فتيل النار الأخير

ابدأ من البداية
                                    

انتشرت ضحكاتها كالوباء في الحجرة بأكملها فبدأ غضبه يتضاءل شيئا فشيئا بينما تعود له ذكريات حفل الخطبة و الكارثة التي حدثت به!! لولا أنه حماها من هجوم نفيسة و تلقاه بدلا عنها لكانت الأمور خرجت عن السيطرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.....

ما كان ليصير لتلك الزيجة مستقبلا لأن العريس_المرحوم_لم يعد موجودا و العروس صارت لحما مخفوقا!!

تنفس بهدوء و راحة بينما يزيح الشعر المتعرق عن جبينه و يطالعها بإنهاك و في جعبته أسئلة أخرى لا إجابة لها بعد..

رآى يده الملفوفة في الأقمشة الطبية حتى العضد و الكتف لكنه لا يبالي....أو تبا يجب عليه أن يبالي!! إنه الآن يجلس أمامها دون ثياب إلا سروالا قطنيا كان يرتديه أسفل ملابس الخطبة....

تلفت حوله يستر نفسا بأيا كان ما يأتي أمام عينيه لكن أوقفه صوتها الساخر تتهكم منه...

"أنت شديد الحرص على تغطية نفسك رغم أنني لن أراك و لو كنت كما ولدتك أمك..!"

"أرى أنكِ سعيدة و مستمتعة بأنني تم شويي في الحفل و تلقين النكات..."

تنحنحت بخفة ثم نهضت عن جواره و تجولت في الغرفة بأريحية كما لو كان هو الأعمى و هي ذات ثلاثين عينا....أجابته شارحة حسن نيتها و عد رغبتها_بأي شكل كان_في السخرية منه أو الضحك عليه لكنها مفتونة حقا بكونه حماها عفويا من الخطر...!

نهض عن فراشه و تحرك نحو المرحاض مجيبا بأكثر رد بارد سمج على الإطلاق كأنه يلقي تحية الصباح وحسب..

"فعلت ذلك لأجل عائلتي لا لأجلكِ"

"هذا لطف منك....أتمنى لو تبقى ليوم كامل محبوسا مع نفيسة و زوجها لتعرف أن عائلتك ثلة من الأوغاد"

لم يكد يقتلع أحبالها الصوتية بلكمة واحدة حتى أوقفته بابتسامة ثلجية هاتفةً...

"أرى لك الوضوء فورا كي تستر نفسك بالثياب لأن زين الدين على الدرج في طريقه للغرفة و لن يعجبك ما يتصوره حين يراك ملتصقا بي عاريا"

"لمَ أنتِ في بيتي قبل كل شيء؟!"

تساءل بحنق يكاد يرديه قتيلا فرددت وراءه على عجل و هي تلتقط العصا الخشبية من خلف الباب...

"هراء، أنت هو الذي نام سبع ساعات متواصلة في حجرتي لأن منزلك بعيد و الإصابة كانت قوية..."

فتحت الباب لزين الذي كان أمامها مباشرة بينما تستطرد بفظاظة لم يجرؤ إنسان قط على مخاطبته بها...

"لذا لملم شتات نفسك و اغرب عن منزلي بأسرع وقت"



********


لاحظها تجلس قرب نخلة وارفة ذات جزع متجذر....ليست حزينة وحسب بل تكاد ضلوعها تتفطر كمدا و بؤسا!! لا يدري ما يصيبها لكنه بالتأكيد يعنيه من صميم قلبه...

الوشاح الأحمر | The red scarfحيث تعيش القصص. اكتشف الآن