Atramental | أَتْرَامِينْتَالْ

الفصل الخامس.

- ˒˒يُقدّم المطعم تشكيلة واسعة من الأطباق شاملة اللحوم الصناعيّة، إنّه مالِك أيضًا لإحدىٰ الشركات الغذائية التي تقوم بأبحاث في مجال البدائل الغذائية الصناعية الصحيّة، وعلىٰ الرغم من أن الأمر لايزال قيد التجربة والبحث في كافّة أنحاء العالم إلا أن مطعمه هذا قد بدأ في تقديم بعضها، وهي آمنة تمامًا˓˓.

- ˒˒هل تُقدّم جميع مطاعمه أطباقًا مُرتبطة بأبحاث شركته؟˓˓. يسألني بفضول واضح

يجعلني سؤاله أبتسم تلقائيًا، من الواضح أن أشياء كهذه تُثير اِهتمامه هو الآخر.

- ˒˒كلا؛ ففي الواقع هذا مطعمه الوحيد، لا تُوجد سلسلة؛ لم يرغب في التوسع علىٰ الرغم من شدّة الإقبال علىٰ هذا المطعم، يقول أنّه بهذا يُحافظ علىٰ تفرّد هذا المكان˓˓.

- ˒˒يا إلهي، يا له من رجل مُثير للاِهتمام حقًا˓˓.

- ˒˒لطالما كان رابي ذا عقلية مُذهلة وغريبة˓˓.

يبتسم بينما يُمرر أصابعه في شعره، ألا يخشىٰ أن يُفسد شكله؟

- ˒˒يبدُو لي أنّكِ تعرفين الكثير عنه نانيس، كما لو أنكِ علىٰ صلة شخصية به˓˓.

- ˒˒وكيف برأيك تمكنّا من الحجز في مطعم كهذا في غضون أيّام إن لم أكن أعرفه؟ حتىٰ الاِزدحام في كاربي ديام يُعتبر مُزحة مُقارنة بما يشهده ساينوشر من تهافت جنوني علىٰ الحجز فيه˓˓.

يُصفّر مُبديًا إعجابه واِنبهاره بما قلت، فجأة أتذكر ردّة فعله عندما أخبرتُه بمهنتي في لقاءنا الأول.

بعد تناول وجبة لم يستطع إيّان التوقف عن الثناء عليها والتعبير عن إعجابه بمذاق أطباقها خرجنا إلىٰ المُتنزّه القريب كما خططنا مُسبقًا، وصلتني أثناء تناول الطعام مجموعة إشعارات، وبينما أتفقدها الآن أجد أن من بينها رسالة علىٰ تطبيق أُومبرا، أدرك فورًا أن حساب المُرسل ينتمي إلىٰ دانيال، وهذا يُذكرني بدراما يوم الخميس، ما كان علىٰ شغف أن تعطيه حسابي، ألم يكن رقمي كافيًا؟

ألاحظ أن مزاج إيّان اليوم يبدُو جيدًا، بل مُشرقًا تقريبًا، في جميع المرّات التي رأيتُه فيها مُسبقًا كان إمّا يعبس أو يسخر بشكل لاذع، يُدهشني أن أرىٰ وجهه يحمل اِبتسامة مُبتهجة بينما نتمشىٰ علىٰ اِمتداد المُتنزه، كنتُ أيضًا أستمتع بوقتي وبالنّسيم العليل الذي أخذ يعبث بخصل شعري ويُنعش روحي.

إلا أن كُل ذلك لم يدُم طويلاً، إذ سُرعان ما تصاعد الغضب بداخلي لحظة سقط طفل أمامي علىٰ وجهه مُوقعًا مثلجاته علىٰ الأرض، كان طفلان آخران يكبُرانه سنًا بقليل يقفان قريبًا من الطفل الذي أخذت دموعه تهطل في صمت ويسخران منه، لوهلة رغبتُ بالصراخ في وجهيهما، ولكنّي فضلتُ ألا أفعل ما يزيد الوضع سوءًا.
أخذتُ نفسًا عميقًا ثمّ اِنحنيتُ ومددتُ يدي للطفل لأساعده علىٰ النهوض.