اضع يدي على شعرها. سحبتها نحوي في تلك اللحظة واحتظنتها بقوة بعدما ادركت ان ما حدث لها قد عاد الى رأسها لكن بالرغم من هذا عاودت سؤالها قائلة, "دنو حياتي بيج شي؟ يوجعج شي؟ دتخوفيني."
قالت بصوتها المرتجف وعيناها الدامعتين, "ماما اني خايفة."
"من شنو حبيبتي؟"
سألتني وهي تحاول ضم رأسها الى صدري, "عمو راح؟"
"اي حبيبتي راح اجة يسأل عليج."
اعادت كلماتها وهي تبكي, "ماما اني خايفة."
"لتخافين حبيبتي اني يمج."
أحتظنتني بقوة حيث سحبتها نحوي اكثر محاولة تهدأتها فما مرت به مخيف جدا وربما حتى لو كان شخص بالغ يصعب عليه تحمل جميع هذا.
بعد وقت قصير ذهب بكائها وغرقت في نومها بعد نوبة تعب مرت بها.
تركتها قليلا بين احظاني وافكار كثيرة تجتاح رأسي وسؤال يعذب دواخلي حول فعلته تلك لكن شيء في داخلي كان يرفض ان يصدق وشيء اخر يجعلني لا ارى الا تلك الحقائق وان خيانته لي ولدانة هي اكثر وجعا مما ظننت.
وضعت رأسها على الوسادة وقمت من مكاني حذرة كي لا تستيقظ. خرجت من هناك متوجهة الى جارتي في السكن. طرقت الباب كثيرا حتى خرجت لي بعدما ادركت ان الساعة كانت ما يقارب العاشرة والنصف مساءا.
قلت لها بحرج, "اني اسفة بس صارت عندي شغلة ضرورية ممكن تبقين يم دانة اذا ما عليج امر هي هسة نايمة بغرفتها."
"اي حبيبتي تدللين اني هسة اجي وياج."
خرجت معي وتوجهنا الى منزلي تركتها هناك واخذت مفتاح السيارة خاصتي ذاهبة الى وليد.
لم أستطع الانتظار اكثر وهو لم يتصل بي ليخبرني مالذي حدث. تفاجئت من نفسي وانا لا استطيع التفكير بشيء غير الذهاب له.
عند وصولي الى هناك طرقت الباب من دون التفكير حول الوقت ولم اكن اعلم ان كان في المنزل ام لا لكن بسبب تشتتي ذهبت اليه بخطى مملؤة بالخذلان ومستنجدة به كي ينتهي كابوس لا اعلم متى وكيف قد بدأ ومالسبب حول جميع ماحدث لي ولابنتي.
بعد محاولات عديدة وانا اطرق الباب فتح لي اخيرا لكن كان يبدو بأنه كان نائما وهو نصف عاري يرتدي الشورت فقط. نظر لي بعيناه الناعستين وشعره المبعثر. أبعدت ناظري عنه بسرعة في اللحظة التي وضع يده على شعره وهو يشعر ربما ببعض الحرج.
أدركت ما كنت افعله لذا عدت بخطواتي وانا اخبره, "اني اسفة جان لازم اتصل. اجي بغير وقت."
أمسكني من يدي بسرعة مستوقفني, "انطري شفيج. دشي داخل حياج."
دخلت الى الداخل بخطى مترددة واقفة بقرب الباب بعد ان اغلقه. وقف هو للحظات امامي وهو ينظر. ناظرته رافعة حاجبي حتى قال اخيرا, "حياج بلبس ثيابي واييج."
توجه هو الى الداخل وذهبت انا الى غرفة الاستقبال. بعد لحظات قصيرة عاد وهو يرتدي تي شيرت. ابتلعت ريقي محاولة التغاضي عما حدث حتى قال وهو يجلس, "اي تو ما نور البيت."
اخبرته قائلة, "اني اسفة ادري الوقت متأخر بس بقة بالي واريد اعرف اذا صار شي جديد."
شعرت بنظراته نحوي. استرسلت, "وليد مدا اعرف افكر ابد."
قال بعد لحظات, "معاج حك. انا بحاول افهمج عشان جي لا تحاتين سوي الي تبي وماني حاكم على اي شي."
"اشكرك وليد على كل شي."
"الي تامرين فيه."
قلت له, "هسة شنو الي صار؟ لكيتوا شي بمكتب محمد؟"
"هية. في جهاز تنصت."
صرخت قائلة, "شنو؟ منو حاطة؟"
"للحين موب متأكدين منهو عشان جي ما اتصلت فيج كنت أبي اتأكد ناطر اتصال."
"ويطولون حتى يعرفون؟"
"انطري بشوف تليفوني."
ذهب الى الداخل حتى عاد وهو يحمل هاتفه قائلا لي, "غياث مطرشلي رسالة الحين بتصل في."
رن على غياث بينما كنت انا اجلس هناك خائفة ان كشف امر لا اود سماعه. شعرت بتوتر كبير. أتى وليد وجلس بقربي حتى اجاب غياث وقام هو بفتح السبيكر كي استمع لحديثهم.
"هلا غياث."
"هلا طال عمرك. شحالك؟"
"الحمدلله. انا اسف كنت نايم من طرشت لي المسج. شلي صار؟"
"في جزء من الكلام الي صار في الدار بس للحين ماني متأكد. يعني بيكون قرارك الاخير."
"اي سمعني شلي سمعتة؟"
"حوارات وايد. سمعت حوار بينة وبين حرمة اسمها علا. ومع مرضى وايد. بس تعقبت منهو الي خش الجهاز هنيك!"
وددت ان استمع لكن كنت خائفة كثيرا لمعرفة حقائق اخرى. في تلك اللحظة امسك وليد بيدي وهو يخبر غياث, "منهو؟"
"في شخص في الشمفى طال عمرك. تأكدت وكان اسمة فايز!"
صرخت بدون وعي, "فايز!؟"
قال غياث, "في شخص حذاك طال عمرك؟"
اجابه وليد, "لا تحاتي غياث. ومشكور ما كصرت بكرة بتصل فيك عشان نكمل كلامنة."
"الي تامر فيه طال عمرك."
أغلق الهاتف ونظرت الى وليد وانا اشعر برهبة حتى قلت له, "فايز؟ صديق محمد!"
"باين جي. في لغز للحين موب عارفينة وايد."
ذكرت مجيئه الى المنزل وتلك اللحظة الغريبة التي حظينا به عند الباب. لكن لم اكن اعلم مالذي كان يحدث بالفعل كالعادة, اهو كان اتفاق مع محمد؟ ام انه طعن من اقرب الناس اليه كما طعنت انا منه!
نتأمل شخص لفترة طويلة ويكون بقربنا حتى نكتشف بأنها ليست الا كذبة لا يمكن الهروب منها مهما حاولنا جاهدين.
نصاب بالاشمئزاز من الذي وصلنا اليه بسبب قرارات قد اتخذناها حبا بهم وحبا بقربهم. حتى ذاك القناع الذي يرتدوه يخلع رغما عنهم, بعدما ان تصبح نصف الحقائق امامنا ولا يمكن التغاضي عنها وفي ذات الوقت لا تعلم ان كان انت من طعن في قلبه ام هم من فعلوا ما فعلوه مجبرين وبسبب ماضي لا يستطيع مغادرتهم ولا هم لديهم الشجاعة لمغادرته.
لغز غريب وخدعة بشعة تكشف شيء فشيئا حتى يكون الندم هو الشعور الوحيد الذي يترك بعد ان نغادرهم وبعد ان يغادرونا.
ادركت حينها بأن كل شيء قارب على الانتهاء. وان الموعد الرحيل قد حان لا محالة. ادركت كلمات #شهرزاد الخليج وهي تيقن بتلك الجولة الاخيرة, "بالامس .. تجولت في كل أعماقي .. واتكأت على كل زوايا قلبي .. وصافحت كل الاحاسيس في داخلي .. وكأنك تترك البصمة الاخيرة .. في الجولة الاخيرة!!"
.
.
يتبع ..
Part 11
Start from the beginning
