|30| لا بأس على قلبك.

76 5 6
                                    

" أنا وحش." قلتها بصوت مهزوز.

" هذا ما أنا عليه سيا، هذا الشيء الذي ولدت وأنا أحمل لعنته في جيناتي، ولا توجد طريقة للتخلص منه..." كنت أتحدث وقد أبعدت عيناي عنها أنظر للجدار الأبيض الفارغ قبل أن أشعر بيد دافئة حطت على وجهي جعلت قشعريرة تسري على طول عمودي الفقري.

" توقف." قالت بصوتها الهادئ مجدداً.

" لماذا أتوقف؟ ما الذي يجعلني أتوقف سيا؟" سألتها عيني تنظر في عينيها البنية بعمق أحاول الحصول على جواب مقنع يجعل هذا البؤس الذي في داخلي ينتهي.

ولكنها بدت كبحر عميق لا نهاية له، كمجرة مليئة بالكواكب، كثقب أسود يسحبني له ويجعلني لا أتوقف ولو لثانية عن النظر له.

" توقف لأنه دوري في الحديث." يديها التي تحيط وجهي جعلتني أصمت، بل وأبتلع لساني بينما أتأمل تلك العيون التي تشدني لها مع كل ثانية، لما واللعنة أنا واقع؟

" سأستمع." قلت كأشارة لأنها كانت تنتظر واحدة بالفعل، لأنها كانت تريدني أن أنصت، أن أستمع لها كما استمعت لي ولم تقاطعني ولو لمرة.

" أصدقك بكل ما قلته، أصدق كل ما تحدثت عنه، ولكن..." كانت تجلس بجانبي وللتو انتهبت لذلك، تدير وجهي لها بواسطة يداها وقد قاطعت ساقيها أسفل جسدها.

" يؤلمني كيف تتحدث عن نفسك بهذه الطريقة، يؤلمني أنك تتهم نفسك بأشياء فرضت عليك ولا ذنب لك بها، يؤلمني ذلك بلايث، لا أستطيع أن أتوقع كيف ستكون ردة فعلة طفل للتو قد أخبروه أن أصبح بالغاً ليجد نفسه في اللحظة التالية وحشاً.

لا يمكنني أن أتخيل كيف أخبروك بهذا؟ كيف سمحوا لأنفسهم بتدمير هذا الطفل الذي في داخلك.

بلايث، أنا لا ألومك، وقد ترى هذا غبياً، لكن الرجل الذي أمضيت معه أكثر من نصف عام يساعد المحتاجين ويخلص في عمله ويزور مرة كل شهر مركز العناية بالمسنين لأجل سيدة تظنه حفيدها لا يمكنه أن يكون وحشاً.

توقف عن لوم نفسك وألقِ اللوم عليهم، أولئك الأنانيين الذين تركوا على عاتقك هذا العبئ الثقيل، الذي حملوك كل هذا الثقل دون أن يساعدوك، لا أستطيع.." كانت عيناها تتلألئ بدموع كثيرة.

" لا أستطيع أن أتخيل كيف عانيت كل هذه الفترة بمفردك.." قالت وانتقلت يدها من وجنتي إلى يدي تمسك وتقلبها حيث يظهر رسغي المليء بالندوب.

" كيف أمكنهم رؤية هذا بقلوب من حجر؟ كيف أمكنهم ألا يقفوا بجانبك لأجل تخطي هذا الألم؟ لأجل أن تتقبل نفسك والكيان الذي ظهر في داخلك.. لا يمكنني أن أتخيل أنهم كانوا بتلك القسوة التي سمحت لهم بفعل هذا." أصابعها التي كانت تمررها على رسغي وهي تتحدث وكأنها تضع مرهماً فوقها و تمسح فوق قلبي المتعب.

تنهيدة خرجت من جوفي وصلت من مسامعها وعندما رفعت نظرها لي اكتشفت أن الدموع قد أخذت مجراها على وجهها كما فعلت على وجهي.

كاتريكوس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن