الفصل الرابع: إلى اللقاء أمي.

Start from the beginning
                                    

أتجهت للدرج سريعًا بعدما انتهيت من حديثي وقبل أن أهبط سحبني من يدي ودلف بي شقته التي مازالت مفتوحة وأغلق الباب بقدمه وسط صدمتي من ما يحدث ثم ثبتني بالحائط ووضع يده الأخرى فوق فمي وقال:

- انتِ مسبتليش حل تاني يا ماليكا علشان ترجعي.

رفعت يدي لإزالة يده والدفاع عن حالي لكن عندما تقابلت نظراتنا سقطت يدي جانبي ثم تجمدت كلوح من الثلج

فقدت كل حواسي، تخدرت نفسيًا بالكامل، كنت أشعر بمهرجان مضيء من المشاعر المتضاربة في آن واحد، الخوف الشديد، غضب شديد، ضعف، كره، عدم التصديق، الدهشة، أمل، حب، رجاء.. كيف؟

إنه مراد لن يفعل بي هذا، إنه أكثر شخص أشعر معه بالأمان.
يتركني ويعود يتلاعب بي نفسيًا لكن.. لكنه لن يؤذيني هكذا.
لا لن يفعل بي هذا؟
أحقًا ستفعل بي هذا؟

أشعُر أن قلبي كَجُندي جريح يُجرجِر خلفه قدمه المصابة، يبحث عن مَلاذ يتفادى به الضربات الهادرة من الحرب المُشتعلة، حتىٰ أَضحى داخل حقل ألغام ودهس بِقدمه على إحدى المُتفجرات؛ يمكنني سماع صوت الانفجار المُدوّي، والشعور بِأشلاء قلبي الذي تمزّق، تتخبط بجدران جسدي من الداخل.
سمعت مرارًا أن الخيانة تُمزّق نياط القلب، لم أكن أُدرك الأمر، لكن الآن ألفظ أنفاسي الأخيرة.

ليست كل الخيانة أن يخونني مع امرأة أخرى، جرّبت اليوم نوع أشد من الخيانة، وهو خيانة الثقة والأمان الذي ضعته به.
لقد خانني الرجل الوحيد الذي ظننته يومًا لن يؤذيني.

تقابلت نظراتنا لوقت لم أستطع تحديده حتى أغمض عينه ببطء وظهر الألم باد على محياه قبل أن يبتعد عني ويتجه للباب مع همهمته بالأستعاذ من الشيطان الرجيم بشكل متواصل ثم جلس متهدل الأكتاف بنظرة شاردة فوق مقعد خشبي متهالك جانب الباب الذي فتحه على مصرعيه.

تنفست الصعداء واستعدت رابطة جأشي بعدما عاد وعي إليَّ وشعرت بأن رأسي على وشك الانفجار عندما صدح صَفير صوت إبريق الغضب عندما وصل لدرجة الغليان.

تقدمت تجاهه بعنف رفع نظره لي قبل أن أنزل فوق وجنته بصفعة أخرجتها بكل ما أوتيت من قوة ثم سمعت صداها يدج بجدران الشقة ثم قلت بصراخ:

- انت فاكر إن انت كده كنت هترجعني ليك غصب عني .. إنت كنت هتقتلني .. كنت هموت.. روحي كانت هتسبني وتمشي يا مراد، عمري ما كنت هقدر أرجع تاني.

قلت آخر كلمة بنبرة مرتعشة ثم أمسكت حقيبة يدي وضربته به عدة مرات بعنف، واستطردت:

- أنت كنت فاكر إنك هتقدر عليَّ، كنت هقتلك يا حقير.. حيوان.. بكرهك.

قلتها بصراخ ثم بصقت في وجهه وركضت من أمامه هبطت لشقة خالتي عزة وارتميت بين ذراعيها وانفجرت في البكاء.

____________________𓂀

بعد ساعة من محاول إيقاف خالتي عن البكاء عندما تحول الأمر لها بعدما أخبرتها بشأن العمل وانتقالي للسكن، لم أخبرها بما فعله ابنها مراد.
ماذا سوف أخبرها؟
كيف يمكنني أن أقول لها ابنك مزقني؟
كيف أقول لها ما الذي حاول أن يفعله بي حتى أتوسل إليه ليتزوجني؟
ما الذي ستشعر به عندما تعلم إن ابنها كان سيدمر  الأمانة التي تركتها أمي في حمايتها؟

أنوبيس Where stories live. Discover now