لَن أبتَعد

Start from the beginning
                                    

حينها كنتُ اتنمرُ على ديكو وبعدَ خروجِنا اخبروني أنني اشبِهُ الوحشَ الخطير
لَقد قالو هذا على سبيلِ المزاح لكنهُ كانَ ثقيلاً بالنسبةِ لي
عدتُ إلى المنزل وحاولتُ قطعَ بعضَ الخطوط على يدي،لأني سمعتُ أن هذا يُريح ويُخفِفُ بعضَ الآلام
لكن أولُ شيء فكرتُ فيه هما والداي
كيفَ أحاولُ قتلَ نفسي بينما والداي هنا؟
كيفَ سأتركهم وحدهم؟
رميتُ عندها الشفرة بِسرعة بعيداً عن يدي وعزمتُ أني لَنْ افعلَ هذا مُجدداً وكانَ السبب الأول في عزيمتي هذهِ هما والداي...والداي اللذان حطماني بعدَ ليلةٍ واحدة
واحدةٍ فَقَط...

وحينها حلَّ الصباح وحدثَ الشجار
وعلِمتُ مِن كلامِهما أن تَفكيري بالأمسِ لَمْ يَكُن صحيحاً
وأنهم يوافِقونَ كلامَ صديقي بِشدة
وأنهُ حتى لو جَرحتُ نَفسي مراتٍ عديدة،سيكونُ آخر اهتماماتِهم
بل وسيخبرونَني أني ضعيفٌ لإقدامي على هذا
وسأتلقى التوبيخَ منهم ليسَ قلقاً
بَل خوفاً على سُمعَتِهم من الإنهيار أن ابن آلـ 'باكوغو' أقدمَ على الإنتحار سيكونُ مَحطَ عارٍ وخُذي لعائلتِنا
وأنا مُتأكد مِن هذا...

أكمَلتُ طريقي وقتها نحو المدرسة
وأريدُ أن أفرِغَ حُزني بأي طريقة
مَرت حينها جميعُ الحصص ولازلتُ أشعرُ بذاتِ الشعور
شعورٌ يُخبِرُني أن أُنهي حياتي وفي هذهِ اللحظة
وأن كُل شيء بعدها سيكونُ بخير
وأثناء تفكيري بهذا
صدرَ صوتُ الأستاذ وهو يُخبِرُنا بالمدارسِ التي سنرتادُها لاحِقاً وذكرَ اسمي أنني أنوي الذهاب لمدرسةِ الأبطال العالميّة
وقفتُ حينها بفخرٍ وغرور أخبرُ الجميعَ أني سأرتادُ مدرسةَ الأبطال
بينما في نَفسي أتذكرُ كلامَ والداي الخادش
بأنني لن استطيعَ فعل هذا
وأنني شخصٌ ضعيف في أعينهما
لكنني لَمْ استطع إسقاطَ قناعَ الغرور عن وجهي
يكفي نظرات الشفقة التي تأتيني مِن والداي
لا أُريدها أن تكونَ صادِرة من طلابِ الصّفِ أيضاً

بعدها تكلمَ الأستاذ عَن أنَّ 'ديكو' أيضاً يطمحُ ليُصبحَ بطلاً...
بدأَ جميعُ الصّفِ بالضحك
بحق من الذي لَنْ يَضحك هو لا يملكُ أيّ قدرة؟
لكني لَمْ أشعر برغبةٍ بالضحك بَل العكسُ تماماً
شعرت بالغضب يَتصاعدُ فيني تدريجياً
غصةٌ قويةٌ تجتاحُني
أعصابي تَلُفَت عِندَ هذهِ اللحظة
فكرتُ حينها بسؤالٍ واحد
لِما؟
لِما والداي يَظُنان أن هذا الضعيف أقوى مني وأنهُ بإمكانهِ دخول المدرسة التي أتمناها بِسهولة؟
إنهُ لا يملكُ قُدرةً حتى!
لِما يَعتَقِدان أنهُ الأفضل
كانت لحظة
لحظة مليئة بالغضبِ والغيرة
أصبحتُ معمياً
واشتعلت النيران فيني
تَعرُقي ازداد
وزادت الانفجاراتُ تخرجُ مِن باطنِ يدي
صرختُ حينها بوجههِ بقوة أخرجتُ تقريباً كُل غيرتي فيه
كنتُ احمِلُ الغيرة والحقد في قلبي منهُ مِنذُ كنتُ صغيراً
كانَ دائماً الأفضل والأول في أعيُنِ والداي
وكنتُ أنا الثاني دائماً
بقيتُ أصرخُ في وجههِ بشدة،أُخرِجُ غصتي وتَعبي فيه
لَمْ أكُن بعقلي حينها
ولَمْ يَكُن فؤادي بخيرٍ ابداً
بعدَ أن توقفتُ أخيراً وبدأت النيران فيني تُخمَدُ بِبطء
استوعبتُ أخيراً أن 'ديكو' يَبكي
وأن جميعَ من في الصّف يُناظِرونني بريبَةٍ وخَوف
نظرتُ حولي وكانت نظراتهم غريبة
نظراتُ خوفٍ وارتباك
وكأنهم يَرون وحشاً مُتغضرِصاً أمامهم
حتى أستاذُ الصّفِ كانَ يُناظِرُني بِتقزُزٍ وقرَف؟
وكأنهُ لا يعترِفُ أني طالبٌ أنتمي إلى صفه
كَـنظراتِ والداي تماماً
لا يعترفان أنني ابنهما ابداً

open the door...Where stories live. Discover now