الفصل الخامس والثلاثون |تَوفاها الله|

Start from the beginning
                                    

كاد "قاسم" أن يرد عليه، لكنه توقف عندما استمع إلى صوت "آلبرت" المُتسائل بتعجب شديد:
_لِمَ جلبت زوجتك معك إلى هُنا؟!

وكأن الجميع انتبه إلى "أهلة" الآن والتي كانت تُتابع الجثث ببرود يشوبه الإشمئزاز، لم يظهر عليها الخوف أو التردد، بل كانت جامدة إلى أقصى حد وكأنها مُعتادة على مثل تلك الأشياء من قبل!

هز "قاسم" كتفيه بيأس ثم أجابه بتنهيدة:
_هي اللي شبطت فيا.

تشنج وجه "صهيب" من تدليله لها بتلك الطريقة المُبالغ بها، ليتحدث ضاجرًا:
_شِبطت فيك تقوم جايبها هنا؟! أنت بتهزر يا "قاسم"؟!

طالع "قاسم" جميع الأوجه الغاضبة المُوجهة إليه ببرود، وببرودٍ أشد عاد خطوتان إلى "أهلة" الصامتة ليُحيط بها من كتفيها قائلًا بتدليل أكثر لها:
_لأ مش بهزر، هي طلبت مني وأنا مش بحب أزعلها، صح يا "هولا"؟!

انصهر الجليد الذي كان على وجهها منذ قليل لتُجيبه بإبتسامة واسعة:
_صح يا كبير.

جعد "چون" وجهه بضيق ثم تحدث قائلًا:
_أنا أيضًا كنت أريد جلب "لوسيندا" إلى هُنا.

رفع "آلبرت" حاجبيه بإستنكار واليأس يتملكه، ليتحدث بعدها قائلًا:
_حسنًا فلندلف للداخل جميعنا الآن.

أومأ له الجميع وكُلٌ مُتأهبًا للقتال، ليسير "آلبرت" على رأسهم بخُطى بطيئة وغير مسموعة وتبعه الجميع عدا "صهيب" الذي وقف لإنتظار شقيقه، بينما "قاسم" ابتعد عن "أهلة" قليلًا ثم رفع ملابسه وقام بخلع واقي الرصاص الذي كان يرتديه حتى يُعطيه لها، اقترب منها للغاية وأحاط بها من خصرها ثم ألبسها إياه فوق ملابسها نظرًا لضيق الوقت، وبعدها أحاط بوجهها بكلتا كفيه هامسًا:

_متسيبنيش وخليكِ ورايا ماسكة في هدومي على طول.

استشعرت "أهلة" القلق في نبرته لكنها أماءت له بالإيجاب بوجهٍ ثابت حتى لا تُقلقه، لكن قلقه لم يقل بل يزداد تدريجيًا، فأمسك بها من كفها بكل قوته ثم سار بها وهي خلفه وأمامهما "صهيب" الذي جهز سلاحه هو الآخر.

دلف الجميع إلى مكان مُظلم أشبه بسرح عملاق لامع، رفعوا أنظارهم ليروا مبنى الشركة الضخم العالي، وأمام الشركة يقبع ثلاثة حراس بأجساد ضخمة يقومون بحراستها، غير الموجودين في الداخل بالطبع! أشار "آلبرت" لـ"ستيفن" بعينه ليفهم الآخر اشارته على الفور ويقوم بإتباعه، بينما وقف الباقون خلف حائط سميك يختفي عن الأنظار.

تسلل "آلبرت" بسرعة رهيبة مُلتصقًا بالحائط الذي يُجاوره، و"ستيفن" استغل سرعة ركوضه ودار حول الشركة ليقف بجانب الحائط من الناحية الأخرى، نظر "آلبرت" لساعته التي أنارت بضوء أحمر طفيف ليعلم أن شقيقه قد وصل للجهة المُقابلة كما اتفقا مُسبقًا، تشكلت ابتسامة خبيثة على ثُغره قبل أن يقوم بضغط الضوء الأخضر لتصل الإشارة للآخر على الفور، وقبل الثانية التي تليها كانا قد هجما معًا على الحراس يطلقون على رؤوسهم بأسلحتهم الكاتمة للصوت، قبل أن يسقطوا صرعى فاقدين للحياة بأكملها.

حـارة الـقـنـاصWhere stories live. Discover now