لكن وللدهشة لم تجد شيئاً، بشرتها برقتْ من بياضها وصفائها.

غمرتْ تعابيرُ الإستغراب والتفاجئ وجهها وإنقبضتْ بطنها مُنذرةً إياها بشعور الخوف من المجهول، أحاطتْ خصرها ثم دخلت الحوض الساخن متوسطةً الورود السوداء والحمراء.

المياهُ من حولها كانت متوسطةَ الحرارة، لا ساخنة ولا باردة. وإنما مُستقرة ومُناسبة لما يحتاجهُ جسدها حالياً. مسَّتْ يديها الورود القليلة التي كانت تطفو فجذب نظرها وردة سوداء كانت تسبحُ لوحدها بنهايةِ الحوض عِند قدميها.

حدَّقَتْ بها بتركيز بينما الأخرى مُتجمدة بمكانها. ولسببٍ ما جعلها منظرُ الوردة السوداء تبكي مُجدداً. هبطتْ دموعها بسرعة وتشوهتْ تعابير وجهها الشاحبة، إنحنى رأسها قليلاً فرأت وجهها مُنعكساً في سطحِ المياه وقدّ صدمتها حقيقتها المُسايرة لواقعها الحاضِر.

لم تَكُن الأميرة كالينور هيليوڤان.

بل كانت عِبارةً عن شظايا لفتاةٍ محطمة.

إنعِكاسُها المكسور والمُفتَّتْ أحدَثَ إشمئزازاً وكُرها جسيماً بداخلها فهذا ليس ما كانتْ تتوقعهُ أن يحدُث بفترةِ شبابها. من المُفترض أن تكونُ مُعززةً مُكرمةً بقصر والديها. تعتني بشؤونِ شعبها والقصر وتتدرب على طقوس التتويج مع والدها ريثما والدتها تُعاتبها على عدمِ جديتها.

" لماذا أنا هكذا ؟ مالذي حلَّ بي !" همستْ بشجنْ ثم أرقتْ كفيها لوجهها ودفنتهُ هناك تنوحُ بلا توقُف. تبكي بدونِ رؤيةِ حقيقتها البائسة. بدون الحاجةِ لمحاولةِ تقبُّلِ صورتها المُعاكِسة لما أرادتهُ هي أن تكون عليهِ حينما تكبر.

وحتى معَ غيابِ صورتها فأصواتها الداخلية لم تغِب بل زادتْ. البكاءُ كان أبغض صفةٍ بالنسبة لها فما بالكَ بأن اصبحتْ تنوحُ كلما سنحتْ لها الفرصة وتسكُت بدون سابقِ إنذار، وكأنها مجنونة لا تُفرِّقُ بين الحقيقة والواقع. بجوفها تسائلتْ مع صوتٍ يائِس : هل هذه أنا حقاً ؟

لماذا من بين جميعِ المخلوقات، إختارها القدرُ لكي تعيشَ بهذا الشكل؟

أبعدتْ يديها عن صفحةِ وجهها وتفقدَّتْ ذراعيها، منذُ يومين فقط كانا حرِشيَّ الملمس والخدوش لا تُفارقهما والآن كُل ما تراهُ هو بشرةٌ حريريةَ الملمس لم يمُسُّها أذى وكأنها لم تتواجد بتلك المصحة.

" هذا غريب أليس كذلك كولانور ؟" حادثتْ الرجل الذي تشكل جسدهُ ببطىء من اللامكان، خصلات فحمية قصيرة وهالات سوداء تمسكتْ بمنطقةِ ما تحت عينيهِ ، لم يقترب من الحوض بل إكتفى بالوقوف من بعيد ومراقبة كالينور .

|| كالينور هيليوڤان ||Where stories live. Discover now