الفصل الثاني

ابدأ من البداية
                                    

أخذت تتأملهما باسى وحزن مقرهما في خراب، انتشرت خطوط سوداء صغيرة أخذت تتحرك وكأنها تسبح ببركة مياه، دققت رؤى النظر بها باستغراب وحيرة كادت أن تصرخ بخوف ولكنها منعت نفسها بأخر لحظة حتى لا تُثير فزع والديها بالخارج...

استمرت هذه الخطوط بالتحرك بتناغم على إيقاع نبض رؤى ثم بدأت في تشكيل كلمة مبهمة بخط أسود ثقيل ومائل، ومعها ازداد تركيز رؤى عليها لتعلم ماهية هذه الكلمة، على خط وريدها استقرت كلمة أرسلت شعور أمان غريب سكن واستوطن قلبها!

                               "جوان"
                 _______________
سارت الخادمات برواق القصر باتجاه غرفة الملك، ساروا بخطوات هادئة  وإيقاع ثابت لا تحمل وجهوهم أي مشاعر وكأنهم ليسوا بشر!
وصلوا إلى غرفة الملك المرتكز على جانبي بابها اثنان من الحراس الأشداء من الغربان، تحرك أحدهما وطرق باب الغرفة ثلاث طرقات خفيفة ثم تحدث بصوت غليظ:
_جلالتك، وصلت الخادمات
مرت  ثواني قليلة قبل أن يسمع صوت ملكه يأمره بإدخالهم، فأسرع يفتح الباب لهم فساروا بتناغم ورقي حتى دخلوا جميعًا إلى الغرفة، وبعد دخولهم أغلق الحارس الباب ثم عاد إلى مكانه متيقظًا لحراسة سيده...
أما بداخل الغرفة الملكية المليئة بالتحف الذهبية، كانت الغرفة تُعطي مظهرًا للثراء الفاحش ولكنها ايضًا رمزًا للشؤم واليأس!...
أسرعت الخادمات لتساعد ملكهم في الاستعداد للمأدبة الملكية التي سيُعلن بها ملكهم الجديد، وبالفعل اتخذ بعضهم خطوات باتجاه باب آخر بالغرفة والذي كان حمام ملكي به مسبح للاستحمام ليعدوه ويجهزوه للاستخدام...
وهكذا قضت الخادمات عملهم في مساعدة ملكهم وخدمته لآخر مرة كملك لهم...

مرت حوالي ساعة وكان الملك في أبهى صورة له، خرج من الغرفة وسار في اتجاه غرفة زوجته...
رأوه الحراس فاعلنوا عن وصوله ثم فتحوا له الباب، دخل إلى الغرفة برأس مرفوع وملامح وجه ثابتة لكن حينما أُغلق الباب طغى عليه الانكسار، خاصة حين نظرت له زوجته  وبالرغم من جمالها إلا أن الحزن سرق حيوية ملامحها وسعادتها...
اتخذ بضع خطوات باتجاهها، ثم احتضنها ووضع رأسها على موضع قلبها:
_ كل شيء سيكون بخير، أنا أعدك
حمل صوته كمًا هائلًا من الحزن والشك!، أما هي فاكتفت بدفن نفسها أكثر بأحضانه وقررت تصديقه!
بل كلاهما قرر تصديق هذه الكذبة!، قررا تصديق السراب...
                _______________
دندن جوان بسعادة فأخيرًا وبعد طول انتظار ما تمناه سيحصل عليه بعد أقل من ساعة!
لم يحتار لوقت طويل في اختيار الملابس فقبل ساعتان أرسل له الملك السابق ملابس ملكية فقد سبق وأخذ مقاسات كل من شارك بالمسابقة، كانت الملابس عبارة عن عباءة ملكية يغلُب عليها اللون الأحمر إلا أن اطرافها سوداء كالكم والياقة وذيلها وكانت مرصعة بالجواهر والحُلي القيمة
اتسعت ابتسامته خاصة وهو يرى نفسه بالمراءة  بعد ارتدائه الملابس، ولكنه وجد شيء ناقص بشكله:
_أشعر بوجد شيء ناقص، أحتاج إلى شيء يُبرز قوتي
أخذ يُفكر لبضع دقائق ولكنه لم يستطيع تخمين ذلك الشيء الذي يحتاجه، وبسببه تعكر مزاجه قليلًا ولكن لتأخر الوقت قرر الإسراع لأن أذان الفجر قد اقترب.
كانت رؤية ما خلف الباب من أهم الاشياء بالنسبة له خاصة الآن لذلك اتخذ قراره وقرر المواجهة، سار بتردد للغرفة المنشودة وحينما وصل إليها لم يندثر تردده بل ازداد، وقف لبعض الوقت وغي داخله مشاعر مبعثرة وغير مستقرة...
كان الخوف يحتل المرتبة الأولى بداخله، خوف من عدم القبول، خزف من الذهاب، خوف من الماضي والمستقبل...
تمنى بداخله لو كان يستطيع أن يُعيد الوقت للوراء حتى يُصلح ما كُسر وسرق منه وأخوه!
التردد لم يفارقه ولكنه تحلى بالشجاعة وقرر المجازفة، تقدم للأمام ثم وبسرعة_ خوف من العودة للوراء_ فتح الباب... 
                  _______________
بمكان بعيد
أرض واسعة وتحت ضوء القمر قرب الفجر، تجمع قطيع الغراب لاستقبال ملكهم الجديد، لم تشغلها _الأرض_ أي شيء سوى الملك السابق وعائلته ورعيته وشعبه بانتظار وصوله لإقامة مراسم التنصيب
تأفف البعص منهم لطول انتظارهم رغم أن الوقت المحدد لم يفت بعد إلا أن الكراهية بقلوبهم سمحت لهذا الشعور بالتسلل لهم
التفت زبير إلى أخوه وملامحه تحمل تهجم:
_أنظر إليه لم يُصبح الملك بعد وجعلنا جميعًا ننتظره!
ابتسم رازي بهدوء ولم يُكلف نفسه عناء الالتفاف لمواجه أخيه زبير ولكنه أجابه بثقة وهدوء:
_دعه يفعل ما يحلوا له الآن
ثم ادر له وجهه وغمز له بعينيه وأكمل حديثه:
_الغلبة تبقى لنا
وكأن بكلماته مهدئ ارتخى زبير وخف توتره وغضبه بل وإنه ابتسم!

عائلة الغراب الأسود "مكتملة" جاري تعديل الأخطاء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن