الفصل التاسع

109 4 0
                                    

وعلى ذكر ملاك ابنه العمة المُدللة , اتسعت حدقتيّ رسيل بصدمه , وشهقت بقوه وهي تتعرف إليها بوضوح , ولا تُصدق ما تراه عينيها أمامها , بمنظرها السافر كانت تُقهقه بدلع وتتحدث الى اثنين من الشباب بكل راحه .
قالت ميرال بقلق وهي تنظر إليها ثم تنظر تاره إلى حيث تُحدق رسيل بصدمه والدموع تترقرق على عينيها
:رسيل بسم الله عليك وش فيكِ ؟؟؟! .
تحركت رسيل باصرار فور ان رأت الشابين قد ابتعدا عنها , بضحكاتهم القذرة , ولحقتها ميرال بوجوم حلّ على ملامحها .
توقفت خطوات رسيل أمام فتاه لم تعرفها ميرال وصُدمت حينما قالت رسيل بقوه وبعينين حادتين
: انت يا وقحه يا قليله الأدب , كيف تتجرأي وتوقفي مع الشباب بهاذي الطريقة .
ارتفع حاجبيّ ملاك الأنيقين وقالت : نعم مين انتِ يا البزر تجي وتحاسبيني ؟؟؟! , اصغر عيالك انا , مالك شغل بالأسويه وأذلفي انت
ـ ونظرت لميرال من الأعلى للأسفل وأردفت بإشمئزاز من عبائتها المهترئه القديمة ـ
وصديقتك ذي المتعرفه عليها من الزباله .
شتت ميرال عينيها بحزن دون أن تجيب عليها لأنها لا تعرفها ببساطه , وقالت رسيل بصدمه مُتسعه العينين
: يا الخبلة زباله في عينك , هاذي ميرال بنت عمي , مشكلتك لو انك بعيده عن العائلة وماسمعتي فيها .
فغرت ملاك شفتيها باستنكار وقالت ساخطه
: نعم !!!!! , وووووع هذا الباقي تصير بنت خالي وحده مثلها , بالله مو شايفه عبايتها شلون قديمه وكأنها لها سنين تلبسها .
رفعت رسيل صوتها قليلاً حتى لا تصرخ بوجهها
: طيب يا قليله الحيا , انا اوريك لو ما علمت عمتي عن حركاتك الوسخة ولا كلامك عن ميرال , الحين بكلم فيصل يجي يتفاهم معك يا وقحه , يا ليلتك سوده بتكون .
توترت ملاك وببراعة أخفت توترها خلف ملامحها الباردة , وحمدت الله بسِرها انها اتصلت بالسائق وكان على وشك الوصول حتى تُغادر معه , فلن يُصدق احدٌ هذه الطفلة المُستفزّة .
قالت بهدوء تخفي اضطرابها
: أنا ما دري ايش شوفتي بس اكيد ظلمتيني بكلامك عني , وكان مجرد سوء فهم .
اتسعت عينا رسيل لإنكارها بكل وقاحه , وقالت
: يعني على بالك أني ما اعرفك ولا اعرف بلاويك الساكته عنها عشان عمتي المسكينة لا تنصدم فيكِ , وبلا كذب شفتك بعيوني كنت تضحكين معه وهو يعطيك ورقه
ـ ثمّ اردفت بسخرية ـ
اخمن انها رقمه عشان تكلميه آخر الليالي !!!!! .
اشتعلت عينيّ ملاك وقالت بقوه يتخلله الخبث
: أنت تقذفيني وما رح ابرر لك موقفي , خليك قد كلامك يا البزر وقولي لأمي اشوف بتصدقك ولا لا .
قالت بكبرياء , وهي تنظر لعينيها بقوه
: ما يهمني ايش تسوين , لا مع مين تطلعين ؟؟! , ولا مين تكلمين ؟؟! , بس ابعدي عن اخواني وفيصل بعد , وولد عمي سيف
ـ وشدّت على حروف اسم أخيها , الذي تعرف جيداً ماذا يعني لها ـ
وخاصّةً فــ ــهــ ــد
, لا تقربي منهم ولو شميت ريحه خبر انك قربتي منهم , رح اسبب لك فضيحه ما لها أول ولا تالي , تخلي الواثق فيك يشك .
التفتت رسيل بعنف والدمع يترقرق في عينيها , تعلم جيداً ان عمتها لن تصدقها وستتهمها بالكذب كما فعلت المره الماضية وكذبتّها , عندما اخبرتها انها سمعت ملاك تتحدث مع احد الشُبان , لا تريد تذكر احداث ذلك اليوم الكئيب , عندما خرجت مكسوره من منزل عمتها وكانت المره الأخيره لها ولم تذهب إلى هناك إطلاقاً .
سحبت كف ميرال بقوه , وهي تنهب الأرض نهباً , وقد اختفى المرح من ملامحها المتجهمة , واتصلت فوراً بفيصل تقول بعصبيه
: فيصل وينك ؟؟؟! , بنرجع البيت خلاص خلصنا شغلنا وتقضينا !!! .
قال فيصل وهو ينظر لأخته و زوجته بداخل المحل
: طيب انتظري شوي روحي كوفي او أي مكان اجلسوا ارتاحوا من الفِراره , يعني يوم خلصتوا صرتي بترجعين للبيت بلا انانيه تونا ما خلصنا , تعرفين وضع زوجتي نبغى شوي وقت .
قالت بعصبية ولم تعد تحتمل : ما رح انتظر مع نفسك بنرجع مع تاكسي !!! .
تنهد فيصل بملل وهو يجلس بأحد المقاعد أمام المحلات
: لا حول ولا قوه الا بالله منك , دقيقه يا ويلك تسوين شي من راسك .
أغلق اهاتف وهو يهمس ويكزّ على اسنانه
" هين يا رسيل اجل بترجعين مع تاكسي , طيب , طيب نشوف فهد وش بقول ؟؟؟! " .
بطبيعته هو متحرر نوعاً ما , ليس كفهد البدائي بغيرته العمياء التي لم تُهذب مع تطور الزمن , ولكن رسيل اخته وعليه أن يعرف ماذا تنوي أن تفعل ؟؟! فهو يعرف ان فهد يرفض رفضاً باتاً لأخواته خروجهم مع السائق لوحدهم أو سيارات الأجرة , بينما هو لن يُمانع لو الأمر بيده .
اتصل بفهد حتى يصله صوته المُتعب من السفر ليلاً ونهاراً , مُتعجباً
: أرّحب بو سعد , شخبارك ؟؟! .
: هلا فهد بخير أزّقح , شخبارك أنت ؟؟! , طيب طيب ماعلينا , شوف رسيل ذي انهبلت عليّ أخذتهم السوق كل شله الحريم الفي بيت , وطبعاً انا الحمار الأشيلهم معي كلهم مره وحده ,
خلصت من شغلها وإلا ترجع البيت واحنا تونا ما خلصنا قلتلها تنتظر وهي قالت بترجع بتاكسي , اتصل عليها خلها تقضب ارضها لين نخلص .
زفر فهد نفساً خشناً , وهو لم يفهم منه أي كلمه من التي تفوه بها وقال بهدوء , يجرُّ حقيبته الصغيرة على أرض المطار
: خلاص , انت قفل الحين وبتصل على رسيل وأشوف !!! , بأي سوق انتوا ؟؟؟! عشان بجي أخذها بطريقي .
جلستا سوياً بإحدى المقاهي في مركز التسوق , تنتظران قدوم فهد , وكانت رسيل شفتيها ممطوطتين بضيق وقالت بنفاذ صبر
: ميرو معليش خربت عليك الطلعة يا قلبي , بس اعصابي تلفت من ملاكوه الزفت , حيوانه يا شيخه ما يهمها شي ولا سمعه العائلة الزفتة , ولو علمت أي احد ما رح يصدقوني انها وسخه .
شربت ميرال قليلاً من قدح الماء أمامها , وقلبها يخفق بخوف لم ترى بحياتها مشهداً كهذا المشهد بحياتها وأثار رعبها , شباب ما يُغازلون الفتيات كانت تسمع ولم تتوقع أن ترى ذلك بعينيها التي سيأكلهما الدود , صابتها القشعريرة عندما علمت ان هذه الفتاة هي ابنه عمتها , العمّة التي لم ترها بعد .
قالت بهدوء , ولا ترغب أن تتدخل بأمورهم العائلية , فهي غريبه عنهم ولن يصدقوها لو حاولت ان تخبرهم ذلك مع رسيل , فقررت ان تبتعد عن الشرّ
: معليش , هوني عليك , انت لا تتواصلي معها عشان تكوني بخير وخلاص .
رفعت رسيل هاتفها تُجيب عليه , بعد أن هدأت أنفاسها
: ألووو , هلا فهود , طيب يلا طالعه .
دفعت الكُرسي للخلف حتى تنهض وتجمع الأكياس , وقالت لميرال : بتجين معي , ولا حابه ترجعي مع فيصل شكلهم لسه مطولين ؟؟!! .
ردت بذعر من هذه الفكرة , وهي تخجل كثيراً من اولاد عمومتها , ولم تعتاد عليهم حتى الآن , والأفضل لها ان تكون ملتصقه برسيل فهي الوحيده التي اعتادت عليها خلال يومٍ واحد
: لا بجي معك أحسن , خلصت أموري , وبرجعلك فلوسك قريب .
ابتسمت رسيل وهي تلتقف كفها , وكانت ميرال ممتنه لذلك فدخل بعض الأمان لقلبها , وهمست رسيل
: ما عليك بس , فلوسي هي فلوسك ابوي ما رح يقصر علينا .
أجفل فهد من المرأة التي فتحت الباب الخلفي لسيارته و عندما استقرت رسيل بجانبه قامت بتعرفيه
: هلا والله بأخوي الحمدلله على سلامتك , معليش ميرال جت معي عشان خلصنا امورنا و ما في شي نسويه .
أومأ برأسه وأحجم عن التحدث أكثر من ذلك , ولفّ رأسه بجمود للأمام , بينما دخلت ميرال وجسدها الغضّ يرتعش , لا تعرف هل خوف ام خجل ؟؟؟!! , أم الاثنين معاً ؟؟! , والأحرى انها تشعر بالشعورين .
ألقت السلام بصوت خافت وصل لمسامعهم , ورد عليها فهد بهدوء دون أن يتأثر من صوتها او وجودها بسيارته , مضى الوقت بطيئاً للقصر .
وقد تخللت رائحتها الطبيعية النفاذة إلى انفه وتحسست خياشيمه منها , يُدرك انها ليست رائحه عطرٍ ما فهو يُميزّ بين روائح العطور والعود والرائحة الفرمونية , لا يعرف ماذا حدث ؟؟! , إلا ان رائحتها تركت أثراً طفيفاً بداخله , جعل حدسه ينبئه بأن الأمور بوجود ابنه العم الجديدة , لن تبقى كما هي .
لم يكن يتوقع أن دموع المرأه قد تكون ذات فائده بيومٍ ما , فلطالما كره المرأة الضعيفة الخاضعة للرجل , ولكم كان يكره رؤيه الدموع فهي لا تؤثر به إطلاقاً , يشعر ان الحياة بهذه الطريقة ممله دون أي إثارة , روتينيه تجلب الكآبة خاليه من الحيوية .
زوجه عمه هذه المرة قد ابدعت بأخذ حقه , الذي ينوي أخذه بيده في الوقت المُناسب , وأنقذت كرامته التي كانت تنوي ابنتها أن تهدرها .
تذكر ذلك اليوم الذي سمع به كلامها بحقه ووصفها له بالكلب , وكاد أن يهُمّ لتأديبها تلك السمينة التافهة , وهو مايزال زوجها وله الحق في الدخول عليها وصفعها .
لولا أن سمع صوت الصفعة التي صفعتها بها والدتها وهي تصرخ بها موبخة إياها , ثمّ بدأت دموعها بالهطول .
جعله يتراجع بهدوء ويُدرك أن والدتها تقف بصفه خوفاً على سمعه ابنتها من الطلاق , وان الزواج سوف يتم قريباً , وعندها يستطيع قطع لسانها الطويل الذي يلتف على جسدها .
دخل إلى المنزل يُدندن ببعض الألحان , ويبتسم بجذل وزوجه عمه تؤكد عليه ذلك اليوم أن الزواج سوف يتم يوم الخميس , وحمدلله أنه لم يضطر للتحدث مع تلك البدينة واقناعها بنفسه , فلقد أدت عمته الواجب وشاكراً لها للغاية .
قال لوالديه اللذين يجلسان بهدوء , ويحتسون قهوتهم المعتادة بعد المغرب
: يمّه , يبه , نسيت أعلمكم ترا زواجي ما تأجل ولا شي , وبنت عمي كانت تكابر بس !!!! , كل الأمور رح تتم مثل ماكان مخطط لها .
قالت والدته وقد شرقت بفنجان القهوة
: غريبه , كيف اقنعتها عاد سميرة عنيده مره , ما قد شفت بنت بعنادها .
عندها برقت عيناه بالطريقة التي تخصه وحده
: ما في شي يصعب على طارق !!!!
ـ ثم هتف بمضض ـ
رضت بالأمر الواقع عشان سمعتها وكلام الناس .
وهمس بخفوت دون ان يسمعه أحد
" انا البكسر راسها العنيد وأوريها شغلها , وبقص لسانها الطويل بعد " .
قال والده بتصميم : طيب , دامها بتجي وتعيش معنا بذا البيت وبكون من حقها , يا ويلك أشوفك تضيمها , سامع ولا لا ؟؟! , بنت أخوي مو لعبه بإيدك وإن ضمتها بتلاقيني أنا في وجهك .
, وجرجر افكاره من ذكرياته إلى الحاضر , حيث يستمع لتهديد والده الصريح له بلا أي اهتمام , و أوما برأسه , وهمس
: طيب يبه ما يصير خاطرك إلا طيب , بروح أريّح شوي الحين , وببدا أجهز حق الزواج .
تضُم ركبتيها إلى صدرها في منتصف السرير , وتلف ذراعيها حولهما , فمُها مزموم بشده , الغضب ينهشها نهشاً , تشعر بأطرافها تتآكل كما تتآكل العظام .
حاجبيها بإنحنائهما الحاد معقودين بشده , وتُحدق أمامها بتصميم , تهمس لنفسها
" طيب , يا طارق انا بوريك يا الحيوان والله لأسود عيشتك , ما أكون سميرة لو ما وريتك الويل , تبغى تكسرني ؟؟! , ماعاش مين يكسرني " .
أجفلها صوت طرق الباب , مال حاجبيها بأسى وهي تعرف من الطارق من طرقته , لم ولن تُجيب فلارغبه لها بالتحدث .
دخلت والدتها بهدوء تقول بهمس
: يمّه سميره فاضية ؟؟؟!!! , بكلمك شوي .
: بصلي العشا راح علي , وبعدها بنام وراي شغل .
قالت ذلك وشفتيها مبرومتين , ونهضت تلتقط إسدال صلاتها .
اخفضت والدتها رأسها بأسى وقالت تهمس
: سامحيني يمّه كسرتك , بس كله عشان مصلحتك , تعبنا من هالحياه نبغى يكون لنا سند في حياتنا يكون لنا عون , وما رح يصير لنا السند غير زوجك وأخواتك بعدهم مطولين , صدقيني طارق انسان كويس بس تعيشين معه رح تفهميه .
ارتدت إسدالها وهي تلفه على رأسها حتى تُغطي شعرها , ونظرت لوالدتها من فوق كتفها
: لو كان كويس مثل ما تقولي كان ما طنشني سنتين بدون لا يسأل عني , يعني لو انه في بينا تواصل وحسيت انه فعلاً يبيني كان ممكن أنتظر سنين حتى مو سنتين بس .
هزت منكبيها , مُسبلة اهدابها
أنا ما حبيت أرمي نفسي عليه ويقول هاذي ما صدقت حددنا موعد الزواج , كنت ابيه يجيني بنفسه وأذله شوي , وصار وجاني بعد ما رفضته , بس انت يمّه كسرتي مجاديفي قدامه وقدام عيونه , والراح راح ما رح افكر بالماضي تفكيري كله بكون محصور بالمستقبل عشان نتأقلم مع بعض .
قالت والدتها مُصغرة عينيها بتأهب
: وش قصدك ؟؟! , يعني خلاص رضيتي بالأمر الواقع .
التفتت بإسدالها , ووجها يُضئ تحت ضوء القمر وقالت بابتسامه لطيفه , تُخفي خلفها الكثير و الكثير من الألم , ولن تنسى ان تنتقم لكرامتها, خسرت الجوله الأولى ولكنها ستربح باقي الجولات لن تُهزم
: إيه يمّه رضيت بالأمر الواقع المفروض يصير قبل سنتين , و رح اتعايش معه .
زفرت الأم أنفاسها وتنهدت براحه , وهي ترى الثقة تشعُ كالحرير من عينيها الغارقة بلون القهوة الداكنة , وهمست
: طيب يمّة الله يوفقك يا رب , ويسعدك .
أومأت برأسها بابتسامه صغيره , خرجت والدتها , حتى تختفي مع خروجها ابتسماتها , وتشتعل عينيها بلهيب سجالٍ سيبدأ قريباً , لن تكون الخاسرة فيه , فكما المقوله
" في الحب واحرب كل شيء مُباح " .
حذائين من الكعب العالي , يعلوهما ساقان تبرقان من بياضهما ونعومتهما , و يعلموهما فستان من الدانتيل والحرير يُهفهف على قدها المُكتنز .
كانت تجلس بخيلاء , رأسها مرفوعاً للأعلى دون أن تتعب نفيها وترى ماذا يحدث حولها أو أسفلها ,وتضع قدماً فوق الأخرى وتأرجحها بتباهي .
حتى أجفلت عندما صرخت صديقتها ساخطه , تقول
: أسييييلل , خلاص تكفين وقفي هزّ رجولك , هالحركه تسبب لي توتر وصداع , ما أتحمل أي شي يهزّ !! .
بدلال قد اتشح به صوتها : يا الله يا سوسو , وانا انسى ايش اسويلك تعودت .
قالت سلوى وهي تهفهف بيديها على وجهها : طيب , طيب مو مشكله بذكرك , بس انت طمنيني وش صار معك ؟؟! , لسه مصره تدخلي بحياه أختك وتخربيها .
نظرت لها بطرف عينيها وقالت : ايه اكيد !! , بس لسه شكلها حركه الورد ما جابت نتيجه .
ثمّ لوت شفتيها وأردفت : أفكر بفكره جديده , انت ما تتحملي تشوفي احد يهزّ , وأنا ما اتحمل أشوفها مبسوطه والمفروض أني أنا المكانها , زياد كان لي !!! .
: قلتيها بلسانك , كاااان لك , فعل ماضي وانت الفرطتي فيه , حرام تخربين حياه اختك , تزوجي وعيشي حياتك مع زوجك وبتكوني مبسوطه مثلها .
قالت سلوى ذلك وهي ترفع فناجين القهوة و الحلويات وتضعها جانباً
ردت اسيل بلا أي اهتمام
: ما أضمن أكون مبسوطه , وأدري انه حتى حياتها لو خربت ما في أمل نكون مع بعض , زياد كان لي وكان لازم تفكر قبل لا تقبل تتزوجه .
: هي ما كانت تدري , على بالك لو كانت تدري رح تقبل تتزوجه .
قالت سلوى ذلك وحاجبيها معقودين
هبتّ اسيل واقفه , تنفض فستانها المطبوع عليه علامه من أشهر علامات مُصممي الأزياء , مُتجاهله ما تقوله صديقتها
: تعرفين ما احب النصايح ما ابغى اسمع اكثر عن هذا الموضوع , وزياد كان اول وأخر شخص كلمته بحياتي , بس كان في خوف بقلبي عشان ارتبط فيه من الكنت اسمعه , وانه بصير يشك فيني و مارح يثق فيني ومن هالكلام .
فردت ذراعيها أمامها , واتسعت عينيها , لتردف
: وبكل بساطه يتزوج اختي ويعيش معها بسعاده , انا هذا الما رح ارضاه .
أعادت شعرها القرمزي , تدفعه خلفها وتقول بتباهي
: معليش ممكن تجيبي عبايتي ؟؟! , تأخر الوقت ولازم أمشي .
قالت سلوى بهدوء
: ما تعشيتي طيب , خليك شوي .
ابتسمت إحدى ابتساماتها الجميلة
: يوم ثاني ان شاء الله , ما عندي وقت .
خرجت من منزل صديقتها بعبائتها المُلونة , غافله عن تلك العيون التي ترمقها من الأعلى .
كان يقف بجانب النافذة الزُجاجية الممتدة من السقف إلى الأرض , والستائر تُهفهف مع هواء الليل العليل , وقد بددت رياح الظلام بعض الغيوم .
كان يُداعب بكفه ذقنه الداكنة التي سبغت على ملامحه , ويُمرر اصبعه على أثر جُرحٍ قديم نوعاً ما , يمتد هذا الجرح من صدغه إلى منتصف وجهه .
ابتسم !! , حقاً ابتسم , ولم تكن بسمه بقدر ماكانت التواء خبث على شفتيه القاسيتين , تلك الصغيرة التي خرجت من منزله هي أخت ذلك الفهد , هي التي ستكون الجسر بينهما .
همهم بكلمات غير مفهومه , عندما تذكر ذلك السِجال الخطير الذي خاضاه معاً قبل سنه , وخرج كلٌ منهما مُعَلِّم على وجه الآخر , بعلامه هو لم ينساها أبداً وقدت شوهت له وجهه الوسيم , صحيح انه لم يُقصر معه وقد شرخ له حاجبه مُتتابعاً مع جبينه , ولكنه خسر والضربة الأخيرة كانت له , ولن يسمح لهذه المره أن تتكرر وسينتقم أشد الأنتقام . .
وبزغت شمس صباحٍ جديد , تعلن عن يومٍ جديد بعد أن هرولت تلك الأيام , ووصلت إلى هذا اليوم الموعود .
كان القصر ملئ بالضجيج , العاملات تهرعن هُنا وهناك كالنحل المبثوث , لترتيب الأمور بداخل القصر وخارجه بأفضل ما يكون .
,
كانت تقف عند النافذة تتأمل العاملات وهُنّ ما زلن يعملن , حتى بعد غروب الشمس وإختبائها بين قطع القُطن البيضاء , تلتف بمبذل دوره المياه , حتى فاجأتها رسيل تقول بسخط
: ميراااااال يا حماره وش تسوين ؟؟؟! , ما تجهزتي للحين الناس بجون ويبون يشوفونك , صليتي المغرب ؟؟! .
تاهت شفتيها عن بعضمها , ورمشت بعينيها ببراءة وقالت تهز كتفيها برقه
: أيوه صليت , بس التجهيز ما أعرف أيش اسوي ؟؟! , ما عمري حطيت مكياج ولا أعرف كيف ؟؟؟! .
هذه المره رسيل من فغرت شفتيها كالبلهاء , وقالت بيأس
: يا الله توك تتكلمين !!! .
سحبت أنفاسها وزفرتها بهدوء وهي تهمس بخفوت دون أن تسمعها ميرال
: اهدي يا رسيل خذي نفس , أيييوه , وزفريه , امسكي اعصابك عشان لا تضربيها وتنتفيها , وتذكري في التأني السلامه وفي العجلة الندامة .
رفعت رأسها بتصميم حيث تشير للسرير
: يلا , يلا ماعاد في وقت بخلص منك , وأروح اجهز نفسي قبل ما يطُب علينا أحد , تمددي على السرير وجهك حلو ماشاء الله ما يحتاج شغل كثير , لمستين واحنا مخلصين .
قامت رسيل بتجهيزها وقالت بسرعه
: يلا البسي فستانك , وشوزك وخليك بمكانك لا تتحركي بجي أشوفك وأخذك معي للقصر .
قالت بصوت عالٍ وهي تخرج من الغرفة , حتى يصل صوتها إلى ميرال
: خلي جدتي تشوفك قبل عشان تقرأ عليك اذكارها ولا بتنتفني لأني طلعتك للناس بدون لا تقرا عليك وتحصنك .
ابتسمت بحب لجدتها ولرسيل , لم تكن تعرف ماذا تفعل لو لم تكن موجوده ؟؟! , فالحياه أسهل بوجودهما حولها .
اكملت ارتداء زينتها , وهي تلتف بجسدها أمام المرآة الطويلة , لترى نفسها , كان الفستان وكأنه قد صمم لأجلها , حيث كان يضيق عند صدرها ويُظهر اكتنازه , ويبدأ يتوسع كـ " كلوش " من خصرها .
خرجت ورأسها للأرض , فهذه المره الأولى التي ترا نفسها جميله إلى هذا الحد , كانت تتأمل ساقيها الحريريان , الحذاء الذي التف على كاحلها وأظهر رقتهما .
ولم تفطن لذلك الجسد المفتول الذي يجلس بأريحية على الأريكة , يمُد ذراعه القوية على ظهرها , ويده الأخرى تعبث بخرزات المسبحة , بينما كان بكامل اناقته بالثوب السعودي الذي يُفصل جسده تفصيلاً ويتناغم مع عضلاته , والشماغ قد نُسف بإحتراف على رأسه .
وقد اتسعت حدقتيه فور أن رأها تقف أمامه , دون أن تنظر إليه .
أما هي فقد تسللت إلى انفها رائحة دهن العود النفاذة , ليست رائحه جدتها الرقيقة , بل هي رائحه قد أثارت خياشمها قبل اسبوع بسيارة ما .
رفعت رأسها مُتسعه العينين والفيروز إلتمع خوفاً بعينيها , وهي ترى أمامها أخر شخص توقعت ان تراه هذا اليوم !!! , ولم تكن تتمنى أن تراه !! .
" لقد كان الفهد " .

شهم الطبايع يا بشر هذا هو الفهدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن