اقتباس

856 23 7
                                    

اقتباس
لم تشعر بنفسها وهي تدفع الباب بكل قوتها حتى تغلقه، ولكنه وضع قدمه لتكن عائقًا لها في إنهاء ذلك الكابوس، وفجأة انتفض جسدها بذعرٍ ما إن استمعت لصوته الجهوري الذي دب الرعب في قلبها:

- مش بسهولة كدة يا "غاية".

تركت الباب وفي لمح البصر اتجهت ناحية غرفتها لتوصد بابها بالمفتاح ودقات قلبها تكاد تكون مسموعة من فرط الهلع. حاولت "غاية" السيطرة على أنفاسها المتهدجة وهي تلاحظ ذلك الصمت المريب بالمكان، ولكنه لم يدم كثيرًا؛ لأنه وفي خلال ثوان كان يندفع الباب بسرعة قصوى مصدرًا صوتًا مدويًا جعلها تصرخ بفزعٍ، ثم تراجعت بخطواتها للخلف وهي تجده أمامها بملامحه القاتمة التي لا تبشر بالخير، معنت النظر في عينيه لتجد تلك النظرة التهكمية، وكأنه يتلذذ بارتعادها هكذا أمامه، ولمَ لا!؟... فهو لم يتجرع العبرات والحزن سوى على أيديها!

اقترب "عمير" من ابنة عمه أكثر فأكثر، حتى وصل بها للحائط بعدما ظلت هي تتراجع للخلف بلا فائدة، ثم ابتسم بتشفٍ وهو يرى الذعر يتراقص بمقلتيها، ظل يتابعها بصمتٍ لعدة لحظات ازدادت بسعادة عندما رأى الدموع تلتمع في عينيها؛ لذا طال تحديقه بها، لتخرج الكلمات وأخيرًا من بين شفتيها بصورة مرتجفة توضح مدى ارتعابها:

- "عمير" أنا معملتش حاجة.

اختفت ابتسامته الواسعة، وازدادت قتامة وجهه، رأت "غاية" وقتها النيران المتأججة في حدقتيه، وحاولت التفكير بصورة سريعة لعلها تجد حلول للهروب من ذلك المأزق؛ لذا وتلقائيًا ظلت تجوب الغرفة بعسليتيها، فتحدث هو وقتها بسخرية وكأنه يقرأ أفكارها العاجزة:

- إية مكفاكيش هروب سنة بحالها بتدوري على طريقة تكملي بيها أكتر؟

شعرت بتسارع ضربات قلبها وحاولت السيطرة على حالة الرعب التي كانت مصابة بها، ولكن ولسوء الحظ الأمر ظهر بصورة هستيرية في جسدها المرتجف؛ لذا رفعت رأسها قليلًا بعدها أطرقتها لتحرك شفتيها قائلة بإعياء:

-"عمير" أنا...

ولم تستطع إكمال جملتها بسبب فقدانها للوعي في تلك اللحظة، بينما هو يتابعها ببرودٍ تامٍ وهي ملقاة على الأرضية الصلبة وهي فاقدة الوعي، العبرات لم تجف من على وجنتيها، شعور الانتشاء بداخله يزداد وكل ذلك خلال دقائق؛ لذا ظل يفكر فيما سيفعله في المستقبل وهو يستفحل شرا ضدها، ضد تلك القاتلة!
بقلم/رولا هاني.

الدياجي بينهماحيث تعيش القصص. اكتشف الآن