Part 9

1.3K 46 9
                                    

(سندس)

لم أستطع التفكير بشيء وانا استمع لرنين جرس المنزل. لذا تصنمت في مكاني وهو يعيد صوته لعدت مرات وكان ما يزال وليد في الطرف الاخر لكن لم أستطع محادثته في الوقت الذي ظننت بأنه يحادثني كي استيقظ من هذه الصدمة.
بدأت الافكار تجتاحني حول قدوم رجال الشرطة الى محمد. لماذا يحدث شيء كهذا؟ لماذا يقومون بالقبض عليه كأنه أرتكب جريمة كبيرة.في الوقت ذاته, نعم! لقد ارتكب جريمة في حقي ويجب على قاضي ان يحكم بها لكن يا ترى ماهو الحكم المناسب لرجل خائن لأمرأة أحبته؟ هل الامر بهذه الجدية التي لا ادركها حتى أتضح بأنه اكبر من خيانة رجل لامرأة. اكبر من خيانة حب قد وشم على قلب عادته الظروف.
سمعت صوت وليد على الهاتف بينما كنت ما ازال واقفة وكأنني منومة مغناطيسيا, "سندس. سندس! تسمعيني؟"
أخبرته وقد بدى صوتي كالجليد وانا احادثه, "وليد! شنو الي ديصير؟"
"سندس ركزي معاي. لا تحاتين هالشي لمصلحتج انتي ودانة."
كما لو اني مشاعري تجردت في تلك اللحظة. فتح باب غرفة دانة في تلك الاثناء ورأيت محمد يقف هناك حتى بدى بأنه استيقظ لتوه بشعره المبعثر.
نظر لي قائلا, "اروح افتح الباب حبيبي واجي." قبل ان يذهب سأل قائلا, "ويامن دتحجين؟" لم اقل شيء واكتفيت بالصمت حتى ذهب بسبب استمرار رنين جرس المنزل.
لم يكن يعلم بأنه لا يستطيع العودة. أردت ان اصرخ واخبره بأن يتوقف لكن شعرت بأنني لا استطيع الحديث. كما لو ان لساني قد ابتلع وقد فات الاوان لقول شيء حتى سمعت صوت ضوضاء في الاسفل.
صرخ وليد حتى جعلني اصحى من هذا السبات الوقتي, "سندس قاعد اكلمج."
لم أستطع مقاومة ما كان يحدث لذا بدأت بالبكاء وسقطت ارضا. صرخ مرة ثانية, "سندس كلميني شفيج؟"
قلت وانا أحاول ان احارب دمعاتي, "وليد ليش راح ياخذون محمد؟"
"بيي وكلمج وخبرج كل شي عشان جي هدي."
لم أستطع ان اتجه الى الاسفل لرؤية ما يحدث. قلت لوليد, "الله يخليك تعال بسرعة."
"اوكي بعد ساعة اكون حذاج."
أبعدت الهاتف من على مسمعي حتى أصبح الهدوء يعم أرجاء المكان في الاسفل مما أدركت بأنه قد ذهب ولا أعلم متى سوف يعود لي.
أهو الحب من يجعلنا ليس الا حمقى؟
الم يكن هو ذاته الشخص الذي ذبحني وها انا هنا أبكي عليه بسبب ذهابه بعيدا؟ مالذي كنت اوده بعد الذي حدث؟ برغم انني لم اكن اعلم مالذي كان يحدث حقا لكن أردت ان اصرخ كي أبرر وقوفي هنا دون حركة.
الغريب بأنني شعرت مذنبة لانني لم اخبره بأن يتوقف ولا يذهب لكن تركته لتلك النار تبتلعه وانا موجهة له تهمة بعيدة عن التي جاءوا بسببها. لكن الم يكن ذنب يقتحم القلب وجعا مهما كان السبب؟ فقد كان مذنبا في كل الاحوال وقد كشفت بعض الالاعيب ولا توجد مضاهر خداعة بعد الان. ربما لهذا وقفت صامتة هناك دون فعل شيء. الم يقل أحدهم, "أدق الاشياء, تجرح بما يكفي لنلتزم الصمت لوقت أطول!"

(وليد)
أنهيت الاتصال بعد أن أرادتني أن اكون بجانبها لاذهب لها لانني كنت على يقين بأن حالتها سوف تسوء حتى قبل معرفة سبب ما يحدث.
لن أود ان تتفاجئ وتعلم من غيري لهذا قررت الحديث ولا أعلم ان كنت ما فعلته هو الصائب لكن أردت أن تستمع مني كما لو انني كنت مسؤولا حقا حول جميع ما حدث.
في هذه الاثناء خرجت من المنزل واخذت دراجتي النارية متوجه الى منزلها. عند وصولي الى هناك كان ما يزال حول المنزل القليل من الشرطة لذا لم أود أن أظهر نفسي حتى ذهبوا لكن أتصلت بنايف للتأكد حول الامر لانه كان من ظمن الاشخاص الذين ذهبوا الى هناك لالقاء القبض على محمد.
"هلا نايف."
"هلا وليد شحالك؟"
شعرت بأنه لم يكن لوحده وكانت عناصر الشرطة الاخرى تحيط به لذا سألته قائلا, "محمد الحين معاكم؟"
"هية. في شي؟"
"أتصلت في سندس وكانت تبيني حذاها. في عناصر تراقبهم؟"
"طريقك سالم يالعشير لا تحاتي."
أغلقت الهاتف وتوجهت الى هناك.
باب من الحيرة يفتح امامك ولا تعلم ان كان غلقه ام المضي فيه هو من القرارات الصائبة لكن شيء واحد يفسر جميع افعالك الا وهو قلبك.
لا تعلم ان كنت سوف تحظى بمن احببت لكن تحاول فعل كل شيء لترى بأنهم في مأمن. تحاول فعل المستحيل وتجعله ممكن فقط لاجلهم برغم انه ربما ولاول مرة في هذه الحياة يجتاحك احد انواع الخوف, بسببهم فقط! لكن تمضي الى الامام عندما تظن بأنك ولو بنسبة ضئيلة على حق. بسببهم تفعل ما لا تتوقع فعله في حياتك قط.
نجهل طريق نسير به ولا نعلم ماهي نهايته لكن نكمل مسيرته بكل قوانا العقلية او ربما لعدم وجودها نمضي به لكن يبقى جوابا لذاك السؤال بأن السبب الوحيد يعود اليك يا سيدتي. فحتى عندما تسائل محمود درويش, "لماذا نسائل هذا الطريق لاي مصير يسير بنا؟ ومن اين لملم اقدامنا؟" فقط لانه يود التأكد ربما بأنه سوف يبقى بجانب من يحب في ذات الطريق.
طرقت حتى فتح لي بسرعة وقد وقفت أمامي فزعة.
عيناها, هي عيناها التي كانت تقول اكثر بكثير من الذي سوف تنطق به. بدت متعبة جدا وهي ضائعة لا تعلم مالذي يحدث. حيرة كبيرة ترمي بألاف الاسئلة ولا اعلم اي الجواب هو الاصح.
وقفت هناك لا اعلم مالذي علي ان انطق به غير انني كنت اود عناقها. كان هذا اكثر ما اود فعله في تلك اللحظة حتى أيقظتني دموعها وهي تخبرني, "وليد شنو الي صار؟"
دخلت الى الداخل واغلقت الباب خلفي, "طيب هدي عشان اخبرج."
جلسنا في غرفة الاستقبال قائلة لي, "ليش اخذوا محمد؟"
"بالاول ابي اعرف شلي خبرتج دانة فيه؟ يعني خبرت المخفر شي يوم اخطفوها؟"
رفعت حاجبها وهي تتكلم بصوتها المتعب, "المخفر؟ محد حجة وية دانة واني مسألتها تعرف دخلت للمستشفى وجانت تعبانة محبيت اخليها ترجع لذيج الايام وجنت اريد اسأل دكتور نفسي شنو الصح الي لازم اسوي لان بعدها دتعاني ومصار هواية من ردت."
"سندس ضروري اكلم دانة."
"وليد مستحيل. وشي ثاني مجاوبتني محمد ليش اخذوا؟"
"بالاول ابي اتأكد من دانة بعدها اخبرج."
"وليد ....." في هذه الاثناء قاطتها دانة وهي تنادي عليها متوجها نحونا, "ماما."
قامت سندس من مكانها متوجها اليها, "حبيبتي شونج اليوم؟"
"اني زينة." ناظرتني وهي تبتسم, "هلو عمو."
أجبتها والابتسامة على شفتي, "هلا حبيبتي. شحالج؟"
قالت لها سندس قبل ان تجيبني, "يلا حبيبتي روحي غسلي واني هسة احضرلج الريوك."
طبعت قبلة على وجنت سندس ثم توجهت الى الخارج. قلت لها, "ضروري اكلمها."
قالت بأصرار, "مو قبل ما اعرف ليش اخذوا محمد."
قلت بصوت كاد ان يكون غائبا, "مابي اجرحج."
"مفتهمت! شنو الي ديصير؟ وشنو علاقة تحجي وية دانة حتى تكلي ليش اخذوا محمد؟" لم اجبها حتى قالت بنبرة صوت عالية, "وليد دا احاجيك ليش؟"
لا أعلم مالذي حدث لي ونبرة صوتي ترتفع أيضا مخبرها بغضب, "عشان قاعد يخونج واهو الي خطف دانة فاهمة الحين!!"
ناظرتني بصمت. صدمة واضحة قد بدت على ملامح وجهها الجميل. أبتسمت في بادء الامر وجلست على الاريكة حتى بدأت بالضحك بصوت مرتفع. شعرت في تلك اللحظة بأنني أخطأت ولم يكن يجب علي أخبارها وقول الذي قلته.
توجهت نحوها جالسا بقربها. لم اكن اعلم ما كان يجب علي قوله حتى بدأت تلك الضحكات الى بكاء هستيري واضح.
أردت تهدأتها في تلك اللحظة حتى اقتربت منها وسحبت رأسها على صدري وهي ما زالت تبكي. كانت تتحدث لكن لم استطع فهم مالذي كانت تنطق به بين تلك الدموع الغزيرة المنحدرة من عيناها.
"سندس تكفين هدي. ما كان ودي اخبرج وعشان جي كنت ابي اكلم دانة."
لم تنطق بشيء لفترة حتى أصبحت ساكنة وهي ما زالت تضع رأسها على صدري. شعرت بأنفاسها التي كانت تلتقطها. أبتعدت عني واعتدلت في جلستها. وضعت كلتا يداها على وجهها للحظات ثم مسحت عينيها قائلة بصوتها المبحوح, "محمد الي خطف دانة؟"
"هذا الي توصلنة له."
سألت بصوت بارد, "شون؟"
"في حرمة اسمها علا مايد العلي سيارتها نسرقت والي سرقوا السيارة من كنتوا في المشفى شفتهم هنيك وبعد ما وصلنا لهم خبرونا واعترفوا ان محمد له يد في السالفة وانه كان يبي يورط علا عشان جي نفذوا العملية في سيارتها."
"علا منو؟"
"علا بظن تكون عشيقة محمد القديمة او يمكن للحين بس ماني فاهم السالفة وايد."
ضحكت مستهزئة, "عشيقتة؟ لا وطلعوا عصابة بعد." قامت من مكانها ثم صرخت, "وشنو الي يردوا مني ومن بنتي؟"
قمت من مكاني ووقفت بقربها, "سندس هدي عشان نعرف الي قاعد يصير. الحين محمد عند المخفر وبيحققوا معاه وانا ونايف ناطرين شلي علا بتسوي وابي اكلم المخفر عشان يكلموا دانة!"
أمسكت يدي مسترجية, "وليد الله يخليك طلع دانة من الموضوع."
ناظرت يدها وهي تحوط يدي ثم نظرت اليها عن قرب. عندما شعرت بغرابة الموقف عادت الى الخلف ساحبة يدها بسرعة. حاولت ان اتلافى الموقف قائلا بتلعثم, "لا تحاتين ... مستحيل بيصير شي ودانة معاي بس اقوالها ضروري تكون عند المخفر."
"بس وليد ماريدها تتأذة اكثر."
"ومن خبرج انا ودي بشي مثل هذا؟ انا ابيكم تعيشون مستانسين وكل شي بينتهي."
صمتت للحظات كأنها كانت تفكر في كلامي حتى سألت اخيرا, "واكدر اثق بيك؟"
أبتسمت لها, "اكيد."
قالت منكسرة, "ومتسوي بية مثل الي سواه محمد؟ اكثر شخص وثقت بي كسرني! تتوقع شي صحيح اسلمك بنتي هسة؟"
كانت محقة لكن برغم هذا لم استطع ان لا اجرح من كلماتها. "مع الوقت تتأكدين اني ابي لج ولدانة كل الي يسعدكم."
لم تقل شيء حتى فضلت الصمت. أتت في هذه الاثناء دانة من جديد. قالت لسندس, "ماما غسلت."
ناظرتها سندس ثم ناظرتني وفي عينيها تصرخ النجدة.
هو كلام العيون وحده لا غير الذي يفضح جميع ما نود قوله حتى لو لم ننطق بشيء لكن وحده ذاك الكلام الذي يخبر من امامنا ما نود قوله بالتفصيل دون ان نفكر بصياغة جمل طويلة ونعيد صياغتها حتى نجد الكلام المناسب لكن تكون اعيننا قد تحدثت قبل هذا العديد من الكلمات.
كما لو انني في تلك اللحظة كنت أستجي ما قاله #فاروق جويدة وهو يصف عيناها, "عشقت بعينيك نهرا صغيرا سرى في عروقي. تلاشيت فيه. حملت اليه جميع الخطايا وبين ذنوبي تطهرت فيه." نعم فقد كان محق وانا انظر لما تحمله عينيك من اسرار فوحده النهر الذي يحمل اسرارا قد يطيل شرحها وذنوبا قد تفاجئك لوهلة وتقتلك لوهلة اخرى.
أخبرتهم قائلا, "اوكي الحين انا بسير."
لم تنطق هي بكلمة. ذهبت نحو دانة مقبل وجنتيها, "حاسبي على عمرج يالحلوة."
أبتسمت لي دانة ملوحة بيديها وانا اتوجه الى الباب, "باي عمو."
نظرت لسندس لاخر مرة قبل خروجي وهي تبادلني بنظراتها حتى خرجت من هناك بسرعة.
أخذت دراجتي النارية وبدأت اتجول قليلا في شوارع الدوحة كما لو انني أبحث عن مخرج لكل شيء. شعرت بالغضب وانا لا أعلم لماذا لم يفعل المخفر شيء حتى تلك اللحظة لذا توجهت الى هناك.
عند وصولي الى هناك كان معظم الرجال مشغولين حول أمر القاء القبض على محمد لكن لم أتردد في لحظة وتوجهت الى غرفة المدير لكن وانا في طريقي الى هناك رأيت نايف حتى تفاجئ بوجودي.
"شقاعد تسوي هني؟"
"شفيك؟ ابي اكلم المدير الزفت."
"تعال معاي."
"بعدين بكلمك بالاول ابي اكلمة."
"وليدو بخبرك تعال معاي المكتب."
ذهبت معه واغلق الباب خلفنا. سألني قائلا, "شلي قاعد تسوي هني؟"
"نايف شفيك ماني ارتكبت جريمة؟ انا بس استقاليت من هني.""
"احلف! يعني الحين ماني داري باللي قاعد تقولة بس ابي الزبدة."
"اي زبدة الله يهداك مافي شي."
"شلي صار مع سندس؟"
"ولا شي بس عشان كنت حيوان خبرتها ان محمد اهو الي خطف دانة."
"وشلي قالتة لك؟"
"ماخبرتني وايد بس ماتبي يصير شي ثاني لدانة."
"طيب والحين؟"
"ابي اكلم المدير كيف للحين ماخذوا اقوال دانة؟؟"
"اي خبرتة بس قالي انها ياهل."
"من صجة هذا؟ البنت تفهم كيف يعني ياهل؟ والله اهو الوحيد البزر الي ماني عارف وين يبي يودنة بأفكارة الخايسة."
"طيب للحين مافهمت ليش انت هني؟"
"ابي اخبرة يكلم دانة يمكن تخبرنة شي."
ناظرني نايف للحظات ولم اكن اعلم مالذي كان يفكر به, "شفيك؟"
"مشي معاي بنروح له."
"وشحقة ياي معاي؟"
"بقلك مشي معاي. مابيصير نشغل جي بيكون احسن لو ترد الشغل."
"انت من صجك؟ مابي ارد معاه لا وبعد اطلب منة يردني؟ ينيت انت؟"
"ومن قال نطلب منة مشي معاي ولا تحاتي."
ذهبت معه متوجهين الى مكتب المدير وانا لا اعلم مالذي كان يفكر به نايف لكن كالعادة كنت واثق بأنه سوف يفعل ما أوده.
عند دخولنا كان المدير يتحدث على الهاتف حتى قال اخيرا, "اوكي انا بكلمك وقت ثاني طال عمرك."
أغلق الهاتف وهو يناظرني متعجبا, "شلي بتسوي هني؟ انت استقاليت."
أردت الحديث لكن أمسك نايف يدي كأنه يمنعني من قول كلمة حتى أخبرني, "وليد هني عشان انا خبرتة بيي. ماني قادر اكمل شغل من دونة وانت عارف الحين المتهم الدكتور محمد هني والموضوع جايد شوي."
ناظرني وليد, "شلي قاعد تقولة؟ انا ييت هني عشان ابي اعرف كيف للحين ماستدعين البنت الي نخطفت ولا كلمتها؟"
قال ببرود, "كصر حسك." وجه الكلام الى نايف, "الحين عرفت ليش رفيجك استقال وكنت ابي يسوي جي!"
ناظره نايف. استرسل المدير, "دومة يصارخ وموب عارف شلي قاعد يسوي." قال لي بعدها, "الحين تبي نستدعي بنت في قضية مثل هذي؟"
قلت وانا احاول الحفاظ على غضبي, "عشان البنت الي قاعد تتكلم عنها اهي الي نخطفت وممكن تكون شافت واحد يوصلنا ليش محمد قاعد يسوي جي."
"بس محمد معانا يعني مافي داعة لكل هذي الوية المسويها."
"بظن ان محمد ما يعترف ويخبرك اهو الي خطف بنت حرمتة طال عمرك."
اضاف نايف, "بنستدعي دانة وبعدها اذا تبي انا بنفسي استجوب محمد."
قال المدير بتحدي وهو يناظر وليد, "لا خليك انت! وليد الي بيسوي كل هذا."
قلت له بكبرياء, "ومن قال اني ابي ارد الشغل؟"
قال المدير, "هذي فرصتك الاخيرة. وانت الي تسأل دانة الي تبي وتستجوب محمد ونايف معاك وانا ناطر لين ما توصل للنتيجة."
قال نايف قبل ان اقول كلمة للمدير, "لا تحاتي بيسوي الي تبي وبنحل القضية طال عمرك."
قال المدير وهو يناظرني بحذر, "اوكي ناطر الاخبار السنعة."
أجابه نايف, "الي تامر فيه يا طويل العمر."
خرجنا من هناك وانا لا انكر بأنني كنت سعيد لانني استطيع الان ان افعل ما اوده في هذه القضية من دون ان اخبر نايف ما عليه فعله وبعدها انتظر لفترة كي اعلم مسار الامور.
قال لي نايف ونحن نتوجه الى مكتبه, "الي تامر فيه يالعشير بس عشان تشوف كيف رفيجك يسوي الي تبي دون حتى ما تطلب."
"والله انك على راسي."
ضحك قائلا, "سير مكتبك."
وأنا اود التوجه الى مكتبي تفاجئنا انا ونايف بوجود علا مايد العلي وهي تتوجه نحونا.
ناظرني نايف ثم ناظرها حتى قال لي بصوت خافت, "هذي شلي قاعد تسوي هني؟"
قلت له بصوت خافت, "عشان محمد!"
كنت أعلم بأنه الى الان لا يود تصديق شيء كهذا لكن كانت هذه المرة الاولى لوجودها هنا وقد ظننا واردنا معرفة مالذي سوف تفعله بعد معرفتها حول وجود محمد هنا في المخفر وحول سبب اعتقاله.
وقفت امامني مبتسمة, "مرحبا."
"هلا والله."
قال لها نايف, "عسى ما شر. اشوفج هني!"
"كنت ابي اكلمك عن قضية محمد. ليش اهو هني؟"
"هكيت الريايل الي كانوا عندج خبروج اهو الي خطف بنت حرمتة."
"اي وانت الصاج! راح من بالي."
قلت لها, "طيب ليش انتي هني؟"
قالت وهي تنظر لنا كما لو انها غير متأكدة في طرح السؤال. سألها نايف, "تحجي!"
"ابي اشوف محمد."
قال نايف, "ما يصير الحين. بعد التحقيقات."
قلت لنايف, "ممكن اكلمك شوي. عن اذنج."
ذهبنا بعيدا عنها كي احادثه, "شفيك انت؟ بيكون احسن لو كلمتة عشان نعرف ليش اهي هني. بظن علاقتها مع محمد ماهي فقط علاقة حب."
لم يجبني. كنت أعلم بأنه صعب عليه هذا الموقف لكن كان لابد له من ان يدرك بأن ماحدث هو لعبة قد خططت وما زالت تخط بحذر اكبر.
قلت له, "شلي قررتة يالعشير؟"
"اوكي الي تشوفة. وانا بفهم منها بعدين شلي قاعد يصير."
عدنا لها مخبريها بأنها تستطيع رؤيته لوقت قصير. لم تبدي اي ردة فعل غير انها شكرتنا مما زاد الامر غرابة.

(محمد)
لم أكن اعلم الذي كان يحدث ولماذا قامت الشرطة بأعتقالي. تفاجأت كثيرا بوجود احد العناصر الذين قابلتهم من قبل حيث كان هو يتصدر هذا الدورية التي أتت الى منزلي.
لم يقل نايف شيء غير انه أعتقلني من امام باب المنزل الخاص بي وكانت سندس فوق بجانب دانة. ظننت بأنه سوف تأتي حتى انني قمت بمناداتها لكنها لم تجب.
وضع نايف الاصفاد في يدي ومنعني من تغيير ملابسي أخذني الى المخفر ولم ينطق بكلمة غير انه قال لي, "انت متهم بجريمة خطف. اي كلمة تقولها تنحسب ضدك. يحق لك تتصل في المحامي حكك"
نقلوني الى هناك وانا اجهل عن اي جريمة خطف قد اتهمت بها ولم اكن اعلم عن خطف من كان يتحدث لكن فضلت الصمت كي لا تتعقد الامور.
عند وصولنا الى مخفر الشرطة وضعني في غرفة صغيرة لها ضوء خافت جدا. كانت توجد في الوسط مائدة وكرسيين فقط حولها.
جلست على أحد الكراسي وما زالت يداي مكبلة في الاصفاد.
كنت ضائع حول جميع ما يحدث ولم اكن اعلم كم مر من الوقت على جلوسي هناك حتى فتح الباب اخيرا ودخل أحد الضباط الى هناك. لم اكن اعلم من هو ولم التقي به من قبل. جلس في الكرسي الذي كان يوجد أمامي.
قال لي, "انت محمد سليمان؟"
"اي اني! ممكن اعرف ليش اني هنا؟"
"انت متهم في قضية خطف دانة عمر."
ناظرته حتى لم أستطع ان لا اقهقه في هذه الغرفة الصغيرة وحول وجودي هنا بسبب تهمة كهذه.
قال لي, "شلي يضحك وايد؟"
"يعني هسة تهمتي خطف دانة عمر؟ الي هي تكون بنت زوجتي صح؟"
"هية طال عمرك."
"حلو."
ناظرت يمينا ويسارا قائلا له, "هذي الكامرة الخفية صحيح؟"
"دكتور محمد لو بتحب تتصل في محامي عشان في أعتراف ضدك يأكد اختطافك البنت."
قلت في حيرة من امري, "اعتراف ضدي اني؟"
"نعم وفي بعض الادلة تأكد الشي هذا وللحين التحقيقات مستمرة عشان جي انا بنصحك تتصل في محامي."
"ممكن اكلم زوجتي؟"
"ما بيصير تكلم اي شخص الحين لين التحقيقات بتنتهي."
"بس اريد احجي وياها ضروري. هي تعرف اني مسويت هيج شي."
قام من مكانه وهو يخبرني, "دكتور محمد في شي تحب تضيفة للقضية ولا بتتصل في محامي؟"
لم أقل شيء كما لو انني كنت اضرب عن الكلام عندما منعني من مقابلة سندس لذا انتظر ردي للحظات وعندما ادرك بأنني فضلت الصمت تركني ورحل.
كنت جالسا هناك وانا اشعر بأنني اغرق في بحر مالح جدا لا اعلم كيف سأخرج منه لكن اكثر ما كنت اوده هو رؤية سندس لتنفي عني تهمة كهذه.
بينما كنت ضائع بين العديد من الاسئلة في غرفة نورها يتعب القلب فتح الباب ودخلت امرأة لم اكن اتوقع وجودها ابدا.
تقدمت وجلست امامي. نظرت لي وانا مكبل الايدي.
نظرت لها وانا لا اصدق بأنها تجلس امامي حتى انني لم اعلم مالذي علي قوله غير النطق بأسمها من صدمة الموقف, "علا!"
أكان حقا في تلك اللحظة بالذات مهم هو سؤالها عن تواجدها؟؟

أسئلة كثيرة نقوم بسؤالها لنا ولهم ولا ندرك الا اننا في دوامة خالية من الاجوبة. ربما ننخدع بجواب قد ينطق ونصدقه حد الكذب ولا يدفع ثمن هذه الكذبة غيرنا.
الم تقل #احلام مستغانمي "الأسئلة غالبا خدعة, اي كذبة مهذبة نستدرج بها الاخرين الى كذبة اكبر." فما نحن الا محوطين بأكاذيب كثيرة لا نعلم كيف نخرج من الاولى حتى نتعلق بالاخرى!
ربما هو السؤال الشيء الوحيد لاستمرار الحديث لكن مالفائدة من خدعة قد جردتنا من كل شيء وجعلتنا نكابر بجعل انفسنا اننا لا نعلم مالذي يدور ما حولنا. والاغرب من هذا كله نتفاجئ حول حدوث بعض الاشياء المتوقعة التي نعلم بأنها سوف تحدث لكن نتفاجئ كثيرة حتى يظن من امامنا بأنها ليست الا خدعة مظاهر!
.
.
يتبع ...

رواية خدعة المظاهرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن