الفصل السادس عشر

307 11 0
                                    

(( الـفـصـل الـسـادس عـشـر ))
///ظـهـراً
أستقلت سيارتها و بجانبها مريم ، قالت مريم بتوجس :
- أنتي متأكده أنك مش هتقولي لـ ليث أنك خارجة !
أومأت رُسل بهدوء و هي تقول :
- أيوة !
زفرت مريم ثم هتفت بنفاذ صبر :
- يا بنتي قوليله ، جوزك عصبي جداً و ممكن يبهدلك !
أردفت رُسل بغره و هي تدير المحرك :
- هه ، مين دي اللي تتبهدل يا ماما ، هئ دا أنا أبهدل بلد !
زمت مريم شفتيها بعد رضا لتنطلق بعدها رُسل بـ سيارتها متجهه نحو وجهتها..!
****
- أية رأيك أخدك أفسحك النهاردة ؟ !
تشدق إياد بتلك الكلمات و هو يطالع مرام بحماس ، قالت مرام و هي ترجع خصلة من شعرها خلف أذنها :
- تمام !
لاحظت نظراته الشاردة الموجهه نحوها لتقول بدهشة و هي تلوح بيدها أمام وجهه :
- إياد ، روحت فين ؟ !
حرك ناظريه عنها و هو مندهش من نفسه ، فـ تلك الفتاة تجعله يركز في أقل تفصيله بها أو حركه تفعلها ، سوف يجن عن قريب بسببها فعشقها قد تمكن منه حقاً ، همس بحرارة و هو يقترب منها بجسده :
- كنت سرحان فيكي يا حياتي !
أبتلعت مرام ريقها و هي تخفض عينيها في الأرض خجلاً ، أمسك إياد ذقنها برقه ثم رفعها لتتشابك نظراتهما لدقائق ، تمتم بعشق جارف :
- جيتي يا مرام شقلبتي حالي و حياتي ، بقيت بفكر فيكي في كل وقت حتي لما بشتغل أو بنام صورتك مبتغيبش عني ، أنا بقيت بتنفسك ، بقيت بعشقك مش بحبك بس مين أصلاً كان يصدق أني أحب لكن أنتي يا مرام أخترقتي القانون دا ، دخلتي لحياتي زي الإعصار و بدلتيني بـ واحد تاني !
ضمها إليه ثم دفن وجهه بتجويف عنقها لتحتضن مرام خصره و إبتسامة سعيدة تُرسم علي محياها ، طبع قبله رقيقه علي عنقها أثارت القشعريرة في كامل جسدها ، أردف بحب :
- بحبك يا سندريلا !
***
كان يبحث عنها في جميع أرجاء المنزل إلي أن صادف عمار ، حك شعره قائلاً بتوتر :
- مشوفتش رُسل ؟ !
أجاب عمار ببلاهه :
- اه خرجت !
أنزل يده و هو يقول بملامح قاتمة :
- أية ، خرجت ؟ !
= أه و الله ، خرجت مع مريم !
أشتعلت عيناه بغضب ثم قال و هو يسير تجاه الشرفة المطلة علي حمام السباحة :
- ماشي !
وقف بـ الشرفة لدقائق و هو يقبض علي سورها المنخفض بغضب فـ كيف لها أن تخرج دون أن تعلمه ، شد علي شعره بقوة ثم أمسك بهاتفه و قام بـ الإتصال بـ رقمها ، ثواني و فُتح الخط ، كاد أن يتحدث لكن كلماتها و هي تتنهد بحب شلت لسانه :
- عبدالرحمن دا حبي الأول يا مريم ، متتصوريش كان واحشني إزاي !
ردت مريم بضحك :
- عشان كدا مكنتيش عايزة تقولي لـ ليث أنك خارجة ؟ !
تشدقت رُسل :
- مظنش أصلاً أن ليث هيدايق من كدا ، و عموماً أدينا روحنا للدكتورة بتاعتك و لـ بودي و كل شئ تمام !
أنزل الهاتف من علي أذنه و قد أصبحت نظراته و ملامحه أشد قتامة ، فـ من هذا الذي تتحدث عنه ؟ !
دقائق مرت إلي أن لمح سيارتها تدخل لـ محيط الڤيلا ثم تترجل منها هي و مريم و هما يضحكان ، شرد لدقيقة في إبتسامتها التي جعلت قلبه يدق بعنف لكنه تدارك نفسه سريعاً و خرج من الشرفة نحو صالة الإستقبال ، ليجدها تدلف من الباب الرئيسي ، صاح بصوت كـ الرعد :
- رُسل ، تعالي ورايا !
ثم قام بـ الصعود للطابق الثاني ، نظرت له بدهشة لكنها أدركت نفسها سريعاً و قامت بـ اللحاق به..!
***************
جاءت مكالمة لـ مريم فـ خرجت لتجيب و هي تتمشي في الحديقة الواسعة ، و إذ بأحدهم يحيط خصرها بيد و باليد الأخري يضع منديل مشبع بـ المخدر علي فمها و أنفها ، أطلقت صرخة مكتومة و هي تتلوي بين ذراعيه لكنها ما لبست حتي هدأت حركتها إلي أن أنعدمت ، أخذها ذلك المجهول ثم خرج من الحديقة بهدوء و هو حاملاً إياها بين ذراعيه..!
***************
فتحت الباب لتشهق بـ لحظتها عندما وجدت ليث يجذبها من ذراعها و يلصقها بالحائط ، أحتجزها بين جسده و الحائط ثم قام بوضع كفف يده بجانب رأسه ، قال بهمس خطير :
- كنتي فين و مين عبدالرحمن ؟ !
قالت بجمود :
- أظن أن أحنا هنطلق يعني مش ليك الحق أنك تسألني أي حاجة !
أجفلت عندما ضرب الحائط و هو يصيح بغضب أعمي :
- متستفزنيش يا رُسل ، مين عبدالرحمن ؟ !
لم ترد ليمسك فكها بقوة و يصرخ :
- أتكلمي ، أنا ماسك نفسي عنك بالعافية !
ردت ببرود :
- الشخص اللي بحبه ، أستريحت دلوقت يا ليث ؟ !
نظر لها بصدمة من تلك الجرأة التي جعلتها تنطق تلك الكلمات أمامه هكذا ، أردف بنظرات قاتمة :
- تعرفيه من أمتي ؟ !
= من أربع سنين!
صاح بغضب و هو يضغط بجسده عليها :
- عشان كدا عايزة تطلقي صح ؟ !
تشدقت بهدوء نسبي :
- بلاش الأوڤر دا يا ليث ، أنت لسة حورية في قلبك و أنا عبدالرحمن في قلبي فـ عادي يعني !
صرخ بغضب :
- أسكتي أسكتي !
رفعت حاجبها قائلة بمكر :
- أنت متعصب أوي كدا لية ، تكونش بتغير ؟ !
طالعها بحنق ثم أبتعد عنها معطياً إياها ظهره ، قال بصوت متحشرج :
- أطلعي بره يا رُسل !
أبتسمت بخبث ثم خرجت بخطوات متهادية من الغرفة..!
***
أجتمع الجميع في غرفة السفرة حتي يتناولون طعام الغداء..
سأل عزت بدهشة :
- أومال مريم فين ؟ !
أجابت رُسل بهدوء و هي تضع الطعام في فمها :
- أتخطفت !
= أيـــــة ؟ !
هتف بها الجميع بفزت لتقول ببرود :
- أية يا جماعة في أية ، جوزها خطفها عشان يعرف يصالحها إيزي يعني !
تنفس عزت الصعداء لكنه ما لبس حتي قال ببعض الغضب :
- مش كان المفروض يجي يقولي حتي ؟ !
رددت ببرود صقيعي و هي تنظر له بتحدي :
- أنا أختها الكبيرة ، و أنا اللي ليا حكم عليها و أقول تروح و لا ما تروح فـ عشان كدة رامي قالي و أنا وافقت !
زفر عزت بغضب و هو يقول :
- رُسل ، يا ريت تبطلي تستفزيني عشان أنا صبري بدأ ينفذ !
رفعت كتفيها بلامبالاة قائلة :
- أنا مبستفزش حد ، و لا الحقيقة دلوقت بقت تزعل ؟ !
صاح ليث بصرامة و تحذير :
- رُسـل ، كفاية !
طالعته ببرود ثم أكملت طعامها ، نظر لها بضيق فـ منذ حديثهم الأخير و هو يشعر بنيران مستعرة في صدره ، فـ من هذا الـ عبدالرحمن الذي تحبه ؟ !
زفر بإختناق ثم نهض من علي مقعده ، صاحت ناريمان بدهشة :
- ما كملتش أكلك لية يا ليث !
تمتم بإقتضاب :
- شبعت !
هزت رأسها بعدم رضا ثم نظرت لـ رُسل لتجدها تبتسم إبتسامة جانبية و هي تغمز لها ؛ لتدرك حينها أنها بدأت بخطتها..!
بينما علي الجهه الأخري كانت مرام تتناول طعامها بهدوء و إذ بها تشعر بأصابعه العابثة تدغدغ خصرها ، أنتفضت في جلستها و هي تكتم ضحكاتها بصعوبة ، أرسلت له نظرة تحذير ليبادلها بأخري بريئة ، أنتقل من خصرها لظهرها لتتلوي مرام و ضحكاتها علي وشك أن تنفلت منها ، أنتصبت فجأة و هي تقول :
- الحمدلله شبعت !
ثم ذهبت ركضاً من الغرفة لينظر إياد لـ طيفها بخبث...
***
فتحت أعينها بتعب و هي تأن لتجد أمامها رامي يراقبها بهدوء ، أنتفضت من نومتها قائلة بـحنق :
- أنت إية اللي عملته دا ؟ !
قال بهدوء :
- مراتي و جبتها ، عادي يعني !
صاحت بغضب :
- بس أنا مش عايزة أقعد معاك ، مش طايقة أشوفك !
أقترب منها ببطئ و هو يقول بشجن :
- و أنا عايز أفضل معاكي طول عمري ، عايز أشوفك علي طول ، مش عايز ثانية تضيع في عمري من غيرك !
أبتلعت ريقها و هي تطالعه بتشتت ، فـ حبيبها دائماً ما يهدم حصونها الواهيه لكن تلك المرة لا و ألف لا هي لن تستسلم بسهولة ، يجب عليها أن تقومه قليلاً حتي يدرك من السيئ و من الجـيد..
هتفت بصرامة :
- عندك ، مش أنت عايزني جنبك هنا ، أوي أوي بس متقربش مني ، تعاملني زي الغريبة !
تمتم بدهشة :
- نعم ياختي ؟ !
أجابت بغره :
- هو دا اللي عندي غير كدا بقااا أنا أروح أقعد مع أخواتي و..
كمم فمها و هو يقول بجدية :
- أنتي مكانك هنا معايا يا مريم ، و المهزلة اللي حصلت دي بقعادك بعيد عني مش هتتكرر تاني !
نهض ثم قال بتنهيدة :
- عموماً أنا هنفذلك اللي أنتي عايزاه ، لكن دا وضع مؤقت عشان تكوني عارفة !
ثم أنصرف للخارج بهدوء لتهمس مريم بأعين لامعه :
- كنت واحشني أوي يا رامي !
***
- قام قال بكل هدوء أطلعي بره ، و أنا اللي كنت فاكره هيقلب عليها واطيها و يقول لأااااااا مش هيحصااااال و يعمل فيها عنتر أبن شداد لكن أبداً فريرز و هيفضل طول عمره فريزر !
هتفت بها رُسل لـ ناريمان التي تتابعها بإهتمام ، ضحكت ناريمان بخفة و هي تقول بخبث :
- دا أنتي حالة شاذة بقااا ، كون أنه يقولك أطلعي بره بس و أنتي قايله بس أسم حورية قدامه دا شئ يدعو للتفائل !
قضمت تلك القطعة من التسالي و قالت بتحسر :
- و أنا اللي كدبت و فتحت المكالمة علي الحتة المهمة عشان يتنحرر شوية لكن لأ و لا قالي أنتي بتاعتي أنا بس و لا باسني زي ما بشوف في الأفلام و الروايات ، أقول أية بس ذنب ناس بتخلصه ناس !
ضحكت ناريمان قائلة و هي تنهض :
- الواحد ميعرفش يقعد معاكي من غير ما بطنه توجعه من الضحك ، يلا تصبحي علي خير يا حبيبتي !
رددت بإبتسامة صافية :
- و أنتي من أهله يا طنط !
///فـي الـسـاعـة الـخـامـسـة صـبـاحـاً مـن الـيـوم الـتـالـي
دلف للبوابة و هو ينهج من فرط المجهود الذي فعله و هو يقوم بـ الركض ، قطب جبينه بذهول عندما وجدها تخرج من المنزل ركضاً ثم تستقل سيارتها و تنطلق بها بسرعة فائقة غير منتبهه له ، دخل للمنزل سريعاً فـ وجد مرام تجلس في صالة الإستقبال و هي تقضم أظافرها بتوتر ، هتف بنبرة يشوبها القلق :
- هي رُسل راحت فين ؟ !
رفعت أنظارها له و من ثم أجابت بقلق :
- الدار أتصل بيها و بيقولوا أن عبدالرحمن سخن من إمبارح و بيخترف بأسمها فـ جريت علي هناك !
تشدق بسرعة :
- تقدري تيجي معايا توريني مكان الدار دا ؟ !
أومأت بلهفه ليقول و هو يتجه لـ غرفته :
- دقايق ألبس بس و نروح علي طول !
***
دلفت لتلك الغرفة الكبيرة التي يوجد بها عدد من السرائر ، ما أن أقتربت من السرير الخاص به حتي هتفت بـ لهفه :
- عبدالرحمن !
نهضت مديرة دار الأيتام و هي تقول بأسف :
- أسفة أني أتصلت بحضرتك دلوقت يا آنسة رُسل بس عبدالرحمن سخن جداً و مفيش علي لسانه غير أنا عايز رُسل !
جلست علي السرير و هي تطالع ذلك الطفل ذا الوجه البرئ بـ شعره الكستنائي الناعم الغزير التي تقع بعض خصلاته علي جبينه و بشرته البيضاء المحمرة ، ملست علي خصلاته قائلة بقلق حقيقي :
- عبدالرحمن ، حبيبي أنا جيت !
بدأ الطفل بفتح أعينه بأعياء ، همس بصوت متحشرج و هو يبكي و قد أدلي شفته السفلي :
- رُسل !
قبلت رُسل وجهه عدة قبلات قائلة بلهفه :
- مالك يا روحي !
أجاب بنبرة مبحوحة :
- في..في ناس كانوا هنا النهاردة عايزين أروح معاهم و صاحبي قالي لو روحت معاهم مش هتشوف رُسل تاني ، مش أنتي قولتيلي أنك هتاخديني و أبقي علي طول معاكي ؟ !
تساقطت دموعها رغماً عنها ثم تشدقت :
- متخافش يا قلبي أنت مش هتبعد عني !
ربتت علي صدره مردفه بحنان :
- نام دلوقت يا عبدالرحمن ، نام يا حبيبي عشان تخف و تبقي كويس و ترجع تلعب كوره تاني..
أومأ لها و من ثم أغمض عينيه لتنهض و هي تكفكف دموعها ، قالت لمديرة الدار بصرامة :
- ممكن أعرف حضرتك مقولتيش حاجة زي دي لية ، أنا كنت هنا إمبارح و مجبتيش سيرة أن في حد عايز يتبني عبدالرحمن !
أجابت المديرة بعملية :
- يا آنسة رُسل عبدالرحمن محتاج أسره تحتضنه و لازم تكون مستقرة عشان توفرله جو و بيئة مناسبة للنمو بإتزان و أنا شايفة أن الأسرة دي مناسبة !
تمتمت و هي تجز علي أسنانها :
- ما أنا كتير قولت أني عايزة أتبناه و أنتي كنتي بترفضي !
= حضرتك أنتي مش متجوزه عشان تقدري تتبنيه !
قالتها بصرامه لتزفر رُسل بإختناق و هي تخرج لـ حديقة الدار ، جلست علي إحدي المقاعد الخشبية الطويلة المثبتة في الأرض ثم أخذت تبكي بصمت لبعض الوقت إلي أن وجدت مرام أمامها و هي تقول بقلق :
- رُسل ، في أية ؟ !
أنفجرت في البكاء أكثر لتجلس مرام بجانبها سريعاً و تقوم بضمها ، غمغمت رُسل بحزن و بكاء :
- في ناس عايزين يتبنوا عبدالرحمن يا مرام ، أنا مش مصدقه أنه هيبعد عني كدا خلاص، دا في الفترة اللي كنت فيها في أمريكا كان قلبي بياكلني عليه أوي ، مكنش بيكفيني مكالمة تليفون عشان أطمن عليه..!
أكملت بنحيب :
- أنا اللي علمته إزاي يمشي و أنا اللي علمته يتكلم و كنت بتكفل بكل مصاريفه ، كنت زي أمه و أكتر و في الأخر يجي ناس يخدوه مني كدا علي الجاهز ، ياخدوا حتة مني ؟ !
ظلت مرام تربت علي كتفها و هي تهدأها ببعض الكلمات بينما الأخر كان يقف خلفهم بمسافة يستمع لهذا الحوار الدائر و قد غمره شعور بـ الألم لحالتها ، وجد مرام تنظر له بمعني ماذا أفعل ليبادلها بأخري تعني أنا تأخذها و تذهب ، لتنفذ مرام رغبته وسط إعتراض رُسل لكنها بـ الأخير رضخت..
_ يُـتـبـع _

معشوقة الليث ل الكاتبه روان ياسين Where stories live. Discover now