الفصل الثاني والأربعون |رمضان مُبارك|

Start from the beginning
                                    

أنهىٰ "قاسم" قراءة تلك الآية ثم صدَّق ليستدير لـ"فور" مُطالعًا إياه بابتسامة خافتة صغيرة، بادله "فور" الابتسامة وبعدها تسائل بفضول وهو يعتدل في جلسته:
_لِمَ عليكم الزواج من أربعة نساء؟!

وضع "قاسم" مصحفه جانبًا وهو يهز رأسه نافيًا ما يقول، ليبدأ بشرح الآية له بكلِ تفصيل:

_ليس واجبًا لكنه يجوز، لكن لم يستطيع أن يعدل بين أربعتهم، بمعنىٰ أصح ألا يُفضِّل واحدة عن الأخرىٰ، ألا يُشعِر إحداهما بأنها باتت هَم ثقيل على قلبه أو غير مرغوب بها، فإن استطاع ألا يعدُل بينهما فيكتفي بزوجة واحدة.

هز "فور" رأسه باقتناع وهو يُقَلِّب حديثه داخل عقله ويرىٰ صحته، لكن تحولت نظرات "فور" للعبث وهو يسأله بمشاكسة:
_وهل ستتزوج أخرى غير زوجتك؟!

هامت نظرات "قاسم" الذي أجابه بتنهيدة عاشقة:
_زوجتي بالنساء كُلهن.

اتسعت ابتسامة "فور" بحب على تلك العلاقة الزوجية المثالية من وجهة نظره، ليُربت على قدم صديقه مُتحدثًا بحنان:
_أتمنى أن تجد بها مأمنك وسكينك أخي.

ابتسم له "قاسم" بامتنان وهو يقول:
_وأنت كذلك "فور"، أتمنىٰ أن تصل لما تبغاه ويُشغلك.

تنهد" فور" بثقل كما لو أن هُناك حِملًا ثقيلًا يقبع فوق صدره، وبعدها أردف بتمني:
_أتمنىٰ ذلك حقًا، وبالمناسبة! لقد بدأت في البحث حول الدين الإسلامي أكثر.

احتلت الدهشة وجه "قاسم" الذي صاح بتفاجئ:
_ماذا؟! هل تتحدث بصدق أم أن هذه مُجرد مزحة سخيفة لا أكثر؟!

هز "فور" رأسه بالنفي ضاحكًا وهو يقول:
_لا أمزح أُقسِم لك، بدأت بالفعل البحث عن الأمر.

نال ذلك إعجاب "قاسم" وبشدة، الأمر رائع لدرجة أنه شعر بالسعادة تتسلل إلى فؤاده رغمًا عنه، لكنه ضيَّق عيناه بشك وهو يتسائل:
_هل تفعل هذا فقط من أجل "سهيلة"؟! أم أنك بالفعل تريد البحث لتقتنع به؟!

طالعه "فور" بصمتٍ لعدة ثواني قبل أن يزفر بيأس وهو يُجيبه:
_لا أُنكِر بأنني فعلت هذا في البداية من أجل "هايلة"، لكن حينما تعمقت في البحث انتابني الفضول الشديد حول قصص المعجزات التي تُروىٰ بينكم كمسلمين، بِتُ مُنبهرًا حقًا وأنا أبحث عن تلك القصص التي أثارت ذهني، خاصةً قصة النبي "يونس" حينما سُجِن في بطن الحوت، لا أُصدق نجاته ولا كيف حدث هذا، دعاءٌ واحد فقط ظل يُردده كان السبب في نجاته! لم أُفسِّر ذلك سوىٰ بأنه مُعجزة جميلة تركت أثرًا على فؤادي.

خوفه وخشيته كان من إعلانه لإسلامه من أجل الزواج من فتاة، لكن أعيُن "فور" المُلتمعة وانفعالات جسده الظاهرة أثناء قصُّه لِمَا توَّصل إليه جعله يُتقن بأن الله زرع حُب الدين تلقائيًا داخل فؤاده، احتلت الابتسامة وجه "قاسم" الذي اقترب على بغتة ضاممًا "فور" إليه بحب أُخوي شديد وهو يهمس له:

حـارة الـقـنـاصWhere stories live. Discover now