في ليالي السفر، وبينما كنت أعود منهكة من المحاضرات والأنشطة، كان ياسين يقف في صراع داخلي لا ينتهي.
يجلس في غرفته بالفندق، يحدق في السقف ويهمس لنفسه:
"مستحيل... هي مش ممكن تنساني. ليان دي كانت بتحبني بجنون. يمكن بتمثل دلوقتي... يمكن بتحاول تثبتلي إنها قوية، بس جوّاها لسه أنا... أكيد لسه أنا."
يتذكر ضحكاتنا القديمة، اللقاءات، الرسائل الطويلة. ثم يضغط بيده على قلبه وكأنه يريد أن يصدق:
"هي مش هتقدر تمشي وتسيبني كده. حتى لو بتضحك مع آدم... حتى لو شكلها مبسوطة، في الآخر هترجع. هترجعلي."
لكن الحقيقة أنني كنت أبتعد أكثر فأكثر. كنت أتعلم أن أضع نفسي أولًا، أن أكون صريحة مع ذاتي: أنا لا أحتاج إلى من هزمني من قبل.
بدأت ألاحظ وجود غريب في الفندق. خطوات مألوفة، نظرات خاطفة، وصوت رأيته في أحلامي من قبل. لم أصدق في البداية، لكن قلبي كان يخبرني أن ياسين قريب... أقرب مما أتوقع.
وذات مساء، بينما كنت خارجة من القاعة مع آدم، ظهر فجأة أمامي.
تجمدت في مكاني، نظرت في عينيه ببرودٍ متعمد. هو، في المقابل، كان يحاول أن يخفي ارتباكه بابتسامة واثقة.
- "ليان..." قالها بصوت متردد، "إزايك؟"
- "كويسة." أجبتُ بجمود.
- "أنا... يعني... مش عارف أبدأ منين. وحشتيني."
كلماته ارتطمت بجدار داخلي صنعته حول نفسي. ابتسمت ابتسامة صغيرة، لكن ليس له، بل لنفسي: أنا فعلاً تغيّرت.
قلت ببرود:
- "أنا مشغولة دلوقتي... عندي شغل مهم."
وتركتُه واقفًا في الممر، بينما أنا سرت بجانب آدم ورفعت رأسي عاليًا.
منذ تلك اللحظة، لم يهدأ ياسين. بدأ يقترب أكثر، يخلق صدَفًا وهمية للقاء، يحاول الحديث، يفتعل الأسئلة.
لكنه كلما اقترب، كنت أنا أبتعد. لم أعد تلك الفتاة التي تركض خلفه.
كان يحدث نفسه ليل نهار:
"هي بجد نِسيتني؟ لأ... مستحيل. يمكن بتكدب على نفسها. يمكن عايزة توريني إنها قوية. طب وأدم؟... لأ، لأ، هي مستحيل تحبه. هي بتضحك معاه بس. مش ممكن تكون نسياني. مش ممكن."
لكن الحقيقة كانت غير ذلك.
كنت أحب نفسي لأول مرة. أعتني بها، أحتضنها، وأمنحها ما لم يمنحه لي أحد. كنت أتعلم أن الحب الحقيقي يبدأ من الداخل، لا من رجل يقرر متى يُقبل ومتى يرحل.
رأى ياسين هذا التغير في عينيّ. لم أعد أبحث عنه، لم أعد أنتظر منه كلمة، لم أعد أضعه في حساباتي أصلًا.
وحينها فقط، أدرك الحقيقة القاسية:
"هي خلاص... ضاعت مني."
---
YOU ARE READING
ولدتُ من جديد
Romanceلم تكن الحكاية مجرد حب انتهى، بل كانت حياة توقفت فجأة عند جرحٍ لم أتوقعه... وقفتُ على حافة الانكسار، أبحث عن نفسي بين الركام، أظن أنني فقدتُ كل شيء. لكن شيئًا بداخلي همس لي: ما زلتِ هنا... وما زال بإمكانك النهوض. هذه ليست رواية عن الحب فقط، بل عن ال...
