الفصل الرابع والعشرون -٢٤-

ابدأ من البداية
                                    

وعندما صرخ بوجه لائمه على هذا الجفاء فاض يعقوب وانفجر أمامهم يروي لهم بنبرات متحسرة متألمة عن كل ما لاقاه وغفلوا عنه وما اقترفوه بحقه لتبتلعهم حينها أمواج الصدمة وتلقفهم يد الندم ... وماذا يُفيد الندم عن اللبن المسكوب!!

همس حُسين بخزي ونبرة تحمل ندم العالم أجمع:-
- حقك عليا يا ابني .. سامحني يا يعقوب..

       •••••••••••بقلم/سارة نيل••••••••••••

بالطابق الأخير المرتفع جدًا للمشفى تقف ثابته ملامح وجهها لا تُفسر، بؤبؤ عينها ثابت بنقطة ما في الفراغ الشاسع أمامها...
قبضتيها المزين بخنصرها الأيمن خاتم ألماسي به أحد الأحجار الغريبة الهيكل..
هدوء مُخيف يحاوط  الأرجاء إلا من صوت صفير الرياح الكئيب الذي يدور بالوسط...

رفعت هاتفها فوق أذنها برتابة وقالت بنبرة يغشها الويل وهي تصرّ على أسنانها بعصبية:-
- الكلاب إللي هربوا توصل لهم وتجبهم لو من تحت الأرض..

انتهت لبيبة من إملاء أمرها ثم سارت بهدوء حتى دلفت المصعد لتهبط حيث الطابق المتواجد به غرفة يعقوب..

وقفت أمام الغرفة ثم ولجت بهدوء يناقض النيران المتقدة بداخلها.
كانت الغرفة خالية إلا من يعقوب الذي مازال يغرق بنومته الطويلة وممرضة تتفحص المحلول المُعلق بذراعه..
أردفت الممرضة باحترام:-
- الدكتور خرّج الزوار إللي كانوا هنا علشان مش كويس لغاية ما يفوق..

أشارت لبيبة لها بالانصراف فانصاعت الفتاة وخرجت مُغلقة الباب بهدوء تاركة لبيبة أمام يعقوب..
سارت بخطوات رزينة حتى أصبحت بجانب الفراش، جلست بجانبه بهدوء شامخ وظلت تتأمل ملامحه الغافية لتلين ملامحها المشدودة على الفور..
رفعت يدها اليُمنى تسير بها على رأسه بحنان صارخ، انحنت تُقبل رأسه ثم اعتدلت وهي تهمس بينما أنظارها مازلت مُعلقة به:-
- يعقوب ....يا اسم غالي عليا...
يا نقطة ضعف لبيبة في الدنيا دي كلها...
خفت عليك من الهوا الطاير نفسه، خُفت عليك علشان كدا قفلت في وشك كل أبواب العاطفة، كنت عيزاك متتأثرش لو حتى الدنيا اتهد قدامك..
عيزاك متنكسرش ولا تنهزم أبدًا، أنا خوفت تطلع ضعيف فتنجرح..
حتى جرح القلب خوفت عليك منه...
مكونتش عايزه يحصل معاك أي حاجة من إللي حصلت مع لبيبة زمان...
إنت أغلى حاجة في حياة لبيبة ومستعدة أحرق الدنيا دي كلها لو حد مسّ شعره منك...
أنا ربيتك بالطريقة إللي تحميك يا يعقوب بس واضح إن يعقوب كبر أوي ونسى لبيبة إللي كان بيجري على حضنها أول واحدة، نسى كل حاجة عملتها لبيبة..
وحط جدته موضع المجرم والمتسبب الرئيسي لكل همومه... بس صدقني يا يعقوب باشا الدنيا دي عايزه كدا لإما هتنداس...

في الخارج تخشب كلًا من حسين وفاتن الّذين جاءوا للإطمئنان على يعقوب بعدما أقنعوا رِفقة بشق الأنفس أن تبقى بغرفة أخرى بعيدة عن مرمى أنظار لبيبة ووقف لحمايتها كالسد المنيع الضابط براء الرفاعي..

«وخنع القلبُ المتكبر لِعمياء» حيث تعيش القصص. اكتشف الآن