مقدمة...

90 11 9
                                    

البشر يمتلكون طبيعة غريبة، إنها الطمع يعيشون حياتهم وكأنها حياة أبدية، يواصلون اللهاث خلف أحلامهم بالثروة والتميز والتفوق على الآخرين وعندما يصلون إلى مطامعهم تكون حياتهم قد شارفت على نهايتها، يحبون أخذ كل شيء وأي شيء وبدون شروط وبمجرد أن يحين موعدهم يرتجفون ذعرا وكأنهم لم يعلموا بقدوم هذه اللحظة قط!
أليس غريباً أن تطمح للخروج من عالمك الذي خلقت عليه وأن تغزو عوالم الآخرين وتحتكرها لنفسك؟!
أليس غريباً أن تتلف ما بيدك لتسطو على ما عند الآخرين للأسف هذه هي الطبيعة البشرية...
بمجرد أن قضوا على النظام البيئي في كوكبهم، استنفروا ليغزوا كوكباً آخر... وفي طريقهم لتركه أتلفو آخر بقاياه وكأنهم ينتقمون من احتضانه لهم لآلاف السنين!
لقد مر على كوكب الأرض عصور وحقبات مختلفة سيطر عليه خلالها كائنات شتى إلا أن عهد البشرية كان أكثرهم دماراً ودموية فلا تلبث الحروب تهدأ حتى يبدأ التدمير بالبيئة، غازات سامة،أبخرة مدمرة لأغلفة الجو، نفايات عديمة التحلل، القضاء على التنوع الحيوي، انقراض الكائنات الحية، التصحر، ذوبان الجليد، احتباس حراري، وأخيراً الحرب النووية...
وبحلول القرن الثاني والعشرين كان كوكب الأرض يشهد أظلم حقبة في تاريخه، فبعد الحرب النووية التي عاشها في أواخر القرن المنقضي، و التي أبادت معظم الدول، وتسببت بغرق قارة كاملة، وانتشار الغازات السامة التي احدثت تشوهات جينية ما زالت آثارها واضحة على أغلب الكائنات الحية؛ أصبح الوجود البشري مهدداً بالزوال لاسيما بنفاذ الموارد الطبيعية وتسمم التربة وانقراض العديد من الكائنات التي كانت تشكل مصدراً رئيسياً للغذاء، فكان الحل الوحيد أمام البشرية هو غزو الفضاء...

1\1\2110
كوكب سانتور

لطالما تميز الليل بالهدوء والسكينة إلا أن الضجيج المنبعث من ذلك المبنى الكبير نسبياً أوضح أن لقاطنيه رؤية أخرى في ذلك...
وعلى عكس المتوقع فقد كان هذا المبنى متواضعاً تماماً من الداخل، حتى أنه يكاد يكون فارغاً من الأثاث...
وعلى اعتاب احدى الغرف الخاوية كان هناك مجموعة من الفتيات يتجمعن عند الباب ليستمعن إلى الحديث الدائر بقلق على الرغم من أن صراخ من في الداخل قد كان مسموعاً في كل أرجاء المبنى، همست احدى الفتيات متسائلة: مالذي يفكر به هذا الأخرق... هل ينوي حقاً إرسالها إلى الأرض!
تهامست بقية الفتيات برعب لتفصح احداهن عن ما يجول في أذهان الأغلبية: أخشى أن يأتي دورنا من بعدها.
لتنهرها اخرى بهمس: يالأنانيتك! ألا تفكرين بما سيحدث لهذه المسكينة الآن؟
همست بسخرية: عن أي مسكينة تتحدثين أتقصدين ماريانا! أنت المسكينة الوحيدة هنا، هل تتجرأين على الصراخ بوجهه كما تفعل الآن؟!
_حتى وإن كانت كذلك لكن جميعنا يعلم أنها سترضخ لا محالة.
_يمكنها الهرب...
_أنت تخدعين نفسك فحسب، لا مفر من ذلك.
جلجل صوت أنثوي غاضب من الداخل: هل تسخر مني! أعلم أن حياتي لا تشكل فارقاً عندك، ولكني لست حمقاء لأرمي نفسي للهلاك، لا يهمني كم سنجني من ذلك ولا يهمني أي مما تطمح إليه، لذا إن كنت تريد شيئاً فاذهب وأحضره بنفسك، ليس علي أن أعرض حياتي للخطر من أجل مصلحتك وأنت جالس هنا!
حل الهدوء بعد ذلك لتتبادل الفتيات النظرات بفضول
أما في الداخل فقد كانت الشابة الصهباء (حمراء الشعر) ذات العينين الفيروزيتين (الزرقاء) تقف بثياب رثة وهي تكاد تحرق الرجل أمامها بنظراتها المتقدة ليبدو شعرها المجعد المحيط بها بلونه الأحمر وكأنه ألسنة من اللهب
أما الرجل أمامها فقد كان دميم الوجه ضخم الجثة، وكأن عينيه الحالكتين تنطق بمدى جشعه، وعلى النقيض منها كان بارداً متبلداً كقالب جليدي، ليقترب منها بخطى بطيئة وهو ينظر لقدميه، حتى توقف على بعد مليمترات منها، رفع عينيه المظلمة ليحدق بوجهها دون أي تعابير، بادلته بنظرات حارقة وعلى الرغم من خوفها إلا أنها لم تتراجع، فهي لا تريد أن تحاصر بالجدار من خلفها حتى لا تقيد حركتها، وقبل أن تشعر به كان قد انقض على عنقها بقبضته الفولاذيه، وقبل أن تهم بلكمه أدارها لاوياً معصمها خلف ظهرها وكأن كل تحركاتها مكشوفة له، كانت تناضل لالتقاط أنفاسها بينما وضع وجهه على كتفها متحدثاً عند أذنها بصوت جليدي: ستذهبين شئت أم أبيت...
ظلت تتلوى باختناق ليرخي قبضته عن عنقها محتجزاً فكها بين أصابعه بقسوة، وأدار وجهها نحوه عنوة مكملا بذات النبرة وعينيه تغوص في عينيها: ستعودين سالمة أيضاً...ماريانا، أتفهمين؟
كانت نظراتها كفيلة بإيضاح كل مافي قلبها من سخط عليه، دفعها بقسوة محرراً إياها لتتراجع ممسكة بعنقها وكأنها تمسك أنفاسها المتقطعة وعينيها تنطق بكل ما تعرف من شتائم، ثم أدار ظهره خارجاً من الغرفة بخطى هادئة، وبمجرد خروجه تراجعت الفتيات عن الباب بارتباك ليرميهم بنظراته الباردة، فيسود الصمت بينهم، فهتفت ماريانا من خلفه: أكرهك تيتان! أكرهك وأكره اليوم الذي التقيتك به.
عند تلك الكلمات شعر وكأن ذاكرته أخذت أمراً ببث ذلك اليوم في رأسه مجدداً

Memories:

كان الصراخ والعويل سيد الموقف في ذلك الحشد الهائل، الناس تركض وتتدافع وكأنه آخر يوم في حياتهم من يسقط منهم تدهسه الأقدام دون رحمة، كلّ يود النجاة بروحه، وفي وسط كل تلك الفوضى طفلة صهباء صغيرة تصرخ بذعر وهي تحاول ايقاظ والدتها الملقاة أرضاً بعد أن قضي أمرها بمجرد انحنائها لحمل ابنتها...
_ أمي.....أمي استيقظي ارجوكي....أمي...
لم يطل أمرها كثيراً حتى ألقاها التدافع بقرب والدتها وقبل أن تطأ وجهها احدى الأقدام كان قد اختطفها تيتان الفتى الشاب عن الأرض ووضعها فوق اكتافه متجاهلا صراخها: أمي... كلا كلا... أمي... أرجوك ساعد أمي ياسيدي... أرجوك أنقذها... أمي... أمــــي.
ليعلو صوت مكبرات الصوت على صوتها وهي تصدح بالنداء الأخير: المركبة التاسعة على وشك المغادرة... يرجى من الجميع التزام الهدوء وعدم التدافع... أكرر... المركبة التاسعة على وشك المغادرة... يرجى من الناس المحتشدة اخلاء المجال للإقلاع... لسنا مسؤولين عن أي من ضحايا التدافع.. 
the end of memories~~~

تجاهل ما قالت وكأنه لا يسمعها، مخرجاً من جيبه حجراً أبيضاً ورماه على احدى الفتيات ليقول وهو يسير مبتعداً: أعطه لها.
لتصرخ ماريانا قبل ابتعاده: أنت من أنقذني وأنا من سأقتلك يا تيتيان، أتسمعنـي...

يتبع...

~~~~~~~~~~~~~~~~~
أعزائي القراء أقدم لكم روايتي "قمة الأرض" والتي استوحيتها من فرضيات علمية إلا أنها ميالة للخيال أكثر منها للواقع قد يوحي لكم عنوانها بأنها رواية علمية على الرغم من أنها مليئة بالمغامرا، الأكشن، العاطفة، والتشويق، أتمنى أن تنال أعجابكم 😊
سيكون موعد نزول الفصل الأول 2024/7/1
ومن ثم سيتم تحديث الفصول بشكل يومي
يمكنكم حفظ الرواية بالمكتبة حتى يصلكم الاشعار عند  التحديث...
كل الحب  💋🌹

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: May 09 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

قمة الأرضWhere stories live. Discover now