(وليد)
عند دخول نايف الى منزل سندس وطريقة حديثه شعرت بأنه ليس بخير. لاحظت هذا من طريقة كلامه, يديه التي كان يحركها كثيرا وهو يتحدث حتى بان عليه التوتر.
عند خروجنا من منزل سندس سألت نايف, "انت بخير؟"
وضع يده على عيناه قليلا ثم ابعدها وهو ينظر الى حيث لا اعلم قائلا لي, "ماني عارف."
"طيب بنسير من هني. بنروح البيت حكي عشان تريح؟"
"لا خلينا نسير المشفى عشان نفتش دار محمد."
"متأكد."
"بنسير يالعشير."
كنت أعلم بأنه كان يعاني الكثير لكن فعلت ما اراده وأردت ألبقاء بجانبه اينما ذهب فقط للتأكد بأنه بخير.
توجهنا الى المخفر وقمنا بكتابة طلب للمشفى حول امر تفتيش المكتب الخاص لمحمد. بعد هذا توجهنا انا ونايف الى المشفى التي يعمل بها.
عند دخولنا قابلنا رئيس المشفى مقدمين له الطلب حول امر تفتيش المكتب.
قال لنا, "اني اسف جدا لان هالشي صدر من المستشفى مالتنا."
قلت له, "ما عليك بس نبي نتأكد وللحين مافي شي واضح يعني ممكن يكون الدكتور محمد ماله يد في السالفة بس في اعترافات عليه."
"سمعت مع الاسف."
قال نايف, "اوكي الحين عن اذنك عشان نفتش الدار."
"اذنك معاك. اخذوا راحتكم."
توجهنا الى غرفة محمد حيث قامت احدى الممرضات الى اخذنا هناك. دخلنا انا ونايف الغرفة وبدأنا بتفتيش بعض الملفات الموجودة.
كنت أنا افتش الاوراق الموجودة على مكتبه وكان نايف يفتش الخزانة ومكتبة بالقرب منها حيث تحمل ملفات كثيرة.
بعد وقت طويل قد مر ونحن نعبث بأوراق تعود لمرضى كثيرين وحول امراض غريبة لم اسمع في حياتي قط عنها اعلن نايف استسلامه.
"مافي شي هني. قاعدين نضيع وقتنا."
"بس حاس في شي."
"مافي ورقة ما شفناها وكلها تخص مرضة يعني موب شي غريب اهو دكتور وهذا الشي الي بنلقاه هني."
"هية بس اكيد بيكون ناسي شي."
اجابني بخيبة امل, "ويمكن بيكون محمد مالها يد في السالفة وعلا المتهمة الوحيدة. لو بتفكر في الموضوع بتلاقي الجواب."
"كيف يعني؟"
"اهي الي اتصلت فينا وخبرتنا عشان الريايل الي امسكتهم واسرقوا سيارتها واهم الي اتهموا محمد وكلامهم مع بعض. يمكن اهي تبي توهمنا ان محمد اهو المتهم."
كنت متعجب من كلامه وهو يقول لي برغم انه كان يتوجع مما حدث. فكرت قليلا ربما يكون على حق لكن أردت منه ان يتأكد قبل أن يخدع بكلام ودلائل لا حقيقة لها.
"لا تستعيل. بشوف الحين الكومبيوتر يمكن بنشوف شي هني."
قمت بفتح الحاسوب لكن كان يتطلب كلمة سر. قال نايف, "اوكي شلي بنسوي الحين؟"
"بنرد المخفر وبنطلب كلمة السر من محمد."
"بس للحين اهو موب مجبور يعطينا اي شي. يعني للحين يبي محامي وبعدها بنقرر."
"وانت الصاج. اوكي بتصل في غياث."
أخرجت هاتفي من جيب بنطالي واتصلت بغياث. بعد لحظات قصيرة وبينما كان الهاتف يستمر في رنينه كنت اراقب نايف وانا اشعر بالاسف حول أمره.
أجابني قائلا, "هلا طال عمرك."
"هلا غياث شحالك؟"
"الحمدلله وسهالة. وانت؟"
"ابيك تساعدني؟"
لم يجب بسرعة حتى ظننت بأن الخط قد فصل, "الو!"
"اي طال عمرك الي تامر فيه."
"فيك شي؟"
"لا خبرني شلي تبي."
"اوكي ابي اعرف كلمة السر الكومبيوتر خاص بمشفى."
"اي موب صعبة ابشر يا طويل العمر."
"طيب شلي تبي؟ يعني تيي هني ولة شون؟"
"مرني المكتب وانا اخبرك."
"اوكي الحين ياي انا ونايف."
"ناطركم."
أغلقت الهاتف واخبرت نايف بتوجهنا الى مكتب غياث ليخبرنا كيف نقوم بفتح الشيفرة الخاصة بالحاسوب.
كالكلمات المتقاطعة نقوم بالتفكير حول امرها لنكتشف شيء جديد وتكتمل جميعها لكن دون ان تكون مترابطة فنتفاجئ بصورة مختلفة عن التي كنا نبحث عنها.
ليس من الضرور ان تكون الصورة كما احببنا فذاك القناع يكون كالغشاء امامنا ونخدع بمظاهر لا نعلم بحقيقة امرها الا بعد مرور الوقت.
ربما كنت خائف من اكتمال الصورة. كنت خائف من ان تكتمل تلك الرواية التي كنت ابحث لنهاية لها حتى لا تبتعد عني. ادركت لحظتها حقيقة ما قاله #محمد عبدالرحمن, "أنت أجمل رواية اخاف كتابتها وتنتهي." فهي كانت بالنسبة لي اجمل شيء في الوقت الذي اود ان اكشف الحقائق له والخوف يتوسد في داخلي حول انتهاء امر لطالما اردت استمراره فقط لاكون بقربها.
وصلنا انا ونايف الى مكتب غياث عند دخولنا فاجئني وهو يسألني حتى قبل ان يلقي التحية, "طال عمرك وين كنتوا وانت تتصل فيني؟"
"كنا في مشفى عيادة الدوحة في دار دكتور."
سأله نايف, "ليش؟ في شي؟"
"في اجهزة تنصت في الدار عشان جي ما خبرتك التي تبي وانت هنيك."
تفاجئت قائلا, "وشو؟"
سأله نايف, "كيف عرفت؟"
"عشان في كان تشويش في الاتصال وانا متأكد في اجهزة تنصت هنيك."
سألته قائلا, "طيب بنسير هنيك عشان تشوف هذول الاجهزة؟"
"اي بقدر اكيد بس يعني انت تبيهم بيتمون هنيك ولا خلاص بعطلهم؟"
قال نايف لي, "انا بقول لو يكشف عن الاجهزة ومانخلي الشخص الي خشهم هنيك يحس عشان يهكي حنا للحين موب عارفين شلي قاعد يصير."
فكرت بكلام نايف وادركت بأنه على حق حتى سألت غياث, "طيب تقدر تعرف اي شي من الاجهزة؟ يعني متى نخشت هنيك وشلي صار يعني بيسجلون؟"
"في اجهزة تسجل بس شي محدد يعني موب كل شي حسب الذاكرة طال عمرك."
"طيب بنروح هنيك وانت سوي الي لازم تسوي دون ما اي شخص يحس."
"الي تامرون فيه."
أخذ غياث جهاز حاسوب وبعض المعدات التي تساعده على كشف اجهزة التنصت ثم عدنا بالتوجه الى المشفى.
عند وصولنا الى هناك تحدثنا مع مدير المشفى واخبرناه بأن هناك امر قد غاب عن رؤوسنا ويجب علينا التأكد من بعض الامور.
دخلنا الى داخل الغرفة وبدأ غياث بالبحث وهو يستخدم أحد الاجهزة التي قام بجلبها معه بينما كنت انا احادث نايف حتى لا يشعر المتنصت بأي شيء غريب.
"تهكي في شي مهم هني؟"
"ماني عارف."
"انا بظن محمد ورة السالفة هذي. علا يوم زارت محمد ما كانت دارية وماهي لعبة مثل ما أنت قاعد تفكر."
عقد نايف حاجبيه وهو يجهل حديثي هذا لكن اشرت له بيدي بأن يستمر في الحديث ويساير كلامي تماما.
اجاب في حيرة من امره, "ماني عارف بتنكشف الحقيقة."
قلت له مؤكد كلامي, "انا متأكد ان هذي الحقيقة."
بعد لحظات اشار لنا غياث تحت المكتب الذي كان يوجد في الغرفة وقد ادركنا بأنه كان يوجد هناك جهاز تنصت. اخرج حاسوبه الخاص الذي جلبه وقام بأتصاله بجهاز التنصت ثم اشار لنا بيده مخبرنا بأنه انتهى بعد ان اعاد كل شيء كما كان.
خرجنا من هناك دون قول شيء متوجهين الى السيارة خاصة نايف. عند صعودنا اليها سألنا انا ونايف, "ابشر؟"
فتح حاسوبه في السيارة وبدأ بأستخدامه قائلا لنا, "يبي شوي وقت عشان بقدر افك الشفرة حك التسجيل. باين الي داش الجهاز مو شوي."
قال له نايف, "اوكي بنردك المكتب وننطر اتصالك عشان تخبرنا شلي موجود."
"الي تامر في طال عمرك."
توجه نايف الى مكتب غياث لأعاده لكنه لم يقل كلمة على طول الطريق وكنت اعلم بأنه غارق في تفكيره. لم يقل شيء وقام بفتح الراديو.
قهر ما كنت أنا أدري تعيش بقلبي كذابه ...
قهر توني عرفت إنك على الحبلين لعابه ...
كذب كانت سواليفك ...
وكل كلمة على كيفك ...
وانا إللي أحسبك روحي ... ولقلبي أقرب أحبابه
وفيت لقلبك بعمري ... ولك ضحيت بأيامي
لقيتك للأسف كذبة ... أعيش بها مع أحلامي
نعم صدقت كلماتك ... ولا أدري بنياتك
وهذا اليوم أنا كلي ... ندم من راسي لأقدامي. #راشد الماجد
غادر غياث وعدنا انا ونايف الى المخفر حيث كانت الساعة ما يقارب التاسعة مساءا.
قال لي نايف وهو متعب, "انا راد البيت وانت؟"
"وانا بعد."
سألني قائلا, "طيب متى بتكلم محمد؟"
"بكرة بس ناطر غياث يتصل فيني."
"اوكي انا بسير وانطر اتصالك يالعشير."
قبل ان اتوجه الى دراجتي النارية اخبرته قائلا, "مابي اشوفك جي! تبسم."
"لا تحاتي انا بخير."
أبتسمت له وتوجهت الى دراجتي النارية وانا احمل الكثير من الافكار ويتوسدني التعب.
عند وصولي الى المنزل غيرت ثيابي واستلقيت على سريري محاول النوم الهرب بعيدا من كل شيء.

رواية خدعة المظاهرWhere stories live. Discover now