الرسالة التاسعة والعشرون
18 ديسمبر 2023
عزيزي يا صاحب الظل الطويل
هل افتقدت رسائلي إليك؟
أعلم أنني مقصرة في حقك قليلا بحرمانك من جرعة السعادة التي تختم بها يومك غالبا، وأعلم أيضا أنك اعتدتَ على قراءة هذه الرسائل المجنونة كما اعتدتُ على كتابتها، لكن صدقني لم يكن الأمر متعمدا أو مقصودا مني على الإطلاق فاعذرني، وإني على يقين أن في قلبك من العفو والتفهم ما يغمرني من رأسي إلى أخمص قدمي، فلا تعتب واحضن فتاتك في مخيلتك لتطمئن أنها رغم الغياب تستقر في العقل والقلب.
دعني أخبرك أنني مبتهجة جدا بهذه الأيام الماطرة المتتالية، ولكنني لسبب ما أراقب المطر بغرابة هذه المرة. أجدني دون إرادة مني ألتفت متحمسة إلى أي نافذة أو شرفة أمامي إذا شعرت بقبس من الضوء يتسلل منها إلى الداخل أثناء نزول المطر، وأهرع لأفتش في السماء عن شيء سحري يرتسم حين تمطر والشمس تصر على الظهور عنوة لتلفت النظر... أنا طيلة هذه الأيام الماطرة أبحث في السماء عن قوس قزح!!
أتدري لماذا أنتظر ظهور قوس الألوان السحري بهذا الشوق؟
إن قوس قزح يرتسم في مخيلتي على أنه جسر يظهر في السماء ليلتقط أمنيات أولئك الأشخاص الذين يسمحون لأنفسهم بالنظر إلى الأعلى، فيأخذ معه أكوام أمانيهم ويصنفها في ألوانه السبعة، ثم يغادر سريعا وهو محمل بأسرار قلوب البشر، ويعيد إرسال الأماني مغلفة بعطاء السماء إلى أهل الأرض الحالمين مع قطرات المطر القادمة إليها من المزن.
هل تصدق أن هناك من البشر من لا يكلف نفسه عناء رفع رأسه إلى السماء خلال يومه أبدا؟!
تخيل أن على سطح هذا الكوكب من لا يهب نفسه في أربعة وعشرين ساعة كاملة في اليوم، فسحة النظر إلى ذلك السقف العجيب البعيد جدا عن متناول أيدينا!!
لكن تأكد أنه ليس للجميع القدرة على النظر إلى السماء وتأمل تقلباتها، ليس للجميع القدرة على التحديق في عيني الشمس، ليس للجميع القدرة على تشكيل السحب، ليس للجميع القدرة على التقاط قطرة المطر قبل أن تتلوث بالتربة فتغدو وحلا، ليس للجميع القدرة على استقبال الثلج على راحات الأيادي قبل أن تطأه الأقدام، ليس للجميع يا حبيبي القدرة على رؤية قوس قزح في زمن زيارته القصير دائما، لأنه ليس للجميع القدرة على التأمل، على التمني، وعلى الحلم!!
عِدني يا صاحب الظل الطويل أن لا تحرم نفسك من بهجة النظر إلى الأعلى ما دمت على قيد الحياة والأمنيات والأحلام... وما دمنا تحت سماء واحدة!!
أحبك بحجم الخير الذي يحمله قوس قزح لمن ينتظرون قدومه.
YOU ARE READING
عزيزي يا صاحب الظل الطويل 29
Romanceهذه رسائلي التي أكتبها إلى صاحب الظل الطويل خاصتي... رجلي الذي لا أعرف عنه شيئا، وأعلم يقينا أنه يبحث عني في مكان ما كما أبحث عنه، وأؤمن بشدة أننا يوما ما سنلتقي ونكون لبعضنا كل شيء وإلى الأبد.
