|18| صديقي المقرب.

56 7 0
                                    

" لقد وصلنا." قالت سيا عندما توقفت في المكان الذي انتهت عنده الخريطة، شارع عادي، مليء بالمحال والكثير من الناس، ألى أين تأخذني؟

" أين نحن سي؟" سألتها وهي نظرت نحوي لحظة قبل أن تعيد نظرها لهاتفها المعلق أمامي تسحبه وتغلقه ثم تضعه في جيبها.

" لديّ هواية!" قالت تعيد نظرها لي بابتسامة على وجهها ترجمت الكثير من المشاعر.

" ما هي؟" سألتها وشعرت أنها هواية غريبة.

"انتظر.." قالت وهي تتحرك في جلستها تربع قدميها ليصبح وجهها باتجاهي وظهرها لباب السيارة ورائها.

" صناعة الفخار." قالت تصفق ببدها بحماس.

" ماذا؟" سألت لتنظر لي وملامح الخيبة تعلو وجهها.

" ألا تعرف صناعة الفخار ؟" سألت بشبه صدمة على وجهها.

" أعرفها بالطبع! لكنها هواية غريبة." قلت لتضحك.

" لا بأس سأريك كيف تفعلها وسترى كم هي رائعة!" قالت بحماس مرة أخرى لابتسم بلا شعور مني.

" إذن؟ كيف عرفتي هذا المكان؟" سألتها، في النهاية هي لم تأتي لهنا سوى منذ عدة أسابيع.

" مجموعة من الأشخاص كنت أتشارك معهم حب الفخار وصناعته، تعرفت عليهم على مواقع التواصل الاجتماعي وصنعنا صداقة قوية، عندما انتقلت إلى هنا أخبرتهم بذلك لتقول لي إحداهم أنهم يملكون مكاناً خاصاً بهم، يشبه المتجر، يصنعون به أشيائهم ويبعونها بأسعار بسيطة لمحبي هذه الفنون.

أتيت لهنا ثلاثة مرات والرابعة اليوم، وجدتك تعاني من الاكتئاب والقليل من الحزن فقلت لما لا أروح لك عن نفسك وأجعلك سعيداً قليلاً!" قالت وابتسمت في نهاية كلامها.

" شكراً لك سي، لكني لست مكتئب!" أنكرت فليس هناك شيء أفعله سوى الإنكار.

نظرت لي بمعنى حقاً لأبعد نظري عنها أنرج سيجارة من العلبة وأشعلها أضعها بين شفتاي وأسحب منها نفساً عميقاً شعرت به يتغلغل في رئتاي.

وطوال الوقت كانت نظراتها تتوجه نحوي.

" هيا لنخرج!" قالت فجأة تبعد نظراتها عني وتفتح باب السيارة لأخرج أنا الآخر بعد أن سحبت هاتفي ومفتاح السيارة أضعهم في جيبي.

" تعال." أمسكت يدي الخالية من السيجارة تسحبني خلفها باتجاه أحد الأزقة بعد أن عبرنا الشارع.

مشينا مدة لا بأس بها في شارع بدا لي من الأحياء الشعبية القديمة، عتيق، تلفه رائحة الياسمين والذكريات القديمة مع تلك الرائحة التي تشعر بها في كل مرة ترى شيئاً قديماً.

رائحة الانتيكا.

تلك الرائحة التي تشعرك أنك تعود خمسين عاماً للوراء، حيث كل شيء راقي، كلاسيكي، يتمتع بالجمال والهدوء، بعيداً عن الصخب الذي نعيشه هذه الأيام.

كاتريكوس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن