"الفصل الاول"

259 5 46
                                    

"أوراق الخريف كحبي الضائع لكِ يا وردة نبتت في قلبٍ، كان في يومٍ رافض لكل شيء، مكتفي بأوراق الخريف وذبول الشتاء الذي أكهله، أتيتِ أنتِ وأحييتهِ بعد أن عجز عن الحياة، أتيتِ أنتِ بوردك العبق وبتلاتك العذبة لترممى ما تحطم منه،
أتيتِ وأنا ماذا فعلت؟
أضاعتك في موجات الشتاء!"

أتى الصباح بعد ليلة طويلة كحال كل ليالي الشتاء الباردة المصاحبة لسقوط الامطار بدون سبق إنذار، أتى الصباح متخلل ومبتهج بأشعة الشمس الصافية التي تبعث السكينة وراحة البال وتأمل جمال الكون مع نسمات الهواء البارد.

تململ ذلك الجسد بعبث مطلقًا همهمات من أنفاسه بسبب شعاع الشمس الدخيل عليه، ليتحرك إلى جهة الاخرى رافعًا ذراعيه لأقصى ما يمكن لديه، عبث بخصلات شعره السوداء المتساقطة على عينيه ليعيدها إلى خلف، فتح عينيه البنية وهو يحاول النظر مرارًا وتكررًا ليستعيد الرؤية الواضحة ناظر لقطرات الماء العالقة على نافذته، ايبتسم بحزن وهو يتذكر ذكرى كانت مع من أسرت قلبه ولكن بيديه هو من أضاعها.

((طايرا يا هوا، طايرا على ميناء، رايح يا هوا تخبر أهلينا، قصة الهوا بتفتن علين ، أوعا يا هوا تخبر أهلينا... ))

كانت كلمات وألحان أغنية "محمد رشيدي" تصدح من ذلك المحل الذي يوجد بالمنطقة الشاطئية، ليلتفت وهو يستمع إلى الصوت الذي أخذ يغني باحترافية وكأنه خرج من زمن تلك الأغاني الجميلة، لا يعلم وقتها لما التفت وهو يبحث بعينيه عن تلك التي خرجت من ذلك الزمن بصوتها المميز لتقع عينيه عليها، وهو يتأمل عينيها العسيلة الظاهرة من الواشح الازرق كزرقة البحر المطعمة بوردات سوداء جعلتها في قمة الحسن والجمال.

وقف وهو يستند على صخرة التي حفظته أكثر من أي أحد وهو يرى طفل صغير يسعى للوصول لها وأخذ وردة من الوردات البيضاء والحمراء التي توزعها على الصغار بابتسامتها العذبة وحولها بكثرة بأعمار مختلفة يأخذونها بفرح.

- تريد وردة؟
سأل الصغير وهو يرى ملامح الحزن تسللت لبراءة وجهه بعد أن عجز عن الوصول للورد لينخفض إلى مستواه ويحمله على ساعديه وسط ابتسامة الصغير وهو يلف ذراعه حول عنقه.

- تريدها حمراء أم بيضاء؟ وكم واحدة ؟
سأل الصغير الذي تلهف بعينيه للوصول لصاحبة الورد ليبتسم الآخر على ذلك الصغير وهو يتجه بخطوات هادئة لصاحبة الوشاح.

- أريدها بيضاء وحمراء يا عمي.
قالها الصغير وهو يتطلع إلى باقة الورد التي بجوار صاحبتها.

اقترب بخطواته وهو يرى بداية خلو الأطفال من التجمع حولها لينظر إليها، وهو يرى ابتسامتها العذبة في عينيها وهى تلقي بكلماتها السعيدة على تلك الصغيرة التي ترفع يديها لأخذ وردة مثلها مثل الآخرين.

نوفيلا "صدفة العمر" Where stories live. Discover now