الوحش الذي يسكنه🎭

Start from the beginning
                                    

لم يخالجها في حياتها شعورا بالخوف و الخطر إلا كما خالحها في تلك اللحظة كقناص أعمى يصيب بعشوائية أناس أبرياء!

رغبت في ازدراد لعابها فلم تستطع من شدة الأمر على قلبها....عيناها الجميلتان تلمعان بالحزن و الحيرة...و هو يراهما جيدا...يشعرانه بمقدار الألم الذي يشق فؤادها المتجلد مع كونها أضعف من مجابهته وحدها.

لا يبالي في الواقع إن كانت قتلت عيسى لأنه حاول الاعتداء عليها في عقر دارها مستغلا قلة حيلتها و الظلام الدامس الذي انكفأت فيه منذ ولادتها أو لم تفعل لأنه في الحالتين كان وضيعا و هو يعلم...حتى قاسم كان متيقنا من قذارته مع نساء العائلة و لم يتوقف عن تعذيبه ليكف عما يقترفه بجرأة......لكن ما الذي قد يغير حقيقة الإنسان إلا الهداية من الله؟!

فُتح الباب كأنما ضربه البرق و ولج عبره قاسم برفقة أبوي زين الدين الباكيين من رحمتهما بابنهما و خوفهما المرير عليه!

أول من أطبق عليه بين ثنايا صدره كان رفيقه الوحيد...اعتصره بقوة لا يأبه إن آذته أم لا، المهم أنه يمكنه الآن أن يستنشق عبير الحياة يسري في جسدها و أنفاسه مسموعة له ببساطة...

لا يعلم الجميع سببا حقيقيا لشدة الحب الذي يقع في نفس قاسم لابن عمه زين الدين لكنه يكاد يمنحه جل ما في جعبته من حقائق و أفكار لا يطوي منها شيء في جيبه الخفي.

بعدما استطاع المسكين التخلص من أحضان العائلة بالتوالي بادر بالحديث يغير الأجواء المظلمة التي غيمت على المكان بوجود حليمة_العدو المباشر للعائلة الآن_مستفيضا في شرح ما حدث له و ما عاناه من عذاب حين توقع موته المحتوم وحده كالكلب النافق في عرض الصحراء...لكن كل هذه المخاوف تبددت فور أن أتته حليمة تنقذه و تشجعه فيما يشبه الأوامر القيادية ليبقى حيا!!

كان يضحك بين كلماته و دموع والديه تستجلب تعاطفهما و حبهما المزيل بالامتنان لها، و هو حجر الأساس الذي أراده وسيساهم في وضعه داخل هذا البيت..

أخيرا كان الرد الذي ترقبه قاسم أفضل مما تصور حقا حينما احتضنت المرأة حليمة و غمرتها بعبارات الامتنان و الحب...لم يكن صعبا على الأخيرة فيما بعد اكتساب الاشخاص الذي اختارتهم تحت جناحها و إجبارهم على محبتها خلال فترة وجيزة كما فعلت مع غادة جبران ابنة عمه..

لكنها لا تعطي الحب فقط...بل و السهام الضارية للأعداء المحتملين..

******

طرقت باب مكتبه بسلاسة عدة طرقات فأذن لها دون معرفة هويتها..

دلفت للغرفة ذات الطراز العتيق الذي يحمل بعضا من الكآبة و الظلام...صوت عصاها البيضاء الطويلة التي أحضرها لها على الأرض و الأساس أعلمه هويتها قبل أي يرفع رأسه عن الأوراق و يطالعها باستهجان!

الوشاح الأحمر | The red scarfWhere stories live. Discover now