الثامن عشر

533 25 5
                                    

أنجبت وما زالت عذراء.. الثامن عشر.. صباح عبدالله فتحي.


في منزل عامر.. وقف جاسم متخشب مكانه ينظر إليها وهي مغيبه عن العالم بين ذراعي.. شعر بالخوف ان بكون حدث إليها مكروه.. لكنه... تظاهر بالبرود عندما رأي عامر.. يخرج من غرفته مرتدياً بذله سوداء ومصفف شعره للخلف.. كان عامر يغلق في ازرار قميصه.. وان راء سارة مغشي عليها بين ذراع جاسم ركض اليها وهو يصرخ باسمها.


عامر: "سارة؟"


شعر عامر بالهلع والخوف الشديد على شقيقته، أخذها من على ذراع جاسم، الذي كور قبضته بعنف في محاولة السيطرة على ذلك البركان المشتعل بداخله. أما عامر، فحمل سارة وصعد بها إلى غرفته. وقف جاسم ينظر إليهما وهو مترددٌ، هل يذهب خلفهما ليطمئن على معذبة قلبه، أم يتجاهلهما ويستمع إلى عقله؟ فهي لم تعد حبيبته كما كانت في السابق. وكالعادة، انتصر العقل على القلب، فهبط جاسم الدرج بثبات، كما لو لم يحدث شيء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في غرفة جاسم، حيث تقف سلوى تنظر إلى لا شيء، وهي في حالة من الذعر والذهول. وهي لا تصدق أن ذلك السر اللعين، الذي تخفي منذ سنوات، سيعود ليدمرها ويدمر حياتها وعائلتها بالكامل. انهارت على أقرب مقعد أليها وتسللت دموعها بحرقة على خديها، لم تشعر إلا بيد صغيرة تربت برفق على كتفيها، نظرت إلى يسارها لترى صاحبة تلك اليد، فوجدت فرودس تقف بجانبها تبتسم إليها بود، ازدادت دموعها على خديها، وتذكّرتُ ذلك اليوم الملعون، حين علمت بوجود فردوس في أحشائه، بعد ولادة ريم بعام واحد.

ذكريات سلوي (رجوع للماضي)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في مكتب عزمي.


جالس عزمي على كرسي المكتب، يتفحص بعد الأوراق، فاجأته سلوي بجومها على مكتبه. وأغلق الباب خلفها باحكام، وجلست على المقعد باهمال، وتحدثت بغضب نوعًا ما، لكن كان صوتها منخفضًا خوفًا من أن يستمع أحد إلى حديثها.



سلوي: "هانعمل إيه في المصيبة دي؟ أنا طلعت حامل في تالت شهور وعشرين يوم وأنا ما عرفش."



اندهش عزمي مما سمعه فوقف صارخًا في وجهها قائلاً بدهشة وغضب.



عزمي: " حامل؟! حامل ازاي؟ أنتِ اتجننتي يا سلوي؟!



سلوي بغضب مكتوم: "هو أي اللي حامل ازاي؟! وبعدين، خُد بالك، احنا فين؟! مش ناقصين مصايب؟! كفاية اللي احنا فيه."



عاد عزمي وجلس على مقعد، وأخذ سيجارةً يشعلها بغضب، في محاولة السيطرة على بركان الغضب المشتعل بداخله، حينما قالت سلوي بهدوء نوعًا ما.



سلوي: "هنعمل إيه دلوقتي ونعرف فؤاد ازاي بالحامل ده؟! المرة دي مستحيل يقتنع، لأنه بقا له سنة تقريبًا ما قربش مني."



عزمي: اللي في بطنك ده لازم ينزل؛ لان فؤاد لو عرف هتكون مصيبه وفؤاد عرف انه مش بيخلف وبصعوبة خليت الدكتور يقنعه أنه من بعد ريم مبقاش يخلف.


سلوى بعصبيه مكتومة: طيب وهنعمل اي دلوقتي انا لسه جايه من عند الدكتوره وهي بنفسها قالت الحمل كبير ومش هينفع اعمل اجهاض علشان هيكون خطر على حياتي. 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الحاضر)


استيقظت سلوى من شرودها، وجدت فردوس تمسح لها دموعها من خديها، وابتسمتها جميلة لم تفارق وجهها. عانقتها سلوى بشوق لأول مرة منذ ذلك اليوم الذي حملتها لأول مرة عندما رأت فردوس الضوء لأول مره في حياتها، تمنت لو كانت قد احتفظت بها ورعتها مثل باقي أخواتها، لكن الظروف القاسية هي من منعتها من ذلك.



وقعت عيناها على سك***ين موضوعه على طبق الفاكهة، حملتها بيد مرتجفة، وهي تقول بشرود وتحذق في الس***كين.



سلوي: "ما كانش لازم تظهري زي ما مكانش لازم تجي من الأساس، إنتِ السبب في كل حاجة حصلت وبتحصل، على قد ما حبتك على قد ما كرهتك بسببك عملت حاجة كتير ما كنتش عاوزة أعملها."



بينما تتحدث سلوي وهي تنظر لس***كين، كانت فردوس تربت على ظهرها بحنان شعر به قلب سلوي، التي رفعت الس***كين تستعد لطعنها من الخلف، لكنها ضعفت أمام براءة فردوس. ومهما كانت هي أم في النهاية، ألقط الس***كين من يدها، وابعدت فردوس عنها بعنف، وقعت فردوس أرضًا وانصدم رأسها بالحائط، تركتها سلوي وغادرت الغرفة دون أن ترى ما فعلته بتلك المسكينة، أما فردوس فوضعت يديها على جبهتها التي تن**زف، وبكت وهي لا تعرف لماذا يعاملها الجميع بهذه القسوة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في غرفة سارة


دلف عامر حامل سارة على ذراعيه، وضعها على الفراش وركض يحضر زجاجة برفان من علي التسريحه، وجلس على مقربة يرش البرفان بالقرب من أنفها وضرب وجهها برفق في محاولة افاقتها، وبعد عدد محاولة، استعادة سارة واعيها، زفر عامر بارتياح وهو يقول.


عامر: سارة انتى كويسه حاسه باي.


كانت سارة تحاول استعاد واعيها، وعيناها تبحث عن مجهول، نهضت وهي تلهث وجهها يتعرق. وتقول.


سارة: الحمدلله كان مجرد حلم، لا ده كان كابوس؟



نظر لها عامر في صمت للحظات وهو يعرف عن ماذا تتحدث، ثم تفوه قائلاً.


عامر: لا يا سارة ما كنش حلم جاسم رجع.


وان استمعت لتلك الكلمات واقع قلبها بين قدمييها وهربت الكلمات منها، وحذق في عامر بذهول، وبعد ان استوعبت ما سمعتها، تفوهت قائله وهي تحاول خداع عقلها.


سارة: لا طبعا الشخص ده مستحيل يرجع لا مستحيل انت اكيد بتهزر صح؟


عامر: لا يا سارة مش بهزر وانتي ما كنتيش بتحلمي انتى شوفتى جاسم تحت واغمي عليكي.



تذكرت سارة ذلك اللقاء المرعب، فرتجف جسدها وانهمرت دموعها وهي تقول.


سارة: لا مستحيل يرجع مستحيل؟


ضمها عامر إليه وربت على رأسها بحنان، وهو يقول.


عامر: هشششش مش عاوزك تخافي من حاجه طول ما انا معاكي مستحيل أسمح له يقرب منكم مرة تانيه.




شعرت سارة بالاسترخاء بين ذراعي عامر، فاستلقت على فراشها ووضعت رأسها على قدم عامر، وظلت تبكي وترتجف بسبب الخوف حتى تغلب عليها سلطان النوم. عندما استقرار جسدها، عرف عامر أنها نامت، فدسها في الفراش برفق وتركها، وغادر الغرفة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
في غرفة ريم



نظرت ريم إلى انعكاس صورتها في المرآة، وإلى فستانها الأبيض البراق. بعد انتهاء الفتاتان من تجهيزها، أصبحت عروسًا تخطف الأنفاس بجمالها رغم صغر سنها.



كانت أم خيري جالسة قربها، واقتربت منها وهي تقول بحزن دافين في صوتها، بسبب رؤية الحزن والعبوس على ملامح طفلتها المدللة.



أم خيري: بسم الله، ما شاء الله، ربنا يحميكي يا بنتي من عيون الحسد والحقد. يا رب، جميلة اوى في الفستان الأبيض يا ريم.



نظرت ريم إلى أم خيري ومسكت يدها برجاء، وتفوهت بصوت باكي ودموعها تلمع في عينيها.



ريم: بالله عليكي ساعدني انتى يا داد أهرب من هنا انا مش عاوزه اتجوزه مش عاوزه اتجوز ابن البواب.


وقفت أم خيري حائره لا تعرف ماذا تفعل، هل تساعده علي الهروب وتنقذها من شيء لا ترغب بها؛ ويكون الثمن حياتها، فهي تعرف انا جاسم لن يغفر لها ان فعلت ذلك، طردت تلك الافكار من رأسها، ونظرت الى تلك المسكين التي احمرت عيناه من شده البكاء، وابتسمت بود وهي تقول.


أم خيري: هسألك سؤال يا ريم بس تجاوبيني بلي يحس بيه قلبك.


نظرت ريم اليها في صمت تنتظر ان تعرف ما هو ذلك السؤال، أما أم خيري اكملت حديثه بهدوء وحذر شديد.


أم خيري: لو كان ابراهيم مش ابن البواب كنتي زعلتي لدرجة دي يا ريم علشان هتكوني مراته.



شردت ريم في هذا السؤال، وهي نفسها لا تعرف الاجابه عليه، هل مشكلتها مع ابراهيم شخصياً ام مع أبن البواب، وان كان معه شخصياً بسبب ما حدث، فهي اكثر شخص يعرف انه لا ذنب له في ما حدث، هي من أجبرته علي شرب الخمر، عندما رأت أم خيري الحيرة في عيناها، عرفت علي الفور أنها لا تكره ابراهيم بل تكره أبن البواب، فتفوهت قائلة بهدوء.



أم خيري: بصي يا ريم يا حبيبتي هقولك حاجه ممكن أول مره اقولها لكي، انا لم اتجوزت اتجوزت أبن الجنايني اللي كان شغال عندنا.



نظرت ريم اليها في دهشة، فاكملت أم خيري حديثه هي تبتسم بسعادة.


أم خيري: وعشت معه اجمل ايام عمري، وقتها بس عرفت أن السعادة مش بالفلوس، السعادة الحقيقه يابنتي انك تلاقي انسان ابن حلال يتقي الله فيكي ويحبك وتحبي، وانا متأكدة انك مش هتلاقي حد يحبك اكتر من ابراهيم، ابراهيم بيحبك يا ريم.


نظرت ريم اليها بذهول وتفوهت في دهشة قائلة.


ريم: بيحبني بيحبني ازاي.



ابتسمت أم خيري، وهي تمسك وجهها برفق.



أم خيري: لو ما كنش بيحبك يا ريم كان اول حاجه عملها هي أنه خاف علي نفسه وهرب بعد اللي حصل بينكم ده، بس ابراهيم ما عملش كده وحتي فضل ساكت ما قالش  كلمة تجرحك رغم انك جرحتِه وجرحتي كرامته كتير يا ريم، وانا واثقه ان ابراهيم ابن حلال وهيخليكِ اسعد انسانه في الدنيا، ومش هتلاقي احسن منه علي الاقل متربين سوا وانتم صحاب وكل واحد فيكم عارف التاني اكتر من نفسه.



شردت ريم في حديث أم خيري، قطع شرودها صوت طرقات علي باب الغرفه، سمحت أم خيري لطارق بدخول، دلف احد الخدم قائلاً.



الخادم: جاسم بيه مستني الانسه ريم تحت.


قال الخادم كذلك وغادر، شعرت ريم بضربات قلبها تتسارع، فامسكت كف أم خيري برجاء، لعلها تشفق عليها وتنقذها من هذا المأذق، ابتسمت لها أم خيري وهي تقول.


ام خيري: عارفه يا ريم انتي عاوزه ايه بس انا لو كنت شايفه ابراهيم مش كويس انا بنفسي كنت هربتك من هنا، بس انا عارفه ومتاكدة انك مش هتلاقي احسن منه.


مسحت أم خيري دموعها من علي خديها، وساعدتها علي النهوض وهي تقول.


أم خيري: افرحي يا ريم علشان هيجي يوم وهتندمي علي زعلك في يوم حلو زي ده.


فقدت ريم الأمل ان ينقذها احد من هذا الزواج الذي لا ترغب بها، فستسلمت لمشيئه القدر وسارت مع أم خيري بخطوات لا تشعر بها الى خارج الغرفه، لتواجه مصيرها المجهول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الأسفل


هبط عامر الدرج، رأي سعد الذي أن راه اخفض رأسه بخجل وابراهيم الذي شعر بالخوف منه كالعادة، وجاسم الذي بحثت عيناه علي معشوقته وأن لم يراها في مكان تظاهر بالبرود وبالا مبالاة، كان جالس المأذون والمعازيم ينتظرون قدوم العروس، ذهب عامر وانضم اليهم، فتسألت احد المعازيم عن سلوى قائله بنبرة شبه ساخرة.



- هي المدام سلوى مش موجوده ولا اي معقولة مش فاضيه تحضر فرح بنتها.


اخرستها سلوى وهي تهبط الدرج، مرتديه فستان أزرق انيقة علي كعب من نفس اللون وعقد أبيض من الألماس لفتت انتباه الجميع بجمالها رغم كبر سنها، ذهبت سلوى وجلست بجانب عامر ونظرت الى المرأه وابتسمت ابتسامه صفراء وهي تقول.


سلوى: لا يا حبيبتي مش معقولة ما حضرش فرح بنتي ونور عيني وحتي لو مش فاضيه افضي نفسي علشان مناسبه حلوه زي دي.


نظرت المرأة الي ابراهيم ولوت فمها بسخرية وهي تقول.


المرأة: ما هو بين يا حبيبتي انها نور عينك علشان كده هتجوزيها أبن البواب.


نظر سعد الي سلوى واخفض رأسه بخجل شديد، نظرت سلوى الي جاسم فتظهر بالاه مبالاة، زفرت سلوى بهدوء وابتسمت بخبث وتفوهت قائلة.



سلوى: يا حبيبتي اما اجوز بنتي لأبن البواب اشرف ليا من أني اجوزها لواحد بتاع مخدرات وطول عمره هربان.


نظرت المرأة حولها في خجل وظلت صامته، فبتسمت سلوى بانتصار، لكن لم تدوم ابتسامتها كثيراً عندما رأت عزمي يدلف الي المنزل ومعه ياسين وصبا، وقفت وهي تحذق به بذهول، وان رأهم عامر نهض هو أيضاً، تعجب جاسم من وقوفهم المفاجأ نظر حيث ينظرون، فاتفاجأ هو أيضاً بعزمي ورجاله ومعهم صبا وياسين، وقف هو أيضاً هو يقول بغضب.


جاسم: ليك عين تجي لحد هنا.



ابتسم عزمي بسخرية هو يخرج السجائر من فمه.



عزمي: ليك معايا مفاجأة هتعجبك اوى يا جاسم بيه.



نظر إلى رجاله، فرفع الرجال القماشه السوداء عن عين صبا وياسين، وجلب احدهم كوب ماء ورش الماء علي وجه ياسين وصبا، وان فتح كل منهم عيناه تفاجئوا بالمكان الذي هم في، هب ياسين واقفاً هو ينظر الي عزمي والجميع بدهشة، اما صبا ظلت صامته نظراتها معلقه علي عامر الذي نظر اليها بشوق وحزن، وكان ان يقترب منها ليه يطمئن عليها لكن تراجع عندما رأه ياسين يقترب منها هو يقول بلهفه وقلق حقيقي.



ياسين: صبا حبيبتي انتي كويسه حد عمل فيكي حاجه حاسه بحاجه وجعاكي.


هزة صبا راسه بالنفي وهي تقول بابتسامة باهطه.


صبا: ما تخافش ياسين انا الحمدلله كويسه.


ثم نظرت الي عزمي ورجاله وهي تقول بأستفهام؟


صبا: بس مين دول واحنا بنعمل اي هنا؟

يتبع

انا اسفة اوى يا جماعه والله العظيم الحساب اتقفل ما عرفت ارجعوا غيري دلوقتي

أنجبت وما زالت عذراء..  صباح عبدالله فتحي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن