حلّ المساء على المزرعة، والسماء بدأت تتلون باللون البرتقالي الغامق، ينساب الضوء الخافت بين الأشجار والحقول. باكوغو عاد من عمله كبطل، يحمل في يده حقيبته الثقيلة، ضوء الغروب يعكس على وجهه علامات التعب المعتاد. لكنه لم يشعر بأي هدوء داخلي، شيء ما كان مختلفًا.
دخل المنزل الخشبي الكبير، وقلبه يخفق بسرعة غير معتادة. كل شيء في مكانه، نظيف ومرتب كما تركه صباحًا… لكنه شعر بفراغ غريب، شعور لا يمكن تفسيره. تقدّم نحو غرفة النوم، قلبه يعتصره شعور غريب بالخطر، وفتح الباب بسرعة… لم يجد إيزوكو.
بدأ الغضب يتسلل إلى أعماقه، وجنونه بدأ يشتعل.
«ماذا…؟ أين أنت، أيزي؟!» صرخ صوته في الفراغ، يتردد صدى كلماته بين الجدران الخشبية.
تحرك بسرعة في جميع أنحاء المنزل، فتح الخزائن، فحص المخازن، نظر تحت الأسرة، فتح كل باب وكل زاوية… لا أثر له، لا دليل، لا أي شيء. كل شيء مرتب، نظيف… وكأن إيزوكو لم يكن موجودًا منذ سنوات.
ألقى بعينين جامدتين نحو السجادة في الممر، نحو الممر السري، قلبه يخفق بغضب شديد. كان يعتقد أنه يعرف كل خدعة، كل خطة محتملة، لكنه هنا الآن، واقفًا أمام حقيقة صادمة:
إيزوكو كان دائمًا أذكى مني… لم أره قادمًا، ولم أترك أي أثر يمكنني تتبعه…
توجه نحو غرفة المراقبة، أدار الكاميرات بسرعة، قلبه يتسارع، عينيه تتحركان عبر الشاشات. لكنه صدم، لم يجد أي أثر، أي حركة تشير إلى أن إيزوكو قد خرج… كل تسجيلات اليوم تبدو عادية، لا شيء يشير إلى الهروب، لا علامات على الأبواب، لا خطوات في الممر، لا حركة في المزرعة.
بدأ الغضب يتصاعد داخله، يضرب الطاولة بقبضته، يداه ترتجفان، وجهه محمر من الجنون:
«كيف… كيف استطعت أن تهرب…؟ كيف تكون ذكيًا بهذه الطريقة…؟!»
جلس على الأرض، يدفن وجهه بين يديه، يتنفس بسرعة، عقله يصرخ: دائمًا كنت أعتقد أنني أتحكم بكل شيء… أنني أستطيع التنبؤ بكل خطوة… لكنك، أيزي… كنت دائمًا أسرع، أذكى… ولم ألاحظ شيئًا.
وقف فجأة، قلبه لا يزال يغلي، حاول أن يهدأ، يراقب المكان بعينين متوهجتين بالغضب والتوتر، كل زاوية وكل نافذة وكل باب… لم يترك شيئًا للصدفة. لكنه يعلم، مهما فعل، مهما بحث، أن إيزوكو ترك كل أثر وراءه بعناية، كما خطط منذ البداية.
جلس مرة أخرى على الطاولة، قبضاته تتمايل على الخشب، يحدق في الفراغ. غضبه امتزج بالدهشة، بخيبة أمل غريبة، وبشعور عميق بالهزيمة أمام ذكاء إيزوكو. كان يعلم في داخله، مهما حاول أن يلاحقه، أن هذه المرة، أيزي هو من يسيطر على اللعبة.
بدأ يتنفس ببطء، لكنه لم يستطع أن يخفي الغضب الذي يشتعل في قلبه، دموعه تكاد تتجمع من قوة الصدمة: لقد فاجأني… لقد كان دائمًا أذكى مني… وكل دقيقة من اليوم كانت مخططة… ولكن… سأجده… سأجلبه إليّ… مهما حدث… مهما كلفني الأمر…
YOU ARE READING
" داخل أسوار المزرعة "
Romanceفي عالمٍ تضجّ به الأصوات والقدرات الخارقة، لم يتوقّع أحد أن تنبت أجمل الحكايات في قلب مزرعة بعيدة عن ضجيج المدن. هناك، بين الأرض الخضراء والهواء النقي، يبدأ إيزوكو الأوميغا في رحلة جديدة بعد فقدان ذاكرته ، محمّلة بذكريات الماضي وجرحه، لكن أيضًا بأمل...
