الفصل الثالث والعشرون: أحتضر ماليكا.

Start from the beginning
                                    

ليست كلمة أحبك كما أخبرني المحقق هبداوي فقد بحثت عنها لكنني اعتبرها "مرحبًا" وأنا أعلم تمام العلم إنها ليست مرحبًا بالتأكيد.

لماذا تأخر كل هذا الوقت؟

لم أصنع فطور لأن ليونار يصنع لنا شيء كل يوم منذ أسبوع لإنه يطبخ عندما يحزن، لقد تناولت انواع أطعمة لأول مرة في حياتي خلال الستة أيام الفائتة من إفطار، غداء وعشاء، تقريبًا لقد زاد وزني، فقد بقينا جميعًا بمنزلي بعدما تأجل العُرس لليوم، فقد حط الحزن علينا كما يحط الضباب فوق المدن، لم يرغب أحد في تصنع السعادة بعد الهلع الذي تلبس المدينة.

هناك سفاح خطف طبيب حاصل على جائزة قبل مؤتمر مهم وقتله أمام أنظار الجميع بهذه البساطة!
العالم في حالة هلع هائلة.

- هو ليو معملش فطار ولا إيه؟

قالتها شهد بنبرة متذمرة بعدما دلفت الشرفة تتفحص الأمر، فرفعت كتفي دلالة على لا أعلم قبل أن أسمع صافرة ليونار التي جعلت بؤبؤا عينا شهد يتضاعف حجمهما من الحماس والسعادة ثم أنزلت السلة المصنوعة من الخوص على الفور للأسفل، أخرجت شهد عدد من العلب البلاستيكة أعطتني المكتوب فوقها "قاسية الفؤاد" فتحتها بهدوء فوقع بصري على فطائر "بانكيك" مرسومة على شكل سلحفاة، فضحكت بخفة وحركت رأسي بدون تصديق.

_ يا إحنا يا شرباتات يا إحنا في الكوبايات.

غنتها شفا التي دلفت فجأة ممسكة بحاوية أكواب حديدية لتبدأ فقرة الغناء الشعبي الذي يحدث عادتًا في المناطق الشعبية اللطيفة قبل العرس في محاولة ناجحة منها لاستعادة سعادتنا من جديد، فنحن لدينا عُرس اليوم!

بينما في الداخل في غرفتي تحديدًا حيث جلست نجمة فوق مقعد أمام المكتب الصغير وأمامها مذكرات أقلام ودفاتر حيث تحاول المذاكرة رفقة زوجها رائف الذي صار يحضر معها الشرح ليساعدها، وضعت كفها فوق جبهتها وهي تحاول قراءة السؤال أمامها من مادة المحاسبة ثم هتفت بضجر:

- ليه  الدفعات السنوية بتظهر دائنة مش مدينة؟ مش المفروض بتتسجل كده.
من ح /الإيرادات والمصروفات
إلي ح/ الدفعات السنوية

- حبيبتي الدفعات السنوية دي مصروف على شركة التأمين فلازم تظهر في خانة المدين، إنما مقابل الدفعات السنوية هو ده اللي إيراد يظهر في خانة الدائن، الدفعات السنوية دي إيه؟ مصروف الناس بتروح لشركة التأمين تدفعه..

قالها رائف بنبرة رخيمة ليشرح لها الأمر ثم بدأت في شرح ما يحدث بالشركة بشكل تفصيلي لكنها لم تستمع لشرحه فقد بعثرت نظراتها على ملامحه وحركات جسده البسيطة التي تعشقها تذكرت ما حدث في الأسبوع الماضي ووجوده بجانبها طوال الوقت لاحتواء الخوف الذي قبض على خصلات قلبها من جديد وقطع يده حتى لا يتمّلك منها ويفتك بها، حتى إنه موجود كذلك داخل كوابيسها في هيئة الصياد الذي يقتل الوحوش المطاردة لها.

أنوبيس Where stories live. Discover now