الفصل الأول: المامبا الحامي لي

Start from the beginning
                                    

تحممت وارتديت قميص قطني طويل الأكمام، لا يجب أن يرى يعقوب ما فعلته بذراعي اللعينة، لقد أوقفت النزيف بأعجوبة ووضعت ضماضة كبيرة فوق الجرح، فقد قررت أظافري صُنع خارطة لوجود الكنز المدفون بأحد المقابر الفرعونية على ذراعي، اللعنة! لقد ذهب فارس لساعتين فقط؛ إنه يُحضِر شيء ما وإلا ما كان ذهب وتركني مع حالي تمزقني، وبالتأكيد لن يذهب ليحضر الوغد يعقوب.

أعلم أن يعقوب من سيصبح المامبا الحامي لي، فهو أقرب أخوتي من المامبا ولن يكون هناك اِقتراع بينه والباقين لأنه أولى بذلك.

ولن يكون باسل كذلك لأنه تم تصنيفه ضمن المامبا الحامي للنساء، لن يسمح له عمي صالح بذلك، فالأوغاد عديمي الأخلاق من أخوتي كُثر ولن يفرط به، بالأحرى سيصبح المامبا الحامي لشهد عندما يحين الوقت، هذا الباسل لن يبتعد عن عمي هارون قيد أنمه.

جلست على الأريكة وامسكت الرواية التي أقرئها حاليًا لأشغل حالي بشيء بعيدًا عن ما أشعر به، مررت أنظاري على الأحرف لكن لم يستوعب عقلي الكلمات كنت أغرق داخل ذكرياتي.
الدموع تمليء مقلتي ببطء، شعرت بطعم مرارة تغزو حلقي مع شعور بشفرات حادة تشق عنقي من الداخل، ضغط بأسناني علي شفاهي لكبح نوبة البكاء التي تداهمني، لن أبكِ الليوم.

نار الاشتياق تحرقني.
ليتهم لم يفرقونا، أخوتي.
ليتهم لم يمزقوني لقطع.
ليتهم لم يسلخوني من بينكم كما تُسلخ الروح من الجسد.
هذا التاج الوهمي الذي يحاولون وضعه فوق رأسي يشبه مليون شوكة تَنخِر جمجمتي.

لو كنت صادقٍ "هتلر" بشأن ما حكيته لي، وقصة سيدنا موسى عليه السلام، لماذا تركني الله_ جل جلاله _في هذا الجحيم المستعر دون شعاعٍ صغيرٍ من الضوء؟
لماذا تركهم يخرجوا هذا الوحش الزائر داخلي؟
قُلت لي هتلر، أدعو من جديد وأصبر، إلى متى؟

اللعنة أحتاج لحضن أبي الآن، لكنه مسافر، لا يمكن أن أتصل به ليأتي، ماذا سأخبره.

أبي هل يمكنك المجيء من أجلي فأنا أحتاج إلى بعض الانتفاضات والصرخات بين ذراعيك.. تبًا.
أعلم إنه سيأتي حتى لو كان السبب أبسط من ذلك، حتى لو قلت له اشتقت لك فقط.

ليت العالم آمن كما حضنك.
ليتني أبقى بالداخل للأبد.
ليتني ألفظ أنفاسي الأخيرة هناك.
ليدفنوني بين أضلاعك أبي.

صدح صوت رنين هاتفي ليخرجني من مثلث برمودا للأفكار السلبية الذي دلفت له، فعلمت إنها الخامسة، هذا الموعد الذي تتدرب فيه أمي على المبارزة، لكن كوبرا تراقبني أعلم ذلك، لن تبارز أمي اليوم وتنشغل عني، كيف هذا؟
أنا مختل يحاول قتل حاله طوال الوقت.

لكن ربما تبارز أحد الرجال، حسنًا لا بأس بإلقاء نظرة سريعة؛ دلفت للشرفة بتثاقل مسحت بنظراتي الحديقة ببطء، لم أرى أحد، هممت أن أعود للداخل لكن أوقفني رؤية أمي قادمة من خلف المنزل ترتدي بذلتها المكونة من قطعة واحدة سوداء اللون بأكمام وتحمل سيفها في يديها بعدها نظرت حولها بلامبالاة ثم وضعت السماعات في أذنها لتسمع شيء ما أعلمه جيدًا، قبل أن تُخرج السيف من خمده وتبدأ التدريب لحالها ببراعة وتفتعل تلك الحركات والقفزات.

أنوبيس Where stories live. Discover now