٩: حقيقة صادمة

165 17 1
                                    

صداع يكاد يفجر رأسه أثناء إستلقاؤه على فراش المشفى التي كان بها في فترة تعافيه، تلك الصور التي تُعاد أمام عيناه مازالت معه حتى الآن يتذكر كل ما مر به دفعة واحدة !

تأوه بصوت منخفض محاولا فتح عيناه و مقاومة ألم رأسه ، الرؤية كانت مشوشة في البداية ، شيئآ فشيئا حتى إتضحت الرؤية أمامه ، وليد ، مروان ، شهيرة ، صابر و أخرهم فارس ، جميعهم هنا حوله منتظرين أفاقته.

طاف بنظره عليهم جميعا حتى وقعت عيناه على "فارس" ظل محدقا به لبرهة،و الأخر لا يعي ما به و لا يعرف ما الذي أصابه فجأة و لما يحدق به بهذا الشكل.
كل ما يدركه "فارس" أن "أدهم" شخصا تعرف عليه منذ دقائق و لا يستطيع حتى التشبيه على ملامحه لإنه يجزم بأنه لا يعرفه ، فما بال نظراته تلك؟!

تجمعت الدموع في مقلتي "أدهم" لقد تذكر من هو و تذكر كل شيء قبل الحادث و تذكر "فارس" أيضا.

إرتفعت شهقات بكاؤه كالأطفال و هو يعتدل على الفراش بالمشفى ، إنتبه الجميع له بتعجب لا يدرون ما به حتى إقتربت منه "شهيرة" تحاول تهدئته،و بالفعل إستطاعت أن تهدئه قليلا بكلماتها الحانية التي تذكره بوالدته دوما.

بعد وصلة البكاء تلك رفع نظره نحو "فارس" مرة أخرى و هنا خرج صوته المتحشرج موجها حديثه له: أنا عز يا فارس.

إتسعت حدقتي "فارس" بذهول و رفض لما يقول القابع أمامه ، لقد ضربته جملته في مقتل ، عقله لا يستوعب الموقف برمته، لا يستطيع إدراك الموقف الموضوع به حاليا ، كيف لذلك الذي أمامه أن يكون هو "عز" صديق عمره الذي قُهر قلبه على فراقه عندما أُشيع خبر وفاته هو و والده في حادث سير ، كيف لتلك الملامح أن تكون هي خاصة صديقه ، هو حقا في موقف لا يُحسد عليه ، في تلك اللحظة التي إنتهى فيها "عز" من الحديث عم الصمت و الجميع مترقب لرد فعل "فارس" الذي إحتدت نظراته و هو يهدر غاضبا بهيستريا: أنت كداب عز مات بقاله أكتر من سنة، عز صاحبي مات أنا عارف ، أنا أتقهرت على فراقه إزاي يعني أنت هو ، أنطق.

كان صوته عالي و منفعل ، لا يستطيع التحكم بأنفاسه من فرط الإنفعال، قطع تلك اللحظات دلوف الطبيب كي يفحص المريض، تقدم نحو الفراش و ما إن رأه "عز" إنتفض في جلسته و هو يهذي: أنا إفتكرت يا دكتور الذاكرة رجعتلي، إنت كنت متابع حالتي و عارف إني فقدت الذاكرة أنا إسمي عز و ده صاحبي فارس و النبي قوله إن انا هو ، أنا مليش غيره دلوقتي.

صرخ "فارس" مرة أخرى: أنت كداب أنا مش مصدقك.

تدخل الطبيب في تلك اللحظة حاسما الأمر و هو يقول بحذم: أستاذ فارس ده مش أسلوب ، حضرتك في مستشفى و في هنا مرضى جنبنا و الصوت العالي مش مسموح بيه ، ياريت تتفضل معايا على مكتبي و أنا هشرح لحضرتك كل حاجة.

أشار نحو الباقي ماعدا "شهيرة" قائلا: و ياريت حضرتكم كمان تتفضلوا معايا.

ذهب الرجال مع الطبيب و بقيت "شهيرة" بجوار "عز" نظرت له بحنان مربتة على كفه قائلة: حمدالله على سلامتك يا حبيبي.

أهل و لكن.Where stories live. Discover now