مقدمة الأحداث.

9.2K 686 78
                                    

مقدمة

تشرقُ شمسِ صباح يومٍ جديد، تشع أملًا و تبث الدفء في روحِ كُل جريح .. تتعالى شقشقة العصافير، و تتناغم مع حفيفِ الشجرِ الجميل، أصوات أنغام إحدى المقطوعات الموسيقية تتخللُ إلى نفوسِ الشباب اليافعين، و القلوب المُحبة تُرفرف عاليًا تأهبًا للقاءِ المُحبين، فَالحياةُ لدىٰ البعضِ كَلوحةٍ فنية متناغمة، رُسمت أدق تفاصيلها بيدِ فنانٍ عالميّ، و البعض الآخر يراها كَغيمةٍ سوداء تنتظر الوقت المناسب لتنفچر بُكاءً!

- منزل الفقيد | طارق الكناني |

حملقَ " يحيى " الشاب صاحب الخامسةِ و العشرون عامًا في هاتفهِ باتساعِ عينٍ، ثمَ فركَ في خصلاتِ شعرهِ، و صاحَ بنبرةِ صوتٍ مرتفعة نسبيًا :

- " ماما، إلحقي! "

و ما هي إلا لحظاتٌ قليلة حتىٰ وجدَ والدتهِ تخرج مِن حجرةِ المطبخ و في يدها ملعقةٌ خشبية، بالإضافة إلى خروج شقيقتهِ " أريچ " المتأففة، و لكن حتى تكتمل الصورة العائلية؛ خرجت هي على مضضٍ متخليةً عن وقتِ استرخائها!

" في إيه، حصل إيه ؟ "

نطقت والدة يحيى بِذُعرٍ مِن طريقةِ مناداة يحيى لها، فَنظرَ يحيى لها متمتمًا بنبرةٍ غريبة تميلُ إلى الكوميديا : " جدي مات، جدي مات يا ماما! "

○○○○

- في ذاتِ اللحظة، منزل الفقيد | نادر الكناني |

وقفت سناء أمام إبنها الأكبر و المدعو " كريم " ، تحك خصلات شعرها بنصفِ عينٍ و هي تقول مستنكرةً : " جدك ؟ ، إزاي و إمتى ؟ "

زفرَ كريم بلامبالاة، و جلسَ على كُرسي الطاولة خلفهِ يتناول قطعة تفاح بمللٍ، ثمَ نطق بِهدوءٍ قاتل : " المحامي لسه باعت ليا حالًا! "

- " المحامي، ليه ؟ "

○○○○

- " أصل جدي عامل وصية عشان الورث يا ماما! "

نَطقَ يحيى بابتسامةٍ سامجة جعلت والدتهِ ' كوثر ' تقطب ما بينَ حاجبيها، و تنظر ليحيى باستفهامٍ، فَتمتمت أريچ و هي تجلس على إحدى الأرائك بلامبالاة : " ياه، جدي ده قديم أوي! .. إحنا ناخد الورث على طول، و بلاش وصايا! "

تلقت صفعةً مِن والدتها على مؤخرةِ رأسها، فَمطت شفتيها إنزعاجًا و أمسكت جهاز تحكم التلفاز بلا إهتمامٍ لحديثهم المُمل نسبيًا!

تحتَ قولِ كوثر : " أه، طب إيه الوصية يا إبني! "

- " تدفعي كام و أنا أقولك ؟! "

○○○○

قضمَ كريم قطعةَ جذرٍ و هو يتلاعب في هاتفهِ، ثمَ رفعَ رأسهِ ينظر لوالدتهِ المستمعة جيدًا، ثمَ ضيقَ عيناهُ و هزَّ كتفيهِ بعدمِ إدراك، واغرًا بهدوءٍ :

- " معرفش! ، لسه مقالش على تفاصيل! "

و لم تمُر ثانية حتىٰ قطبَ كريم ما بينَ حاجبيهِ، ينظر لِهاتفهِ بضيقٍ أثناء إضافتهِ : " ماما إفتحي كده الواتس، المحامي عامل جروب و حاطط فيه أفراد العيلة كُلها! .. إحنا، و أولاد عمي نادر إلّي منعرفش عنهم حاجة، و عمي قاسم! "

رفعَ رأسهِ ينظر لسناء بنصفِ عينٍ، و هتفَ مستنكرًا :

" هو عمي قاسم على قيد الحياة لسه أصلًا! "

○○○○

" السلام عليكم، أنا الأستاذ هاشم، مُحامي السيد حسن الكِناني رحمة الله عليه، الفقيد سايب ليكم وصية قبل ما يتم تقسيم الميراث، أتمنى تكونوا بكرة بالكتير متجمعين في قصر العيلة، و آسف على الإطالة! "

خرجَ ذاك الصوت مِن هاتف يحيى و هو يضيق عيناهُ ضيقًا، ثمَ أغلقَ الهاتف و همهمَ قائلًا بِحزمٍ : " جهزوا نفسكوا عندنا بكرة طلعة لقصر جدو! "

تثاءبت أريچ و أشاحت بيدها بلامبالاة، فَهتفَ يحيى : " و نعمَ الاحترام يا أستاذة أريچ! "

_________

- ألمانيا.

جلسَ قاسم، العم الأصغر لِعائلةِ الكِناني، يتلاعب في هاتفهِ بتفكيرٍ و شرود بعدَ أن علِمَ بوفاةِ أبيهِ دونَ سابقِ إنذار، و كيفَ توفىٰ في تلكَ الظروفِ الغامضة .. حتىٰ أتت إبنتهِ الزهرةُ المتفتحة و اللطيفة، جالسةً جوارهِ على الأريكةِ و هي تقول باستنكارٍ : " خلاص هنرجع مصر! "

أومأ قاسم خالعًا عويناتهِ الطبية، و نظرَ لابنتهِ ممتعضة الملامح، ثمَ ربتَ على كتفها نابسًا : " لازم نرجع يا تسنيم! "

غمغمت تسنيم على مضضٍ منها، ثمَ نهضت واقفةً أمام أبيها باحترامٍ، و نبست بهدوءٍ : " هطلع أجهز شنطتي، عن إذنك! "

أومأ قاسم بهدوءٍ، فَصعدت تسنيم إلى غرفتها بخطواتٍ متأففة و هي على وشك قتلِ مَن يقابلها - عدا أباها -

و الآن، و بعدَ زمنٍ طويل ستجتمع العائلة بأكملها تحتَ سقفٍ واحد، باستثناءِ عدم وجود كِبار العائلة.

و لكن ماذا إن لم ينتهي الخِلافُ بينهم، و ماذا إن لم تنال الوصية إعجابهم ؟!

فَلابُدَ مِن وجودِ حوارٌ ساخن يجمع أطرافِ العائلة جميعًا، حتىٰ يتم الوصول لِبرٍ آمن ..

لذا أنتم معنا الآن على متنِ طائرةٌ متجهة لرحلةٍ جديدة في « حوار عائلي »

- رحمة علاء.

عزيزي القاريء، لا تنسىٰ فوت، تعليق لطيف، متابعة حتى يصلك كُل جديد 💗

حوار عائلي Where stories live. Discover now