'
اشتدَ السوادُ أمام عيناها لتخفقَ بأسى وهي تناشدُ ما بتبقى من صدرها من رحمه ان يهدأ فيضان قلبها و نيرانه في آن واحد، تعاتمتّ عليها الامور وهي تسيرُ بلا اي ميكالَ يُرشدها للطريق الصحّ، تُنكر ما بداخلها ان ما قامت به لم يكن خطأ و لكن سُرعان ما قاطعها صوت تلك المرأه الفظّه بعدم إعجاب لتسريحها الدائم : قومي يلاّ ! جا الصُبح و انتِ على حالك ما تغيرتي !
تأفَفت بضجر تشيح عينها للجهه الأخرى تغمض عينها بودّ إنها ترحل و تغادِر هذي الدُنيا إلي اشقتها و اتعبت ما بداخلها لتهمس بحُنق : اتركيني.
ما علقت على ردها المرأه تكتفي تقترب من الطاوله تشرب مويتها بتعب و تاكل حبوبها اليوميه، سرعان ما التفتت بإستنكار لما بجوار الفتاه المُستلقيه امامها، تلاحظ عبائه مبعثره في الكنبه بإهمال و حولها شنطه سميكه من الجلد لتقول بشكّ : وين رحتِ؟؟ ما قالوا هذي الايام ممنوع الخروج الوضع مو مستتبّ ؟
تنهدت من اعماقها رداً على كلامِ المرأه الي زعزع جزء متين بداخلها استقوت به و ما اسرعَ ان يُكسر و كأنه انتظر هذا السؤال من زمن و لم يُصدق ان يعيره احد انتباهاً، كانت متوقعه منها هذا الإستنكار و سُرعان ما اخفضت حذرها لتسقط خلسه دمعه من اعينها لكن ما لبثت الا و قدّ مسحتها بسرعه،
تجهمت المرأه بإستنكار و بصدمه تلتمس منها وجع غريب ، ترى دموعها لأول مره، رغم انها عاشت برفقتها منذُ المِهاد، استدركت الأمر لتشيح عينها بربكه تتنهد : وش غيك صرتِ حساسه؟
و كما زَال، لم ترد عليها و اكتفت تصدّ عينها للبعيد و ظهرها يحترق وجع خفي ما تنكر تخفيه، تركتها المرأه بجهل و عدم معرفه بما أصابها و بداخلها اسئله ما تنتهي، تاركتاً خلفها غموضاً ، فهي إلي لطالما كانت قويه، تنهدّ كذا؟خصوصاً لما قاربت النهايه ان تُعلن رفع شراعها.
~
جَلست على الأرض بإحترامّ و ربكه تضع كفوفها على ركبتها ما تصدق انه موجود و انه بعينه امامها لترفع نظرها بتردد نحوه وهو واقف يتكتف تحت انظارها يحدق بها بغضب و عدم تصدق ليبتسم بسخريه ممزوجه بإستنكار : وش نقول من تراحيبّ تجازيك يا ابنة عائله سامّ الصغيره؟
امالت فمها تتنهد بتوتر كونه قفطها من اول مره لتسمع شهقه عاليه بجواره و ناظرت لمصدر الصوت ببرود اول ما نطق بعدم تصديق وهو يشير لها : عائله سامّ !
تجاهلته وهي مُعتاده على رده الفعل هذي و ما عادّت تستنكرنها لتسمعه يهاوشه بحدّه من اسلوبه يرمقه بنظره غير راضيه : تركي !
توسعت عيونها بتعجب تنظر له لتلتقي اعينهم و همست بصوت ما يسمعه الا هيّ: غريب، وش الوقح في الموضوع؟
كانت راية بالفعل سلمتّ حقيقه كون عائلتها مُجرمه بأعينها و ما عادت تحارِب الواقع لإنكاره، للحظه حسّ عُمر بتفاجأها من حركته يقول بشكّ وهو يشوف لبسها المُبعثر و الرجاليّ و قصه لثمتها الغريبه ليرفع صوته بهدوء : وش تسوين هنا؟
استدركت راية الواقعِ و وضعها حالياً من سؤاله لتبلع ريقها بتردد ودّها لو نسى الموضوع ولو شوي لتشيح عينها بتهربّ تهمس بصوت راخي يتمنى ما يسمعها : هرب.
رفع صوته اكثَر عُمر بجهل وهو ما سمعها اصلاً من كثر ما انه نبرتها هامسه : وش قلتِ !
إبتسم تركي بسخريه وهو بالفعل سمعها، يشوف تهربها و ارتباكها من وجود عُمر أمامها على عكس الدقائق قبل وجوده، ليرفع بنبره ساخره : شكلها هربت !
كشرت راية ترمش بسرعه من كلمته إلي ما اخطت بل صوبتّ لصح و التقت عيونهم لتتوسع عينه بخفه و غرابه ينكرها بداخله اول ما ارتفع صوت دقات قلبه ليناديه عُمر بإستغراب : وش فيك؟
مسح على شعره بخفه و جمود يوضح من تعابير وجهه ليسكت بتفكير يهز رأسه بالنفي ليسمعها تقول بجديّه لعُمر : وش عليك لو هربت يا سيد !؟ ابوي انت؟
شهق عُمر بصدمه من كلمتها ليعود خطواته للوراء بربكه يشير لها : طلعتِ من بيت ابوك بدون ما يدري؟!
امالت رأسها بعدم إعجاب لصدمته و ما اخفت ضحكتها الساخره من كلامه ، سرعان ما ضيقت نظرها بإستغراب تسمعه يقول بجديه : الوليد يدري؟
بللت شفتها بتعجب تهز رأسها بالنفي : بعقلك ليه اعلمه؟ عشان يحبسني؟
سكت بغيظ تحتّد النظرات بينهم بمعاني مختلفه لأسباب متعدده مخفيه، بينما كانت راية غاضبه من كلمته و لومه لها بالهروب بهذا الشكل و هي ما تشوف له اي حق عليها ليتكلم كذا معها، كان هو بالفعل يحمل بداخله بذُور يقين غمَرَ عليها الشكّ من سنين لتُحرقها نيران الواقع البائس المُتعلق بحورِية، كان يحمل بوسطه خوف شديد من فُقدان تلكَ الشابه إلي وقع بالحُب معها عدّه مرات، وُضح خوفه من لمعه عينه و شدّته بالمحاوله بالحديث مع رايه، يشك و يقلق حولها و حول غموضها المُلمع بالتراتيرَ زائفه،
يلوم هذي الطفله الي امامه وهو يعرف انه ما له حق، يلومها بتركها لأختها الكبيره وحيده، و رغم ذلك، يدرك زين إنها تعرف تتصرف بنفسها، و ما تحتاج لا لراية و لا له.
عقدت حاجبها راية بإستعجاب منه، رغم اعينه و تلئلئه الشديد و الداله على تعلقه بها و خوفها عليها لكنه ما زال ينكر و يمثل اللا مبالاه، تنهدت منه، فما هو دورها انها ترشد العاشقين و عصافير السماء الضائعين.
تَنفس حينها الصعداء وهو ينظر للسماء بتهيّان سُرعان ما كُسر صدى دُنيته الكئيبه الصامته بصوتها الرنّان إلي يحلف انه ما نساه وهو يشوفها تتقدم بسرعه و الهواء يهفّها بقوه تحت اعينها الناعسه المُتعبه و لكنها ما زالت تكمل و تناضِل تحت انظاره إلي ولا قصيد او شعر يقدر يصفها.
ارتخت تعابيره يشوفها تركض نحوهم و نظرها نحوه هو، ما فيه احد غيره لكن سُرعان ما التفتت نحو أختها بإندهاش و تنفست الصعداء بسرعه تمسك قلبها لتتنهد براحه اول ما لقت غايتها و مقصدها بعد صعوبه : وينك ! وليه انتِ هنا ؟
بلعت ريقها راية بصعوبه تناظِر لأختها بربكه و ضياع و هي بالفعل تجاوزت حدودها من مُده و إلي صار اخر الايام اتعبها و ارهقها فوق ما تتحمل، ارتجفت كفوفها و اهتز جفنها تمسك كتف حورِية بحرص و كأنها تلتمس وجودها في هذه الحياه و أنها مو مستحيله، إنها مو خيال.
لاحظت اختها تصرفها لترتسم على محياها ابتسامه خفيفه حزينه لتقترب أكثر و تضمها أكثر وسط صدرها تأخذ نفس لتشهق رايه شهقه صغيره تأن بصوت راخي و همست بضعف : توقعتكِ مارح ترجعين، مثل زيد بالضبط !
بللت شفتها حورِية بتفكير يضيق صدرها أكثر على راية و على نبرتها المُرتجفه بتفهم، ففي الطبيعي، مارح ترجع حيّه و مستحيل ولو كانت بقوه الوليد و ١٠٠ جُندي، لكن الحظ صاحبها ذي المره، و يا ليته يسايرها و يصاحبها كل مره !
لكنها ما مثلت، و لا تصنعت التجهم و العبوس أمام مرآى أختها، بل ابتسمت بتوسع و اخيراً قدرت تكشف ولو جزء بسيط من داخلها و لا تقمعه، كانت مُضطره، مُضطره تخبي وجود بنتها و تتصنع إنها في صف ساهِر و جانبه، ايضاً ما ننسى إنها اُجبرت على الابتعاد عن حولها لأجل فقط إنها تكمل مسرحيتها النهائيه الزائفه
و تكمّل انتقامها بنجَاح
لكنها الان، باعتِ الحياه، و اتحدّت مع الموت فما فرق معها الأن شئ، سوى أن تتوسط داخل حُضن اختها بأمان.
سكَت تركي بتأمل لحال تلك الفتاه إلي استبدلت و اسقطتت رداء القوه اول ما شافت أختها الكبيره لتحضنها بقوه جاهله عن الانظار حولها، رفع نظره لعُمر، إلي يناظرهم بهدوء ما يرفع جفن عليهم، نظراته ما تحتوي على معاني واضحه، على كثر ماهي مشاعر مخفيه، يوقن تركي بأنه مارح يقدر يفهمها الا لو عاش قصه عشق عميقه بائسه.
اما عن عُمر، إلي ارتخت تعابيره بإندهاش وهو يحس بشعور صافي شديد يُغمر من فوقه اول ما لاحظ ابتسامه حورِية الواضحه و إلي كانت بالنسبه له نِبراس بوسط دُنيا مُظلمه.
بل كانت كَريح بارده في جو مُشمس، ايقن حينها انه ما يبي يشوفها حزينه، و لا يبي يشوف الكَدر يتسلل وراء جفونها الناعسه.
و ليدعوا الله أن تلاقي سعادتها ولو كانت بعيده عنه.
سُرعان ما ضيق نظراته بحدّه يتراجع للوراء بغيظ اول ما لمح لُبيب وراها واقف ينتظرها و الواضح أنها جات معه، أخذ نفس من صعوبه شعوره ليلتفت لها بشرود ترتقي نظرهم ببعض و تجمدّ بربكه اول ما لاحظ طول نظراتها له والي فيها اعذار عديده لهذا الوضع ، ليقول بهدوء وهو يشيح بعينه بتهرب : ما يحتاج تبرير ، مفهوم الوضع.
ابتسمت بخفه لتفهمه تهز رأسها تلاحظها راية بعدم إعجاب لنظراتها و امالت رأسها بغيظ اول ما سمعت تركي يقول بإستنكار : وش قاعد يصير؟ ليه قاعدين توزعون الابتسامات يا جماعه؟
تأففت وهي للأسف تشاركه الرأي لكنها فضلت تكون ضدّه لتجيب بثقه وهي ترفع نظرها لحورِية برجاء : خلينا نطلع من هذا المكان، ما عجبني !
سكتت حورِية بهدوء تهز رأسها و اكملت راية بعفويه ممزوجه بتعجب : كيف كان يعجبك هذا المكان؟؟ كله زرع بس !
لاحظت راية ارتخاء تعابير حورِية للحظات بسكون يوضح من رجفه رموشها السريعه و احمرار وجهها ، بلعت ريقها رايه و كأنها تحدثت بجُرم ذو خط أحمر و رفعت نظرها لجهه إلي تناظِر لها أختها و سكتت بتعجب اول ما شافت إنها تناظِر نحوه.
تسمع همس عُمر بعدم تصديق لكلمات راية : ما زلتِ تذكرينها؟ كنتِ تحبينها و حكيتي عنها لأختك؟
تلون وجه حورِية بضياع و بلعت ريقها بقوه تشتم أختها بداخلها كونها فضحتها و كشفت احد خباياها الداخليه إلي ما علمتها لأحد سواها و لا كان ودّها تقوله كذا قدام عُمر.
ما لقت اي عِبارات لقمع هذا الشعور الناشئ في صدرها بإنفعال لتتكلم بصوت خافت بجديه : و كيف انساها؟
YOU ARE READING
بحُور تحت اصواتِ الموت المنسيه
Romanceعُمري وَرقْ حُلميِ ورَقْ طِفل صَغيرُ في جَحيمِ الموجِ حَاصره الغَرقْ ضَوء طَريد في عُيونِ الاُفقْ يَطويه الشَفقْ نجمٌ اضَاءَ الكونَ يوماً... و احتَرقْ ! ' سُرعانَ ما ستُرممكِ شواطئ النسيان لتأخذكِ لموجهٍ بارده بعيده سترممكِ و انتِ تجهلين إنها قا...
