الموت انتصر

10 4 2
                                    

كانت ساحة الحرب الحمراء تصرخ، ولكن ما من مجيب، كان صوت صرخات الجنود، وصهيل الخيول، وتضارب السيوف، أعلى وأشد.
اختار الفارس ضحيته، كان جندي ذو سيف ضخم، يلوح به يمينا ويسارا، لا يوقفه إلا عنق منحور، أو درع مكسور، تاركا جرحى ينزفون، أو جثثا هامدة. شد الفارس قبضته على سيفه، وألصق قدماه بفرسه، وسحب العنان، أطلق الفرس صهيلا مدوّيا، وانطلق بسرعة تجعل من أي فارس أن يهوي عن حصانه، ولكن ليس هذا الفارس، لم يرى لتوازنه على فرسه مثيل، كأنه يرى ما ترى، ويشعر ما تشعر، ويركض معها.
مع كل ثانية، كانت سرعة الفرس تزداد، والمسافة بين الفارس وضحيته تقل، وعندما  اقترب، أرجع الفارس سيفه بيده اليمنى، وشد العنان باليسرى، محافظا على توازنه.
كان الجندي يبارز مقاتلين، ولكنه لم يخف البتة، فقد اعتاد على ذلك بسيفه المصقول من حديد أسود رمادي، بقبضته الذهبية، وغمده المزخرف مثل درعه الخميل بوزن جثة هامدة. كان يسد ضرباتهم بانسيابية مبهرة، وكأن السيف الذي كان بوزن صاع وبعض الصاع كان ريشة بيد رسام، إلا أن اللون الوحيد الذي كان يستخدمه ذاك الرسام، هو اللون الأحمر القاتم.
أنهى الرسام لوحته بجثتين يسيلان الدم الساخن، ولكن ما أن لبث أن يهمد، حتى رأى من بعيد فرسا جامحا كستنائيّة اللون، مجحلة  ناصيتها بيضاء، تطلق صهيلا يرى فيه العزيمة، وفوقها فارس بدرع حديدي بزخرفة بسيطة مشبوك بها رداء أحمر خمري، حاملا سيفا رفيعا لامعا، آت نحوه.
أمسك الجندي سيفه بقبضتين من حديد، وثبت قداه على الأرض كجذع نخلة متين، بينما أرجع الفارس سيفه، ونادى بصوت عال مناد فرسه "هيا يا مَوْج!"، فأصدرت موج صهيلا ينذر بعزم شديد. كلما اقترب المقاتلين، زادت أنفاسهم، وتسارعت نبضات فلبهم، لا يدري أحد أسينجو أم يموت، ولكن كل منهما مستعد، مستعد للنتيجة مهما كانت.
                                                            …......
أكملت الفرس مسيرها، ليمتطيها فارس آخر، وسقط السيف الأسود المزخرف، ليحمله جندي آخ، وانتهت حياة المقاتلين، تاكين وراءهم ذكرى سيتبناها شخص آخر.

🎉 لقد انتهيت من قراءة الموت انتصر 🎉
الموت انتصرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن