لقد انقضى اسبوع لم يرها خلاله , فأين عساها تكون ؟ لماذا يحس بأنه مدفوع الى الاهتمام بها ؟ مدفوع الى محبة القميص الذي حاكته؟ ولقد اكتشف بالامس شيئا , فحين قام يلبس في الصباح , حمل القميص في يده وراح يتأمله , لقد عاش اياما بين يديها وهي تبنيه غرزة على غرزة دون ان تدري لمن يكون , لعلها رسمت في ذهنها صورة للرجل الذي سيرتديه , وهي بالتأكيد قد اختارته ان يكون طويلا عريض الكتفين , رجلا تعلق عليه امل البطولة . والتفت الى نفسه في المرآة المعلقة على الحائط وتحسس ذراعيه المفتولتين .
وضحك على سخفه وهو يتأمل نفسه , ولكن اي ضير في ان يكون سخيفا فيرفع مثلا القميص , ويشمه طويلا , ويقبله ايضا ؟
ورآها في الطريق . لم تكن في ثياب الممرضات , فاعترض طريقها قائلا :
رامز : كدت لا اعرفك , فما كنت يوما الا بيضاء .
واعطته يدها يصافحها , وقالت :
سعاد : لقد غادرنا المستشفى , انني لا اجد ما افعله اليوم , وانت ماذا تفعل ؟
رامز : طوابير تدريب في النهار , خفارة في الليل , ولا شاي !!!
ورنت ضحكتها الفضية , وضبطته يتطلع اليها فاحمرت , وهمت بان تمضي , وبسرعة قبل ان يضعف امام خجله , سألها شيئا :
رامز : ارجو الا تظنيني وقحا , هل استطيع ان اراك في مكان ما ؟
سعاد : بلدتنا اصغر من ان تتسع لنا .
رامز : ولكننا اخوان سلاح , انني ادرب طوابير من الجنسين على استعمال البندقية , تعالي الى نادي الميناء سنتحدث قليلا بعد ان افرغ من التدريب .
واتفق على حضورها في الثالثة , ثم انهمك في تدريب طابور ناعم , كيف يقف وقفة لا ترتعش تحت بندقية ثقيلة , ولمحها تدلف , وتجاهلها حتى انتهى وصرف تلميذاته , واتجه يحييها ويقدم لها كرسيا ويسحب لنفسه اخر .
سعاد : ألست متعبا ؟
رامز : وأينا لا يتعب ؟ ولكن بعد ان عرفت ما يدور في مستعمرات الصهاينة من تأهب وتعبئة , تمنيت لو كان يومنا ستين ساعة ... ان امامنا عمليات رهيبة .
سعاد : أخائف انت ؟
رامز : متحسب , لسنا في موقف هين , يخيل الي ان اليهود زرعوا مواسمهم اسلحة , وملؤوا بطون مستعمراتهم بها , لقد اكتشفنا اشياء كثيرة
سعاد : هل ذهبت بنفسك ؟
رامز : كثيرا قبل ان يتوتر الموقف , اما الان فلا استطيع , انني على لائحتهم السوداء .
رآها تتأمله ثم انفرجت شفتاها , وتألقت في عينيها تلك النظرة الحازمة .
سعاد : أتدري لقد بت اصدق انك بطل ؟
رامز : بطل ... لا اظن , ولكن بطاقتك توحي الي بان اكون .
سعاد : أما زلت محتفظا بها ؟
رامز : هي ذي .
وأعطاها لها , ولما مد يده ليسترجعها ضغط على يدها قليلا ثم ارخاها , وتركها تداري خجلها متطلعا الى البحر الازرق امامه .
كان الوقت ربيعا , وربيع فلسطين بحر ازرق تتهادى عليه اشرعة المراكب البيضاء نهارا , وترصعه فوانيس قوارب الصيد ليلا , وبساتين برتقال يكثف عبقها الهواء , وفي ربيعها ذاك عرف شيئين : الحب والحرب ,وكان الاول يعطي معنى للثاني , فالحرب ليست عدوا يُقتل لشهوة , انما هي حق حياة للارض التي يحب , والفتاة التي يحب , ان فلسطين ليست بحرا ومراكب صيادين , وليست برتقالا يتعلق كالذهب , وليست زيتونا وزيتا يملأ الخوابي ... انها عينا سعاد السوداوان ايضا . وفي عيني سعاد رأى خير فلسطين كله , رأى ظل بيت سعيد له , وزوجة تنجب له ابطالا صغارا , وتجعل من حبها معنى لوجوده .
ومع كل اطلالة صباح , كان يستقبل خيالها , جنبا الى جنب مع انباء المعارك في صحف الصباح , معركة القسطل , هجوم قومه من مثلث الرعب على قرى الاعداء , غاراته واخوانه على المصفحات اليهودية المتسللة على طريق حيفا-عكا نهاريا , بطولة قومه في سَلَمَة , في كل مكان ...
ثم كانت كارثة حيفا .
لن ينسى ذلك المساء , كان مشغولا بصف التدريب , حين التفت الى البحر فاذا بعشرات المراكب المحملة بالناس , وتجمهر اهل مدينته على السور , وفي منطقة الميناء يستطلعون ... كانوا على علم بالمعارك التي تدور في حيفا , وكانوا يدرون ان سلطات الانتداب قد مكنت الصهاينة من المراكز المحصنة سرا , في حين ادَّعت أنها لن تتخلى عن المدينة الا بعد انتهاء فترة الانتداب بشهور , ولكن فجأة اعلنت عن اضطرارها لاخلاء المدينة .
وانصب الهول من الكرمل على العرب الذين يعيشون في السفوح , ومهدت السلطة لحالة ذعر بحرب اشاعات فتحت معها الميناء , وأطلقت سفنها تحمل كل راغب في رحيل , فتكدسوا فيها والنار تلفظ هولها عليهم من الجبل , ولفظتهم السفن على ساحل عكا كتلا بشرية , يئن بعضها من الجروح , وبعضها من الجوع , وبعضها من الفزع .
وامتلأت بيوت مدينته , مساجدها , اديرتها , ساحاتها , بهم .
وتحملت مدينته الصغيرة عبء تدبير طعام ومأوى لهذه الآلاف .
وفي تلك الليلة رأى سعاد مع عشرات المتطوعات , يستقبلن الجرحى في الميناء , ويوزعنهم على المستشفيات والبيوت , وبدأت حرب الاشاعات تلعب لعبها في الاعصاب .
استيقظ في صباح اليوم التالي على قرع شدييييد على باب غرفته , وفتح الباب وذهل اذ رآها , كانت تبكي .
(ملاحظة : الصورة اللي فوق صورة لميناء عكا )
stoooooooooooooooop
خلص البارت لهون
مين بتتوقعوا كانت تبكي وليييش ؟؟
كل هاد ببارت 3
ان شاء الله عجبكم البارت والاقي تفاعل وكومنت وفوت
thank youuuuuuuuu
love you allllll <3 <3 <3
أنت تقرأ
خبز الفداء (سميرة عزام )
Short Storyحب يولد في اغرب الاوقاات وحتى غرابة الوقت لم تمنع هذا الحب من الاستمرار باختصااار : قصة حب فلسطينية عفيفة وسط حروب قتل واغتيالات هل ستستمر ؟؟ كل هذا واكثر حتعرفوه عند قرائتكم للقصة رامز & سعاد