الفصل الأول

462 15 7
                                    

الفصل الأول
تمايل خصرها بصورة متناغمة مع تلك الموسيقى، أطبقت جفنيها لتنغمس مع تلك النغمات الصاخبة، وأخذت تهز كتفيها بصورة احترافية مستعرضة منحنيات جسدها البض بصورة تهزم أعتى الرجال، ثم فتحت أعينها مجددًا عندما شعرت بتلك الورقات المالية تتناثر فوق رأسها كالأمطار الغزيرة، وأبصرت وقتها أحد زبائن الملهى الليلي الذي كان يلقي الأموال فوقها والشهوة والنهم يلتمعان في كلا حدقتيه بوميضٍ اعتادت رؤيته خلال ذلك العام الذي عملت به بذلك المكان الحقير!

وفجأة توقفت الموسيقى ليتوقف جسدها تلقائيًا عن الرقص، وأخذت تتابع ذلك التصفيق الحار من الزبائن وعلى ثغرها بسمة مجاملة لا حياة فيها، ثم انسحبت بهدوء سائرة ناحية غرفتها الخاصة والتي وما إن دلفتها وجدت أمامها مالك ذلك الملهى الليلي يجلس أمامها، واضعًا ساقًا فوق الأخرى، وواضعًا سيجارته الفاخرة في فمه، فرسمت وقتها على ثغرها ابتسامة خفيفة قائلة بتملقٍ:

- "مهيب" باشا منورني بنفسه هنا!

ارتسم على ثغره ابتسامة سخيفة قائلًا بنبرته المغمورة بالهيبة التي لطالما بثت التوتر لقلبها:

- كنتي هايلة إنهاردة.

أومأت له بارتباكٍ وفجأة وجدته ينهض من على كرسيه مقبلًا عليها، فانتظرته بخوفٍ ظهر في مقلتيها التي اختلجت، وكما توقعت عكر صفوها بكلماته اللاذعة وهو يقول بوقاحة:

- تاني مرة لما تلبسي بدلة مبينة بطنك بالشكل دة ابقي حطي عليها مكياج عشان تداري الحرق دة .

وتلقائيًا استدارت لتنظر لانعكاسها بالمرآة لتبصر تلك الندوب المتوسطة الحجم على بطنها؛ أثرًا لحرق قديم تلقته على يد أبغض الناس لقلبها، ثم أطرقت رأسها بحرجٍ قائلة بقلة حيلة:

- حاضر يا "مهيب" باشا، غلطة ومش هتتكرر .

أومأ لها بقتامة رأتها من خلال انعكاس صورته بالمرآة هو الأخر، لتجده أيضًا يهتف بصورة تهديدية غير مباشرة وهو يرفع حاجبه الأيسر بتلك الصورة المخيفة:

- "غاية" دي مش أول مرة أنبهك على نفس الموضوع، لازم تكوني بتلمعي ، لازم تكوني مستوعبة الناس اللي برا دي منتظرة واحدة ترقصلهم شكلها إية ، وإلا إنتِ عارفة ممكن أعمل فيكي إية ...

سيطرت على رجفة جسدها التلقائية؛ بسبب البرودة القارسة التي اشتدت في الجو؛ بسبب حلول فصل الشتاء خلال تلك الأيام، ثم هزت رأسها بطاعة هامسة بنبرة شبه مسموعة، هاربة بعسليتيها منه:

- أوامرك يا "مهيب" باشا.

وخلال لحظات خرج من المكان بأكمله؛ لذا تنهدت براحة، ثم اتجهت ناحية الباب لتوصده جيدًا قبل أن تبدأ في خلع ملابسها واحدة تلو الأخرى، ثم بدأت في ارتداء غيرها بصورة سريعة؛ من فرط برودة الجو، التقطت "غاية" المعطف الثقيل ثم ارتدته على عجالة، وأخذت تزيل مستحضرات التجميل من على وجهها بهدوء ظاهري قبل أن تلتقط حقيبتها الجلدية السوداء لتخرج من الغرفة بأكملها بحالٍ نقيض الأخر الذي دلفت به!
_______________________________
- مش كفاية كدة؟

الدياجي بينهماحيث تعيش القصص. اكتشف الآن