صعدت إلى غرفتي وأنا أبكي. كلام والدتي أصابني في الصميم.
ما لبثت في مكاني حتى دخلت والدتي، جلست بجانبي وأخذت تمسح دموعي، احتضنتني وقالت:
"ماذا هناك؟ لم كل هذا الحزن؟ لماذا تغرقين في الدموع؟ هل الأمر يستحق؟ كافيلين! استفيقي! هذا لا يليق بكِ، عزيزتي."
ناظرت عينيها الدامعتين وأردفت:
"أتعلمين؟ أنا حقًا لا أفهم ما يحدث لي، لم أعد أشعر بالحماس تجاه أي شيء، لا شيء! لا أملك الرغبة في فعل أي شيء، حتى تلك الأمور التي اعتدت الاستمتاع بها لم أعد أطيقها، مللت كل شيء، حرفيًا كل شيء.
والأسوأ؟ هو أن لا أحد يشعر بما أمر به، يتعاملون وكأن كل شيء بخير، وكأنني لست هنا، أموت ببطء، أختنق، ولا أحد يلاحظ ذلك!
أنا آسفة لأنني أقول هذا، لكنني مللت فعلًا من التظاهر بأن كل شيء على ما يرام، وأنني بخير، وأنه بإمكاني التحمل. لا، لا يمكنني، أنا حقًا على وشك الانهيار!"
في هذه اللحظة، دخلت صديقتي ماريا وخرجت والدتي، فهي لم تتحمل رؤيتي منكسرة.
اقتربت مني، أمسكت يدي وقالت:
"كافيلين، أعلم أن الأمر صعب، لكنك لستِ وحدك، أنا هنا، دائمًا كنت وسأظل، مهما حدث."
نظرت إليها وقلت:
"لكنك لا تفهمين، أنتِ لا تعيشين في داخلي، لا ترين كل تلك الفوضى التي تعصف بي، كيف تشعرين بشيء لا يمكن لمسه؟"
قالت بابتسامة هادئة:
"ربما لا أعيش في داخلك، لكنني أراك، أرى عينيكِ، حزنكِ، صمتكِ، أسمع كل ما لا تقولينه."
عانقتها بقوة، انفجرت باكية، لم أعد أستطيع كبت كل شيء.
وبينما نحن كذلك، رنّ جرس الباب.
قامت ماريا وقالت:
"سأنزل لأفتح الباب، انتظريني هنا."
ربما كانت تعرف من يقف عند الباب.
جلست على سريري، رأسي مثقل بالأفكار، عيناي منتفختان من البكاء.
لحظات وسمعت صوت أمي تناديني:
"كافيلين! انزلي!"
"لماذا؟!" قلت بفتور.
"فقط انزلي، أرجوكِ!"
أتت ماريا وقالت:
"كافيلين، أنت فتاة قوية ويجب أن نواجه مخاوفنا لا أن نهرب منها. ديفيد في الأسفل، لا أريد منك أي ردات فعل عدوانية."
"لا يمكنني رؤيته، أنا لا أطيقه، ستسوء حالتي."
"لا لن تسوء حالتك، أنت من توهمين نفسك بهذا. تكلمي معه كما كنت تفعلين من قبل، أوضحي كل سوء تفاهم بينكم لتستطيعي التقدم في حياتك. افعليها من أجل نفسك لا من أجله، هيا أيتها القوية."
"لكن..."
"هيا، لا يوجد لكن."
نزلت فوجدته يجلس في غرفة المعيشة، أنزل رأسه خجلاً عندما لمحني.
نزلت معي ماريا، لولاها لما نزلت.
جلست فقررت ارتداء رداء القوة أمامه فنطقت بعد أن استجمعت قواي:
"مرحبًا ديفيد."
اتسعت ابتسامته ورد بسرعة:
"مرحبًا كافيلين."
"هل أتيت من أجل أن تبقى صامتًا هكذا؟"
"لا..."
ناظرتني ماريا بنظرات لا تفسر وأردفت:
"سأترككما على انفراد." وذهبت.
"لماذا أتيت؟"
"كافيلين، ما كل هذا البرود؟ أنا هنا من أجل الاطمئنان عليك، وأوضح سوء التفاهم. أتيت إلى المستشفى لكنهم منعوني من رؤيتك."
"نعم لحسن الحظ فعلوا، لو رأيتك في ذلك الوقت لكنت الآن تتوسد التراب وأنا في السجن."
"كافيلين، كفي عن المزاح، واحكي لي كل ما حدث."
"وهل تراني أمزح مثلاً؟"
"ما بك كافيلين، هل وساوسك عادت مجددًا؟"
"لا دخل لوساوسي، أفعالك هي من أدت بي إلى هذه الحالة."
"كافيلين، لا تلوميني، أنا لم أعدك بشيء."
"ماذا عن مغازلاتك لي وكلامك المعسول؟ كيف؟ الغبي ويمكنه رؤية مشاعري وصدقها اتجاهك، كنت كالبلهاء. ألم تسأل نفسك يومًا لماذا هذه الفتاة تحكي لك كل شيء يخصها؟ أنت أحسن من يعرفني، أنني أمثل أنني سعيدة، وأنا في أسوأ حالاتي. مع ذلك أخبرتك بضعفي، حتى وساوسي اللعينة التي تعايرني بها الآن أخبرتك بها، وحدتي، انفصامي، أبسط الأشياء عني كنت أطلعك عليها، وأخبرتك سر غرتي التي أقصها لكي لا يرى الآخرون عيوني الدامعة على الدوام حتى أتفه الأشياء، مع أنك كنت تسمعها بكل إنصات، لماذا؟ أليس هذا حب؟"
"كافلين، هذا واجبي. أنت أيضًا كنت ترين جوانب كثيرة لم أطلع عليها أحد. تحملتي جنوني، عدوانيتي، غضبي المفرط. كيف لا أهتم بك؟ أقل ما يمكنني فعله لك هو أنني أستمع لك عندما تقصين أحداث يومك لي. من سيفعل عندما تنهين علاقتنا بهذه الطريقة؟"
"فعلت لأنني كنت أحبك كالبلهاء، وأنت قلبك معلق بأخرى. لا يمكن لمشاعري أن تصبح مشاعر أخوية، لذلك أريد أن أنهي علاقتي بك كما لم تكن من قبل. هذا أحسن لي ولك. وبخصوص أنك لا تملك من يحكي لك تفاهاته، اذهب للآنسة كاثرين لتفعل هذا، وشكرًا لك على كل الأيام التي قضيناها معًا، كانت هي الأحسن."
أنت تقرأ
لعنة طلاسم السحر
Horror"كانت حياتها تسير بسلاسة... حتى ظهر هو. رجل غامض، مهووس، اختطفها من عالمها الآمن وأغرقها في أعماق الظلام. عذّبها وكسر عالمها قطعةً قطعة، ولم تجد مخرجًا من جحيمه سوى اللجوء إلى السحر. ظنّت أن الخلاص قريب، لكنها لم تعلم أن الهروب من وحش بشري قد يفتح ل...
Third part ❤
ابدأ من البداية
