استفاق الصباح على نسماتٍ رطبةٍ تنبعث من مدينةٍ لا تزال تستيقظ ببطء. افتتحت السماء ستائرها اللونية، وانعكس نورها الذهبي على مياه المسبح في الحديقة الخلفية للفيلا، حيث كان مينهو قد استيقظ باكراً، منتعشاً وملؤه نشاطٌ لا يخفى عليه. بعد دقائقٍ قليلة من الوجبة الخفيفة، خرج من غرفته متردِّداً نحو المسبح، وكأنَّ الماء ينتظره دعوةً يومية لا يملك أن يرفضها.
السباحة كانت طقسَه الصباحي؛ غاص بين الأمواج الصغيرة التي أحدثتها حركات يديه، ومضى وقتٌ وهو يقطع المسافات بخفةٍ ورشاقة. حين انتهى، عاد إلى غرفة الملابس، غيّر ملابسه بعناية، فكانت القطعة المختارة منسجمة مع هدوئه الظاهر، ثم أمضى بعض الوقت في تصفيف شعره وتنظيف ملامحه أمام المرآة، كما لو أنه يستعد ليومٍ يحمل مفاجآت.
توجه بعد ذلك إلى جناح فيليكس، بخطواتٍ هادئة كمن لا يريد أن يزعج أحداً، لكن أيضًا بخبثٍ داخلي - كان يود أن يعرف إن كان الصغير قد استيقظ بعد ليلةٍ طويلة ملأتها الحكايات. فتح باب غرفة فيليكس بهدوء، ونظر: السرير ما يزال مهجوراً، والبطانية مشدودة فوق مكانها كأن أحداً نام تحتها ولم يزل. جلس مينهو على حافة السرير لحظةً، ثم همَّ بالابتسامة حين سمعت قدماه خشخشةٌ طفيفة من ركن الغرفة؛ دخل تشان متأبطاً فنجان قهوته، ووجهه يربى ابتسامةً ماكرة.
قال تشان وهو ينظر إلى مينهو:
- "لم يستيقظ بعد."
أجاب مينهو بابتسامةٍ خفيفة:
- "كما ترى."
تبادل الاثنان نظرةً قصيرة، ثم نهض تشان فجأةً بعزمٍ طفولي. اقترب من السرير ببطءٍ، وكأنما يستدرج مسرحية صغيرة، ثم أمسك بطرف البطانية وسحبها بقوةٍ مدروسة. علت الدهشة صوتُ فيليكس قبل أن يرى أحدهما وجهَه: صرخ الطفل بصوتٍ نصفِه نومٌ ونصفُه استنكارٌ:
- "لِماذاااا؟! أنااا متعب!"
انقضّى تشان وهو يضحك كالأطفال، وسحب فيليكس من السرير بلا مواربة، حمله وأضافه برفقٍ قليلاً على الأرض كأنما يضع دميةً على كرسيٍ مريح. نهض فيليكس من موضعه متذمراً وهو يتثاءب، ووجنتاه حمراء بسبب النوم، لكنه لم يستطع إخفاء ضحكته حين تعرض لتلك المعاملة الطريفة.
نظر مينهو إليه ببراءة مزروعةٍ في العيون وقال مازحاً:
- "ماذا فعلتَ حتى تعبت هكذا؟"
أجاب فيليكس بنبرةٍ تبريريةٍ ومزاحٍ معاً:
- "لا أحتاج لفعل شيءٍ لكي أتعب... أنا فقط - بطبعي - أمتلئ تعباً."
ضحك الثلاثة معاً بصوتٍ واضح، ثم نهض فيليكس قائلاً بصوتٍ حازم لكنه مرح:
- "حسناً، يا جماعة، اخرجوا! هذه ليست غرفتي للعرض! سألبس ثم أنزل."
تبادل مينهو وتشان نظراتٍ مسموعةٍ بالضحك، ثم خرج الاثنان من الغرفة تاركين فيليكس ليقضي روتينه الصباحي. نزلوا معاً إلى أسفل السلم، وبينما يمشون سأل تشان بمكرٍ:
- "والآن، يا سيد مينهو، ماذا ستفعل؟"
YOU ARE READING
༒ صمت العاصفة ༒
Fantasyيحآول لي مـينهو آلتقرب مـن عآئله هآن ولگن مـآسـيحدث لن يگن في آلحسـآبآن. يآترى مـآذآ سـيحدث؟!.
