دموع الشياطين

Start from the beginning
                                    

تعابير وجهه المغضبة و نظراته التي رشقتها كالسهم الأخيل بثت في قلبها هيبة و رهبة منه كمن أدرك للتو أنه تفوه بأسرار قومية خطيرة دول علم!! فقد تبين في النهاية أن الرجل لم يعلم بما لاحظته الأعين الثاقبة للفتيات في ذلك الموقف إنما فقط انزعج لأن حليمة تعرضت لموقف محرج أمام الجميع بسبب عيناها....

"أنتِ تقولين أن قاسم جبران احتضن حليمة عن قصد...بل ونظر إليها وملأ عيناه اللتان سيأخذهما الله عما قريب من وجهها أمام عيناي اللعينتان دون أن أدرك هذا؟!!"

***********

"ما الذي تعنيه بالشائعات؟ لم يمر حتى أسبوع على مجلسنا مع عائلة لقمان؟!"

سأل قاسم متشدقا بنفاذ صبر فأجابته الخادمة بما سمعته في السوق صباح اليوم كأنه عاصفة شمالية هبت عليهم دون انذارات الأرصاد الجوية...

"النساء يرددن الأقاويل على الآنسة حليمة من بيت آل لقمان أنها كانت في علاقة محرمة مع ابن عمها الأكبر سالم و عندما رآهما عيسى المرحوم قتله سالم"

اتسعت حدقتاه بالقدر الذي سمح للخادمة برؤية عيناه ذاتا اللون البنيّ القاتم الشائع في رجال الرمال العربية بجاذبية لا مثيل لها....
كانت نظراته تخبرها بصدق الصبي البريئ أنه لا ناقة له ولا جمل في نشر تلك الأقاويل الوضيعة عن الفتاة العفيفة و الرجل الذي لم يسمع عنه أحد إلا خيرا!!

أمسك منكبي المرأة العجوز و انحنى مسافة لا بأس بها كي يصل لطولها ثم طرح سؤاله الأخير قبل العاصفة بنبرة خافتة كهسيس الأشباح في غابة مسكونة...

"هل عرفتِ منبع تلك الشائعة الحقيرة؟!"

هزت المرأة رأسها بسرعة و وجل كان بالنسبة له بمثابة إسم المذنب بدهائه و سرعة باديهته...

لقد عرفه لكن كيف بالله سيواجهه بتلك الأفعال الخسيسة التي يرتكبها في وقت يعتبر هدنة ليأخذ قراره بروية؟!

مسح بيمناه على وجهه و مشط بأنامله خصلاته الجعداء الصحراوية رغبة منه في قتل نفسه عبر اقتلاع القشرة الدماغية لرأسه.

صرف الخادمة و اختلى بنفسه دقائق معدودة لم يظهر بها أمامه سوى وجه حليمة الذي ملأه الإباء و العزة حين اعترفت بصوت حاولت جعله قاسيا قدر الإمكان لكنها لم تنجح...

"نعم إنها أنا....أنا التي سفكت دماء ابن عمك الوضيع الذي هاجمني في البادية وحدي...و لست نادمة لأن الله قد حمل الرصاصة التي خرجت من سلاحي الكفيف لرأس حثالة عائلتك"

تردد صوتها في أذنه و رأسه كاللعنة التي لن تفارقه مطلقا.... و اللمعة التي برقت في عينيها تحت أشعة شمس ذلك المساء كانت صادقة و....شريفة بالتأكيد.

الوشاح الأحمر | The red scarfWhere stories live. Discover now