سُرعانَ ما ستُرممكِ شواطئُ النسيانِ
وتُغريكِ بموجٍ بعيدٍ لا يُرى
بحورٌ تحت أصواتِ الموتِ المنسيّةِ
تُخفي غناءً مسمومًا في الورى
تظنينها أمانًا وهي نارٌ نائمة
وتُقسمُ أنَّ في العتمةِ سلوى وغطى
لكنّ في لحنها لدغًا وخطرًا مقيتًا
يُعيدكِ حيثُ يُمحى أثرُ الحياةِ والهوى
~
تقدمت بخطواتٍ غير محسوبه نحو وجهة بعيده تُغرق بوسطِ شراعاتها بضياع، تهمّ بالخروج و العوده الا ان صوت أخوها يقاطع شرودها و رغبتها بنظرته الهادئه الغامضه بجمود، والي تجزم انه قدر بالفعل يخترق بما داخلها و وراها الف غايه لمعنى واحد فقط : تعالي.
بللت شفتاها بربكه يارا تشد على يدينها تشيح بعينها ما تقدر على اخوها ابد، مو لقوته، و لا لسُلطته إلي بالفعل كانت اقل منها، لكن لفهمه الشديد و طيبته المُفرطه بنظرها لتجيبه بهدوء بينما تتكتف : وش تبي؟ ليكون ناوي تلقي محاضرتك زي كل يوم..!
تنهد راجِح بتعب يمسح على وجهه من عناد أخته وهو عارف انها مارح تنقتنع بالامر و انه بالفعل توسط داخل أعمق جروحها و سكن هناك : كم مره اقول لك؟ابعدي عن دربٍ كان للهزايم أكبر غنايم، لا يجرّك الندم لخطيّه كبيره.
ارتفع صدرها لفوق من شده أخذها للنفس لتجيب بجمود يكسوه الضجر الشديد من كلامه : تعرف يا راجِح، مارح تقنعني بكلامك و لا رح تستفيد، انت-
قاطعها راجِح بهدوء وهو يرفع نظره لها بوسط مكتبه : هددني عائله باهِر هذي المره بالكلام لأنك تماديتِ مع بنتهم.
عضت شفتها بكُره شديد ممزوج بالقهر منها و من سيرتها إلي تربطها بالعديد من المشاكل : و إذا هددك؟ ما يعرفون عائلتنا ؟ و لا نسونا و نسوا الدمّ إلي على-
قاطعها راجِح بحدّه يكشر بوضوح : يارا ! وش ذا الكلام.
اشاحت عينها يارا بتوتر وهي تزفر بغضب : خلاص يا راجِح ! الكلام بيننا مارح يفيد و انا اصلاً متأكده ان مثل طيبتك مارح تقتنع بأفكاري.
ارتخى تعابير راجِح بضيق يعقد حاجبه بتفكير ثم تنهد وهو يهز رأسه بالنفي : ماني طيب، و مدري مين موصلك فكره اني طيب، انا ابي مصلحتك، ابي كونك معي، ما ابي افقدك مثل كمال.
تلئلئت اعين يارا برجفه سكنت جفونها المُبلله من ذِكره و من كلمه اخوها راجِح، ما كانت كلمه مُستحيله لكن منه؟ كانت بالفعل مُستحيله، اخوها إلي ما يعبر و لا يتكلم بمشاعره، هل جرّته الظروف لوصفها؟
ما تكلمت، و لا ردت تكتفي تناظِر له بآسى، بآسى عليه و على نفسها، لتلتفت للخلف تتقدم تغادِر المكتب تحت صوت كعبها الرنّان و نظرات راجِح الهادئه المُتعبه منها و بنفس الوقت، خايف عليها من جنونها.
خايف تحدّه الحياه يفترقون.
'
سمعت صوت دقاتّ قلبها ترتفع ببطء تحتَ نظرها الضعيف وهي تغطي اذنها بشده و ارتباك تحرص ما يُصدر منها و لا من حولها صوت، بلعت ريقها ما تدري وينها؟في السماء و لا الأرض و لا في حُلم و لا واقع.
لكن إلي قدرت تجزم بحقيقته، إنها عادت للماضي البعيد و تشعر بوجودها قُربها تحتضنها، حضنها الدافئ المُشتاقه له لتهتف بيأس : انتِ موجوده؟ و لا خيّالي؟
اجابتها بهدوء ساخِر تلتمس منه المودّه : انا؟ لا في وادي بجبل بعيد و لا ايش رايك؟
انتفضت أمواج بخوف و ذُعر لتلتفت لها بصدمه و استنكار تتأمل وقوفها أمامها بلا اي تغابيش : مو انتِ ميته؟
ارتفع حاجب نهله من سؤال الطفله لتجيبها بهمس وهي تقترب ماسحه الغُبار و الركام على وجه امواج نتيجه لعبها بالتُراب مع ابن زوجها : وقت الاعيبك زي كل مره؟ قومي ترى نسيمّ يدور عليك مسكين تعبتيه.
عقدت حاجبها أمواج بعدم معرفه و ضياع لتلتفت لما حولها و بلعت ريقها اول ما أمسكت يد نهله البارده كفيها لترفعها لفوق و وقفت أمواج بربكه تشوف ابتسامه نهله الساخره و المُقدره لركضه نسيم المُتعبه لها وهو يأخذ أنفاسه مع كل مشيه ليقول بعجله : ما تقصرين يا سيده نهله ! كنت قاعده ادورها ما توقعتها هنا !
هزت رأسها نهله بتفهم و مسح نسيم عرقه وهو يناظر لامواج بغضب و رحمه، لكن تأنيب الضمير غلبه ليتنهد بعجز انه ما يقدر يوبخها ليقول بجديه : يلا يا انسه امواج، السيد مازِن معصب قاعد يدور عليك..!
وقفت أمواج بجمود ما ترد، تحس ان كل شئ قاصد يصير قدامها مثل شريط سريع ما تقدر تتحكم فيه او تفهمه، تناظِر لشريط حياتها، يلاحظ نسيم ضياعها و تشتتها ليمسك يدها بحرص و تقدم يغادِر معها تحت أنظار نهله الهادئه المُبتسمه و نظرات أمواج لها و المُتابعه لوقوفها بخوف يرتفع فيه صوت دقات قلبها.
عضت شفتها بعدم رضى و عجز لتُسقط دمعها وهي كلّ ما بها ما تتمنى تروح و تترك نهله مثل المره السابقه، ما تبي يتكرر الموضوع القاسي عليها لمره اخرى،
رفعت يدها نحوها برجاء زائف ان تمد يدها لها و تمسكها لكن الواقع ابى ذلك وهي ترى طيفها يتبدد مع كل خطوه و همسه.
لتشهق بعُنف و حُزن كان ممزوج بقلبها من سنين : نهله !
لاحظت بقُرب طيف نهله فتى بمثل عُمرها بل أكبر بعدّه أعوام ترتسم بشفتيه ابتسامه راضيه لتهز رأسها بالنفي بعُنف تتمنى تخرج من هذا الحُلم المُرعب.
سرعان ما تحققت امنيتها وهي تلاحظ نفسها إنها ما زالت في المستشفى، و ان هذا كله حُلم بالنهايه، ارتفع صوت انفاسها بتعب تلاحظها أمها إسراء الي كانت نايمه جمبها و صحت من شهقه أمواج لتُمسك بيدها بخوف و حنيه : وش فيك يا بنتي؟؟ صار شئ؟
تأملت لون شحوب وجه ابنتها و عرقها الزائد لتمسح على وجهها بحُزن تتنهد اول ما قالت امواج وهي تتأمل اعين أمها القلقه و المُتعبه بتفكير : مافي شئ تقدرين تعطيني مويه يا يمه؟
هزت رأسها بتوقع كلمتها و اغمضت عينها بتعب من حال بنتها و نفسها الكتومه إلي ما تتغير و إلي عيونها رغم كل شئ تفضحها و تفضح أسرارها.
للحظات،سُمع حينها صوت دقات متفاوته بين الخفوت و العلوّ، لكن أمواج التمست منها حذر و تردد لتبتسم بخفوت اول ما تساور بداخلها بمعرفه من صاحبه هالدقّات و تنهدت ترفع عينها لأمها المُستغربه مين جاي في هالوقت : يُمه.
هزت رأسها أمها بتفهم و تقدمت بحذر و تعجب نحو الباب تمسكه و فتحته ببطء تلمح فتاه اجنبيه ملامحها خاليه عن اي لمحه تشير انها عربيه و ايقنت انها احد معارفها لتعابيرها الحزينه المُتجهمه، ابتعدت اسراء على الوراء ببطء لتتقدم الفتاه حينها وهي تلاحظ التعب المكسو على محياه امواج لتعبس أكثر و أكثر لترد عليها امواج بإستنكار من وجودها و ترفع حاجبها : لماذا أنتِ هنا؟
عضت شفتها آن بإنحراج و سرعان ما اخفضت رأسها بأسف و ذهول ان غايه امواج الان انها تبي تطردها و ما تبي تشوفها لترد عليها امواج و تقاطع سير افكارها بفهم : لا تسيئي فهمي، لكني مُتعجبه من قدومك، فكما اعلم، ليس لنا علاقه ببعضنا-
قاطعتها نظره أمها الحازّمه و الناقده لكلمتها لتبلع ريقها بخوف و تشيح عينها بربكه تبي ترقع : انا-
تحدثت آن بسرعه وهي تتجاهل كلام امواج الخافت لتقول بحزم و ثقه : اتيتُ الان، للاعتذار.
توسعت عيون امواج و اسراء، لينظرون لبعض بتعجب و عدم فهم، عدلت امواج جلستها و مسحت شعرها المّبعثر و ضيقت نظرها بعدم معرفه : مالذي تقصدينه؟ و لما الاعتذار؟
ما رفعت نظرها آن لأعين امواج بل اكتفت بإسدال ظهرها للأسفل كشكل من اشكال الاسف و تقول بتلعثم صادق : لاني قدمتُ لحياتك، فأنا سببتُ لكِ المتاعب.
ما اكملت حديثها وهي ترفع نظرها لفوق بتعجب و صدمه اول ما لمحت هدوء امواج و استكانتها لتلاحظ ابتسامتها الخافته الصادقه إلي تشوفها لاول مره، ما تنكر إنها كانت ابتسامه قريبه للسُخريه، لكنها تميل اكثر للحنيّه و التفهم، تلئلئت اعين امواج بتعجب من كلمتها لتضغط على كفيّها بإستنكار من هزّ مشاعرها الصامته و همسّت بضعف ترد على ذاتها ولو بيدها تقلها ما كان بسببك و لكن في جزء عميق داخلها منعها لتجيب بعدم تصديق تضحك من تفكير هذه الفتاه البريئه : تقولين بسببك هاه؟
ما فهمت عليها آن و اكملت امواج بهدوء تناظر لها و لطيبتها الصادقه بعينها ولو ودها تفصح عن مشاعرها و سبب حُزنها العميق إلي تشكل من زمن طويل و ما كان ابد منها اصلاً و لا رح يكون.
وش تقول لها؟ بسبب ماضي قديم؟و لا أشخاص هجروا الحياه و تخلوا عنها؟ أم الباقين إلي قاعدين يدمرون نفسهم بنفسهم وهي تناظِر لهم بصمت ما تقدر تنقذهم و لا تعاتبهم لتجيب بهدوء تكسر أفكارها: لم يكن بسببك، ليسَ و كأنني ضعيفه لهذه الدرجه ان اتأثر من سبب سخيف.
ما أنكرت آن انها انخجلت من كلمه امواج و ذكر الموضوع على انه(( سخيف )) لكنها سكتت بتساؤل وُضح من عينها وهي تتأمل ابتسامه امواج الهادئه الغامضه تهمس بصوت ما تسمعه الا هي : ماذا تخبئين وراء اعينكِ الشاحبه.
YOU ARE READING
بحُور تحت اصواتِ الموت المنسيه
Romanceعُمري وَرقْ حُلميِ ورَقْ طِفل صَغيرُ في جَحيمِ الموجِ حَاصره الغَرقْ ضَوء طَريد في عُيونِ الاُفقْ يَطويه الشَفقْ نجمٌ اضَاءَ الكونَ يوماً... و احتَرقْ ! ' سُرعانَ ما ستُرممكِ شواطئ النسيان لتأخذكِ لموجهٍ بارده بعيده سترممكِ و انتِ تجهلين إنها قا...
