٢٠٠٧

868 28 5
                                    




اشتغلت اسبوعين جمعت ٣٠٠ الف. مَا رِدت اصرفها علىٰ شيء مَا يسوىٰ بالرغم من إنُّ كل الي مَا يسوىٰ بنظرنا هو يسوىٰ بس بواقعنا وحياتنا صارت مو من الأولويات، بيومها حبيت اغير غرفة نومي، افّصل كنتور وميز تواليت ورف للأحذية.. مِن سألت كالوا إلي تروح لشارع الهادي او للصدرية، وفعلاً اتخذت قرار بوحي اللحظة لازم باجر اروح، وصلت هناك جانت الدنيا شتاء، ريحة الجاي تأسرك يم كُل كشك تفوت من يمه، اهل المخضر علىٰ الجانبين بسعر زهيد اذا اتسوك من عندهم يعادل مبلغ ربع المسواك الي اشتري من المنصور، بس مَا دوخت نفسي بالموضوع، المن اتسوك؟ يمكن امي مَا تحتاجه ويصير حمل عليه اذا ابقىٰ اتمشىٰ بقية الطريق..
فتت لمعمل النجارة، سولفت ويَّ العامل الموجود هناك اتفقنا علىٰ السعر ونزلني بالسرداب حتى اشوف نوعية الخشب الي راح يصنعون منه كنتوري العزيز.
كلي المفاجئة كنتورك هسه راح اشتغل بي ساعتين وارجعلي، انطيته خمسين الف عربون وخابرت والدتي، فرحت كالت راح افرغ كنتورك القديم وافرغلك مساحة تخلي بيها الجديد. بقيت اتمشىٰ واباوع على وجوه العالم وگفت يم عربانه قريبة على معمل الخشب يبيع شلغم ولبلبي، وبصفه عراقية تبيع خبز سياح وليكدام منهم طفل ضايع يبجي وره دقايق لكوا امه، انتهى لقائهم بحضن وحديث ودي
افتريت نص ساعة ورجعت للمعمل. ابتسم العامل وگلي بعد وقت هسىٰ گطعت الخشب بقىٰ بس اخذ قياسات واشده، كتله ساعة وارجعلك اعتذر منك
اتقبل اعتذاري بصورة عراقية كما هو العادة من البسطاء المتعودين على الآسف وتدلل
تذكرت صديقي نصحني بمجموعة كُتب ماركيز القصصية طبعة المدى، اشتريتها ورجعت كعدت بگهوة قريبة من المعمل تسع لجلوس اربع اشخاص اني من ضمنهم، وياية عمال اثنين وشخص عنده خلل بعقله بمجرد ماصارت عينه عليه ضحك وكلي تهون.
اندمجت بالچاي وقصة اجمل غريق بالعالم، صار خليط بين عالم ماركيز وعالم الكهوة التفوح منه ريحة الهيل.
اثناء ماكملتها دك عليه النجار كلي تكدر تجيني كنتورك خلص تعال استلمه
بالطريق كلت لازم اكرر رجعتي لهذا المكان الرائع، عشت راحة بأجواءه. بلحظة مادري شصار، حسيت بأنهيار! وره دقيقة شفت نفسي نايم بنص الشارع وكتابي بصفي والعالم تركض، اي واحد اسأله شصار مايجاوبني ولايباوع عليَّ أصلًا.. العالم الجانت نايمة وكعدت سوه وياي يتسائلون ليش محد يكلهم شصار ومحد يرد عليهم. ٤٠٠ شخص اني من ضمنهم فقدنا تركيزنا بالصار بلحظات، بدت العالم تختفي واحد وره الثاني بقى بس النجار مصمم الكنتور ويايه كلي ليش اتأخرت تعال استلم كنتورك، رحت وياه شفته مسوي كنتور غريب، اخذته بعد مَا هدأت الاحداث الصارت، وصلت للبيت شفت منطقتنا مگلوبه بقدومي، امي حاضنه قميصي وتبچي بچي.. وابويه مكسور حيله واصدقائي ينعوني واني واكف بصفهم، احجي وياهم محد يرد، اصرخ ومحد يرد!
الشي الحقيقي الباقي بيَّ بس قميصي وكنتوري المفصل على صورة قبر.
متت يا أصدقائي
بيكم راح يعتبرني شهيد وغيركم يشوفني مقتول
مو مهم هسه شتعتبروني، اريد اقنع امي اني بصفها واكف وحقيقي اكثر من قميصي الحاطته على جربايتي!
مرت ١٦ سنة واني كاعد على كرسي وبصفي قميص قديم، هو على فراشي نايم واني اعلك نفسي بتعلاگه قبل لا يطفىٰ الضوه وامي تنام.
نامي براحة يمَه.

-انفجار الصدرية، ٢٠٠٧.

منقول

ماعرف شصار بية من قريتها احس يجي يوم حتصير بينا استغفرالله اللهم أحسن خاتمتنا

  قصص عراقية قصيرةOpowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz