الفصل التاسع عشر: حساسية الطماطم!.

935 79 37
                                    

كانوا يجلسون على مائدة الطعام، يتناولون الطعام بسكينة مصطنعة فكل منهم غارق بأفكاره، لازال مشهد إمساكه ليدها و إختبائها خلفه منه يقبض على قلبه و يعتصره بقوة، تحتمي بأخر منه هو!، من وعدها بأنه سيكون أمانها و ملجأها، يراها تستغيث بملجأ و أمان آخر غير خواصه!، و لكن هل يلومها؟، لا بالتأكيد فهو من أوصلهم لهنا.

أما هو فكان يتذكر ذلك الإحساس الذي يداعب جنبات صدره بشوق كبير، كم أحب ذلك الشعور الذي يخالج دقات قلبه، نعم يعلم بأنه كان يدفعه الخوف و ليس الحب، لكن وراء كل خوف مطلب للأمان، و هى وجدت طلبها عندما استنجدت به، و هذا وحده كافي من مليون شعور ناجم عن حب، فأول مطالب الحب هو الشعور بالأمان، فها هو يخطو أول خطواته تجاه حبها ، و بها يخطو أول خطواته تجاه قلبها و لكم هو فخور بهذا الإنجاز، و لكن يظل هو ذاك البغيض، الذى يقف أمامه كالشوكة فى الحلق، لم يكن يمثل له خطرًا فى الماضي، فلنكن واضحين و صريحين، هو لم يكن يحبها، و هى لم تكن كذلك، و كانت صيدة سهلة لأي شبكة ملقاة أمامها، أما هذه فهى كالنجوم صعبة المنال، و هذا الظل البغيض يعشقها، ستحل عقدة بعد المسافة فهى عقدة سهل التعامل معها، أما عقدة ذلك الظل فلن تنحل إلا بموته و بإطاحته بعيدًا عن مباراة الحب المزعومة!، ليرفع رأسه ليجد بلال يرمقه بنيران الظل التى تتلمس إحراقه، ليبادله هو بنفس النظرات، و التى كانت بالنسبة لبلال مضحكة.

أما تلك البلهاء الجالسة بينهم كانت تنظر فى صحنها متعجبة، هل الطعام منقوص به الملح أم لا؟، غافلة عن صراع العيون الناشب جوارها، لتأخذ كوب من الماء لتشرب منه، مزامنة مع سماع تحدث سليم القائل ببراءة: ريمو هو إمتى هنحدد ميعاد الفرح؟.

لتقوم بإخراج الماء من فمها باصقة إياه فى وجه سليم بقوة، و هى تكح بحدة، بينما بلال لا يعرف هل يغضب من طلبه و يثور أم تعلو ضحكاته لعنان السماء، لكن حسم أمره عندما سمعها تقول: أنا أسفة معلش حقك عليا والله. لتتبع كلماتها و حديثها و هى تقترب منه و تريد مسح وجهه، ليقترب هو نازعًا المنشفة منها، و يقوم بمسح وجهه بحدة يفرغ فيه غضبه بقوة و هو يسيه بأشنع الألفاظ فى دواخله، لولا وجودها هى هنا لكان قالها على الملأ.

و قد أعترف بداخله، أن على هذه المهزلة الإنتهاء، فهو تحمل كل ذلك بأعجوبة، لا ينقصه بأن يكون شاهدًا على عقد قرانها الباطل ذلك، و يراها تزف لعدوه و تضيع منه مرة أخرى، ليبتعد سليم عنه بوجه محمر جدًا و يقول بحدة: إيه إنت غبي؟.

لتتوسع عيون بلال بحدة و سخرية و يجيب و هو يلقي المنشفة عليه و يقول: الحق عليا إني بمسح وشك، كنت خليتك بمايتك يمكن وشك يقشف أو كنت مرضت.

لتنظر له روميساء بأسف و حزن و هى تردد فى دواخلها بحزن: فعلًا خير تعمل شر تلقى، مش مثلًا يشكره لا يبجح فيه، ناس أخر زمن.

لتعيد نظرها لهم و تجدهم يرمقونها ببلاهة، لتقول هى بعدم فهم: مالكم فيه إيه؟.

ليقول بلال بأسف مصطنع: عندك حق فعلًا خير تعمل شر تلقى.

أتلمس طيفك (الظل المشرق بعتمة الليل) "مكتملة"Место, где живут истории. Откройте их для себя