2. السؤال والطلب "أسألك"

112 6 0
                                    

2. السؤال والطلب "أسألك"

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَبِنُورِ وَجْهِكَ الْمُنِيرِ، وَمُلْكِكَ الْقَدِيمِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ بِهِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرَضُونَ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي يَصْلَحُ بِهِ الأَوَّلُونَ وَالآخِرُونَ، يَا حَيَّاً قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ، وَيَا حَيَّاً بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ، وَيَا حَيَّاً حِينَ لا حَيَّ. يَا مُحْيِيَ الْمَوْتَى وَمُمِيتَ الأَحْياءِ، يَا حَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ.

في هذا القسم من الدعاء، يقوم الداعي لأجل بيان مسائله ومطالبه بذكر الأسماء والصفات الإلهيّة مرّةً أخرى. وهذا التَكرار للصفات الإلهيّة في هذين القسمين (الأوّل والثاني)، وخصوصاً بعد كلمة "أسألك" إنّما هو لكون الداعي يذكر الأسماء والصفات الإلهيّة المناسبة لحاجته، والتي لا يخلو حتّى تَكرارها من اللطف.

بالتَكرار تحصل الكمالات

كان أمير المؤمنين عليه السلام - أحياناً - يكرّر بعض الألفاظ ليحثَّ بعض الناس على أمرٍ ما, ففي وصيّته عليه السلام لأبنائه يكرِّر لفظ الجلالة فيها: "الله الله في الأيتام"، "الله الله في جيرانكم"، "الله الله في القرآن"، "الله الله في الصلاة"...[1].

وكذلك تَكرار الصلاة في كلّ يوم وليلة إنّما هو لأجل أن نقترب من الله تعالى في كلّ يوم خطوة، فالشخص الذي يصعد على درجات السلَّم هو في الظاهر يقوم بتحريك رجله بحركة تَكرارية، لكنّه في الواقع يقطع بكلّ حركة خطوة إلى الإمام، ويرتفع إلى الأعلى. والشخص الذي يحفر بئراً ويضرب بمعوله، هو في الظاهر يقوم بعمل تَكراريّ، لكنّه في الواقع يزيد بكلّ حركة عمقَ البئر.

وكذلك الإنسان فهو بكلّ صلاة وذكر وتلاوة آية، يقترب من الله تعالى خطوة، انتهاءً بالمقام الذي نقرأه حول نبيّنا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾[1].

كما أنّ تَكرار الوصيّة بالتقوى في كلّ من خطبتَي صلاة الجمعة في كلّ أسبوع، هو أحد أوجه دور التَكرار في التربية الدينيّة للناس، بل إنّ بقاء الحياة متوقّف على التنفُّس المتكرِّر. والكمالات إنّما تحصل بالتَكرار، فبمرّة واحدة من الإنفاق والإقدام لا يحصل الإنسان على ملكة السخاء والشجاعة، كما أنّ الرذائل والخبائث تثبت في روح الإنسان من خلال التَكرار.

"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ"

في هذا القسم من الدعاء، يسأل الداعي ربَّه بأمورٍ عشرة:

1- بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ


المقصود من هذه الكلمات ليس معناها الظاهريّ, إذ الله تعالى ليس بجسم، كي يكون له وجه. وفي سورة البقرة (الآية 115) نقرأ قوله تعالى: ﴿وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾، وفي آخر سورة القصص - أيضاً -، نقرأ قوله تعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ﴾. وعليه:

شرح دعاء العهد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن