23-الزَّهْرَةُ

Start from the beginning
                                    

كان يرد عليها مُطمئّنا وهو غير مُطمئِن ، قلبه يشتعل غضبا، يحاول كتم أفكاره الدامية عنها، كان ينتوي النوايا لمحسن، كان ينتظر فقط أن يُفتح الباب ، أن تفتح فريدة بابها.

ظل يحاول ويحاول، احتمل مطفأة الحريق من الردهة، عازما أن يخرج محسن من تلك الغرفة بلا رأس لو تطلب الأمر، يقول فى نفسه:

' فقط سأقتلك ، إذا وجدت بها خدش واحد سأقتلك '

فتحت الباب تناظره بأعين متورمة ، حجاب غير مهندم ولا محكم على غير عادتها ، بان من الجروح على شفتاها إزالة لاصق بعنفوان، آثار خمسة اصابع على وجنتها وجزء من جفنها.

اعتصرت يده الورقة مكورا إياها يحشرها في فتحة القفل ، ويده الأخرى تخنق عنق المطفأة غضبا، يتحرك وقلبه يكاد يخرج من صدره، يقاتل انتفاض غضبه أن يعميه ويقع فيما لا يحمد عُقْباه .

ما إن استدار محسن حتى هوى على رأسه بالمطفأة، ينوى تخليصه من روحه حالا، وقبل أن يهوي مرة أخرى، حتى هوت فريدة بمصباح الطاولة تحمله بكلتا يداها بارتعاش، المصباح الذي سقط من يدها ضعفا بعد أن سقط الخنزير على الأرض.

كانت في حال يرثى لها، حجابها قد تراجع عن رأسها تحاول التمسك به بيد مرتعشة، وعيناها شبه مفتوحتان تنظران له بخواء، نظر لها بمشاعر مختلطة بين ضعف وارتعاب وغضب، وأخذ يلعن نفسه لما لم يأت مبكرا، لما لم يسمعها من بعد طوابق، لما ولما ولما، قاطع غضبه المتراقص في صدره، انهيارها أمامه فاقدة للوعي على الأرض.

انطلق قافزا ناحيتها يقف بجوارها بارتباك لا يعلم كيف يتصرف، وقبل أن يتمكن من معرفة ما سيفعله، قاطعه صوت تجمع قاطنو الطابق نفسه من الفندق.

في صباح اليوم التالى، بدأت تتحرك جفونها مضطربة إعلانا عن إستيقاظها ، ظل المرافقان بجوارها طوال الليل ينتظران بهدوء وصبر، كما اخبرهما الطبيب صدمة عصبية ستنام لفترة وتصحو في صحة معتدلة!

عندما بدأت حركات جفونها، فقام أحدهما لمكان قريب، وترك الآخر بجوارها، كانت تستمع لوقع الخطوات المبتعدة.

بدأ ضوء الصباح الدقيق من نافذة يداعب جفونها المتورمة المتعبة، فتحت عيناها ببطئ ثم بدأت تستعيد وعيها ونهضت ترفع نصفها العلوي في قلق، وكأنها تحاول تذكّر آخر ذكرياتها من الليلة الماضية السوداء.

مررت نظرها حول الغرفة وكأنها تبحث عن شيء ضائع، حتى استقر على رون الجالس على المقعد بجانب الفراش ينظر لها كأنه ينتظرها منذ دهور.

مشهده أمامها في غرفتها جعلها تنتفض من مكانها جالسة تضع يدا على رأسها و يدا على أزرار ثوبها.

فصدمت لأن ملابسها قد تم تبديلها، فنظرت له وقبل أن تفتح فمها ، أجابها هو مطمئنا يرفع كفاه بابتسامة دافئة:

《مكتملة》  ENIGMA  غامض انيجما Where stories live. Discover now