فتاة النافذة -الجزء الأول

11.6K 92 20
                                    

بين زقاق المدينة و تحت المطر الغزير تتلبد السماء فوق رأس ذلك الفقير يمشي في الأرجاء مختبئ كي لا يرى أحد شكله الذي يعبر عن المعنى الحقيقي للفقر .. شكله الذي ربما زالت منه معاني الانسانية !
في أحد الليالي و بين تلك الزقاق أفاقت كرستين على صوت غناء عذب تحت نافذة غرفتها ... لكن ! من عساه يغني في هذا الوقت ؟! لا بل في هذا الجو العاصف !؟ تثاقلت اقدام كرستين في مغادرة سريرها الدافئ الذي وكأنك تسبح في عالم من الريش ووضعت قدميها في ذلك الحذاء الحريري وسارت على تلك السجادة الناعمة الفخمة والتي بمظهرها تعرف معنى الدفئ .. و أقبلت الى نافذة غرفتها وهي تحمل كم هائل من الفضول ! من عساه يكون صاحب ذلك الصوت !
فتحت كرستين النافذة وأطلت برأسها فاذا به شابا فقير تكاد الملابس تغطي جسده من شدة اهترائها ، فنظرت كرستين بمل شفقة عليه وعندما سمع ذلك الشاب خشب نافذة كرستين يطرق بقوة من شدة الرياح ... أدار رأسه ناظرا الى تلك النافذة .. فاذا به شاب شديد الجمال ! تعجبت لا بل ذهلت كرستين من شدة جماله كأنها أول مرة ترى مخلوق في هذا الجمال لا بل هي فعلا أول مرة ! ثم شعرت بالخجل الشديد لانها أحست أن الشاب قد خذل عندما رأى فتاة تنظر اليه بكل ملامح الشفقة تلك فذهب مسرعا ! ذهلت كرستين من ردة فعل الشاب وأنبت نفسها .. ولكن ما عساها تفعل؟ فعادت الى سريرها و خلدت الى فراشها والفضول بنتابها تريد أن تعرف من هذا الشاب الوسيم و ما هي قصته ولكن ما غلب على التفكير في قصته هو جماله الخلاب ! تلك العينين الزرقاوتين وذلك اللون الأسمر الجميل و الشعر شديد السواد كظلام الليل و يا الهي بذلك الطول الفارع !
ثم سمعت كرستين صوت زقزقت العصافير فسعقت !! يا الهي كم الساعة ؟ هل استمريت بالتفكير كل هذا الوقت ؟! وبماذا ! لا عليك يا كرستين فالتنسي ما حصل تلك الليلة ! وبعد ذلك الحوار بين كرستين وعقلها قفزت من سريرها مسرعة ... لترتدي ذلك الفستان الجميل المرصع بالألماس ...والقبعة المزينة بريش النعام والحذاء الطويل من جلد الغزال .. ونزلت مسرعة بفستانها الذي يكسو جسدها الرشيق الجميل وذهبت لتجلسمع أبيها رجل الأعمال الكبير السيد هنري وأمها صاحبة القلب الطيب و الشخصية اللطيفة بعكس والدها تماما وجلست على مائدة الفطور ... كرستين هي الابنة الوحيدة لأثرى رجلأعمال في مدينة لندن والمعروف عنها بجمالها الأخاذ وقلبها الحنون ... وهي تبلغ من العمر عشرين عاما !
بعد جلوسها مع والديها على مائدة مليئة بكل ما تشتهي النفس وترغب من طعام .
ظهرت علامات اليأس على وجه المسكينة كرستين ولقد لاحظت والدتها السيدة جاكلين هذا اليأس فبادرت اليها تسأل : ما شأنك يا عزيزتي لا تأكلين هل أنت على ما يرام ؟
كرستين وبصوت حزين : آه نعم يا أمي أنا على ما يرام .. ولكن بداخلها تذكر ذلك الشاب المسكين.... كيف لها أن تنسى شكله بعد أن رأت تلك العينين الزرقاوتين تحكي قصة أليمة ! أنهت كرستين فطورها بتثاقل ودون شهية غادرت الى جامعتها في الطريق كان العم جاك سائق العائلة ينظر بمرآته الى عيون كرستين الشاردة البعيدة عن العالم فسألها بفضول : ما بها جميلتنا الصغيرة تحمل هموم الكون داخل عيناها البنيتين ؟ كرستين لم تسمع ما قاله العم جاك فهي منفردة في عالمها الغامض ... أعاد العم جاك الكرة وسأل بنبرة مرتفعة ! فخطف كرسين من عالمها ليعيدها للواقع كرستين وبانزعاج : لا ..لا شيء أنا على ما يرام ولكني أفكر في اختبارات نهاية الفصل
العم جاك وبتطفل : وهل هذه الاختبارات تفعل كل هذا بجميلتنا الصغيرة ؟ كرستين لم ترد وما كان لها سوى الرد على تساؤل العم جاك بابتسامة صغيرة تخلو من معاني الفرح ... فلعل تلعثم لسانها يفضح سرها !
نزلة كرستين من السيارة متجهة الى بوابة الجامعة الرئيسية .. فاذا بالمتعجرف فورد ينتظرها كالعادة ليستفزها ويستغل الحديث معها

يتبع :)

فتاة النافذةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن