عصافير الجنة

26 5 3
                                    

#الصلاة
#عصافير الجنة
#ندى ممدوح

           
دلف "خالد" إلى غُرفة أُختُه بعدما عاد فور وصوله من المسجد مُباشرةً، وجدها مُنكبة على دروسها وهي تجلس على الفراش، فأستأذن قائلاً بأدب  :
- هل يُمكنني التحدثُ معكِ قليلاً يا خديجة  ؟
أؤمأت "خديجة"  برأسها بحنو وأشارة لهُ بعينيها على الجلوس بجوارها،وَ  قالت  :
- بالطبع يا روحي تعال أجلس هُنا.
دنا "خالد" وجلس بجوارها، فقالت "خديجة":
- كيف حال صلاتك يا حبيبي وقلبك  ؟
أجاب خالد بأعيُن لامعة بفرحةٌ  :
- بخير يا حبيتي أشعر بالسعادة
قبلت"خديجة" وجنته في حنو، وقالت في سرور  :
- الحمد لله يا روحي، أدام الرحمن الرحيم سعادة قلبك.
ثُم تابعت في نبرة هادئة مُعاتبة  :
- ولكن ألم أخبرك بأن تلقي السلام على الجالسين سواء أنا أو والديك أو أبناء أعمامك ورفقاءك  ؟
أطرق "خالد"  في آسف، وأغروقت عيناه بالدموع حُزنًا لنسيانهُ ذلك وإضاعة حسنات عديدة، وقال مُعتذرًا  :
-  لقد نسيت يا خديجة.
أؤمأت "خديجة" وهي تغلق أجفانها وقالت في هدوء  :
- لا شيء لذلك الحزن يا خالد نحنُ لسنا معصومين من الخطأ والنسيان، أنا أُذكرك لإني أُحبك وأُريد لك الهداية والصلاح والفردوس الأعلى فـ يا حبيبي تلك دُنيا فانية وسنرحل يومًا لبيتنا الحقيقي.
نهض "خالد"  وضمها وهو يلصق وجنته بوجنتها ويقول في حب جم  :
- أُحبك كثيراً يا أفضل أخت، أدامك الله لي منارةً بطريقي، وهدايةً من الضلال، وأنتشالاً من الظلماتِ إلى النور.
أبتعد عنها وتسائل في لهفة  :
- حبيتي، هل أخبرتيني أكثر عن فضل السلام حتى لا أنساه ويظل محفورًا بذاكرتي مُقيمًا بقلبي  ؟
ردت "خديجة" برحابة صدر  :
-بالتأكيد.. أجلس لأخبرك.
هز "خالد"  رأسهُ نفيًا،  وقال  :
- ليس الآن سأنده لأبناء أعمامي حتى يستفيدو معي، أن لم يكن عندك مانع يا خديجة؟
هزت "خديجة"  رأسها سريعًا عدت مرات، وحلق قلبها مُرفرفًا من شدة السعادة، وقالت  :
- بالطبع لا يا حبيبي، أنده لهم جميعًا يا خالد.
غادر خالد ولم يلبث إن عاد برفقة أبناء أعمامه جميعًا، وألتفوا حول خديجة في حلقة دائرية على أرضية الغرفة ، مُتلهفون لِمَ ستقصوه عليهم خديجة اليوم، مُشتاقون لأحاديثها التي تغمرهم بالسكينة والطمائنينة.
دار بصر "خديجة"  بالجميع، وقالت في هدوء وبسمة لا تزول من على ثُغرها  :
- إفشاء السلام يا أحبابِ هو مُفتاح القلوب، فسلامك وتبسمك في وجه عباد الله مُفتاحًا لقلوبهم فيحبوك ، ويزرع محبتك في قلوب الناس، وهو جبرّ للخواطر، وسعادةً وسرورّ لمن ضاقت به الدنيا، وقد يحدث ويكون تبسمك وسلامك بوجه أحدهم سببًا في دخول السرور لقلبه، كما إنه يُيسر الطريق إلى الجنة.
تساءل "مُعاذ"  بإهتمام  :
- حقًا إن السلام طريقًا للجنة  ؟
أؤمأت "خديجة" وقالت ببشاشة:
- أجل فإن السلام تحيةُ أهل الجنة،  أن تقول "السلام عليكم" وتصافح من تُقابله حتى أهل بيتك، فأن السلام اسم من أسماء الله الحسنى، وقد قال الرسول ﷺ :"لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم " رواه مسلم .
إذن السلام يولد المحبة، ويرزع لنا أثر طيب بالقلوب، كما أنه مغفرةً للذنوب فقد قال حبيبنا المصطفى ﷺ "إن المؤمن إذا لقى المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر ". سلسلة الأحاديث الصحيحة.
أنتهت خديجة وإذ بالصغار يصافحون بعضهم بمحبة حتى قاطعتهم خديجة وهي تقول  :
- خالد عندما أتيت كنت تريدني في شيئًا فما هو  ؟
أستدار لها خالد بأهتمام وقال  :
- كنت أريد أن اسألك، لماذا تُصري على أستيقاظي في أذان الفجر رغم البرد الشديد،    ؟
سكتت" خديجة"مليًا تُنتقي كلماتها، وقالت باسمةٌ  :
- كم عدد ركعات الفجر يا أحبابِ؟
صاح الصغار في عشوائية، فـطلبت منهم الهدوء والتريث وقالت  :
- هكذا لن أسمعكم جميعًا أهدئو قبلاً، ولنتحدث بالترتيب.
نظرت لـ  "مُعاذ"  ، وقالت  :
- سأبدأ بكَ  يا مُعاذ، كم نُصلي ركعتا الفجر.
أجاب "مُعاذ" باسمًا  :
- نصلي ركعتين سُنه عن الحبيب قبل ركعتا الفجر يا خديجة.
قالت خديجة وبسمةّ مُتسعة تُشرق وجهها المُضيء  :
- أحسنت يا حبيبي، بارك الله فيك، وهداك وأعزك.
ثُم وجهت سؤالها لـ "مالك"  ، وَ قالت  :
-لماذا نُحافظ على سُنة الفجر يا مالك  ؟  هل تتذكر لقد أخبرتكم آنفًا؟
هز "مالك"  رأسُه إيجابًا وقال  :
- بالطبع أذكُر يا خديجة، وكيف أنسى فضل سُنة الفجر فإن الحبيب كان دائم عليها وقد قال عنها  ﷺعن عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) رواه مسلم
إتسعت ابتسامة خديجة أكثر، ترآهم يُحفظون ما تخبرهم به ويفعلونة بحب ورضى، ففاضت عيناها بدموع السعادة، وَ قالت  :
- أحسنت يا حبيبي بارك الله فيك وهداك.
وجهت حديثها لـ "خالد"  وقالت  :
- هذا فضل سُنة الفجرُ يا خالد فما بالك بركعتاه  ؟ 
وسأزيدكم حديث يا أحبابِ "من صلى الفجر فهو في ذمة الله"
أيّ في أمانهُ؛ تصحون خاملون أثر النوم و تودون العودة إليه فكيف تشعرون بعد صلاة الفجر.
صاح "خالد"  بحماس وصدق:
- أشعر بالنشاط والطاقة ويجافيني النوم.
قال "مُعاذ"  في هدوء  :
- أشعر بالسكينة والراحة والأنتقال من عالم لآخر مليء بالنشاط والهدوء.
قال "مالك"  بشغف  :
- أشعر وكأني أُحلق يا خديجة وكأني لست على الأرض، ويغمر قلبي الأطمئنان.
أؤمأت خديجة في بهجة  :
- وَ هوَ كذلك يا أحباب فأن نسمات الفجر وأريجة له سكينة خاصة في القلب وراحة للروح وسعادة للنفس.
إذًا يا أحبابِ فـ الصلاة تُيسر لنا طريقًا للجنة، وتحفظنا من المهلكات، وتهدينا من الضلال، الصلاة هي أول ما سنُسأل عنه يوم القيامة، وهي عمود الدين،  كما أنها الصلة بيننا وبين الله، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، وتمحى ذنوبنا وترفع دراجتنا،  ويكفى أنها راحة لنا فقد قال الرسول ﷺلبلال مؤذن رسولنا "أرحنا يا بلال"
أنها تصلح نفوسنا وتحيطنا بحفظ الله
سأوصيكم بأمرًا، أجعلوا الصلاة أول هام بحياتكم ويومكم، فما أن تسمعوا "الله أكبر"  تغدون على الصلاة، وتتركون ما بيدكم على الفور، وتيقنوا يا أحباب أن لا شيء سيفيدكم بهذه الحياة وما بيدك إلا الصلاة، فأقبلوا عليها خاشعين لله، مُلقين الحياة وهمها ومن بها
وراءكم،  وتمحصون قلوبكم من كل عائق قد يشغلكم في صلاتكم، اسأل الله أن يُمحص قلوبنا جميعًا 
واعلموا أن الله مُطلع على قلوبكم ويعلم بنوايكم وما تخفيه صدوركم.
أنهت "خديجة" حديثها ببسمةّ مُنيرة تنبع من فؤادها الرحب،  وغمغمت ضاحكة  :
- وبما إنكم اليوم قد جعلتموني أفتخر بكم، فقد جلبت لكم هدايا.
صاح الصغار فرحين، فتبسمت خديجة ضاحكة أثر فرحتهم، وقالت متعمدة وهي تؤشر بسبابتها أسفل مكتبها :
- هديتكم موجودة بُعلبة أسفل مكتبي هُنالك، أحضروها ليّ؟
نهض "خالد"  راكضًا نحو الفراش،  وقال  :
- أنا سآتي به.
مال بجسده برمته وبدأ بسحب العلبة التي كانت ثقيلة عليه، فوقف  وهو يلهث وقال  :
- ماذا تُضعين بها يا خديجة لم أستطع حمله  !.
بادر "مالك"  وحاول سحبهُ فلم يستطع، وكذلك "مُعاذ"  ، و وقف الصغار لاهثين أمامها، فقالت خديجة بعتاب  :
- لم تنجحوا بسحبُه وهذا أكيدًا، فيدًا واحدة لا تستطع،  قُلت أأُتوني به جمعتكم به ولم أقصد شخص بعينه، ولكن كُلاٌ منكم كان كل همه من يأتيني به أولاً وينجح.
غضوا الصغار رؤسهم في خزى وكإنهم في إنتظار عقابهم ولكن أقتربت منهم خديجة وجاءت بالعلبة   ، وقالت  :
_ هل تعلمون من أنس يا أحبابِ قد أخبرتكم عنه أتذكرونه؟
أؤمأ الصغار وبادر "مُعاذ"  قائلاً  :
- أنس بن مالك خادم رسول الله ﷺ.
ردت خديجة في هدوء وبشاشة  :
- أحسنت يا مُعاذ،  يقول أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) ، رواه البخاري ومسلم .
ألا تتحابون كـ الأخوة أم ماذا  ؟
هاج الصغار بالإستنكار وهم يُخبرها كم يحبوا بعضهم البعض،  فتمتمت خديجة مُبتسمة وعلامات الرضى على وجهها  :
- إذن تعاونوا على كل عمل خير، وايّ عمل خاص في هذه الحياة، إذا كُنتم يدًا واحدة ستفعلون المعجزات،  وتقبلون على الله بعمل الخير وتدخلون الجنة معًا إن شاء الله.
أنهت جملتها تزامنًا وهي تناول كُلا منهم حقيبة بلاستيكية فحواها الحلوة والشوكولا.
فقفز "خالد"  في الهواء فرحًا وهو يضمها في سعادة جمة.
وشكرها مالك وقال  :
- سأتقاسم هذه الحلوة مع أختي ملك فهي تؤمي ونصفي الآخر، وسأخبرها ما علمتيه لنا للتو.
قال معاذ بعدما شكر خديحة  :
- أنتظر يا مالك وأنا أيضًا سأتشاركها مع أختي لمياء.
أدمعت أعيُن خديجة غبطةً وسرور فها هي تُجني ثمار زرعها لهم،  أستشعرت شرود خالد فسألته في أهتمام  :
- ما بك يا خالد.
نظر لها خالد مُترددًا وقال  :
- أروى أبنت عمي ياسين ليس لها اخؤات يا خديجة فمن سيُقاسم معها.
ردت خديجة وهي تتصنع عدم الفهم:
- من يا تُرى  ؟
رد خالد وهو ينظر لها في حرص  :
- هل أفعل أنا.
كتمت خديجة ضحكتها وأشارت له بالموافقة فغادر جريًا لشقة عمه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سؤال حلقتنا اليوم هو  :

ما اسم خازن الجنة؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

#عصافير_الجنة
#ندى_ممدوح_فايد

عصافير الجنة لـ ندى ممدوح حيث تعيش القصص. اكتشف الآن