Part 4

3.5K 116 2
                                    

بعد فترة من غياب بحر وفي أحد المساءات الهادئة، طرق أحدهم بنقر خفيف الباب الخشبي، ورغم بُعد الغرفة التي كان الطفل وأمه يجلسان فيها بتلك اللحظة، إلا أن الطفل تمكن من سماع ذلك النقر
- ماذا بك؟! - سألت عندما شاهدته يثب قائماً.
- هناك من يطرق الباب - قال.
عندما ذهب ليفتح الباب وجد أمامه فتاة شارة ربما كانت في مثل عمر والدته تقريباً تحمل بين يديها جرو ماء وطبقاً من الطعام - حيث تبادل الأطعمة بين بيوت قرية الجساسة كان إحدى أكثر العادات ثباتاً ورسوخاً هناك - وقد كان من الطبيعي جداًّ في أحيان كثيرة أن يفتح الطفل باب البيت ويأخذ أطباق الطعام و جرار الماء من فوق العتبة ويدخلها للمطبخ دون حتى أن يعرف هوية مُرسلها..
أخذ منها جرة الماء وطبق الطعام:
- شكرا -قول وهو يهم بإغلاق الباب بقدمه.
- لحظة - قالت الفتاة الشابة - أريد الحديث مع والدتك.

عندما جاءت جومانا قالت لها تلك الفتاة بأن والدتها تدعوها للانضمام إليهن في الغد حيث سيجتمع في بيتهم بعض نساء القرية.
وحين سألتها عن سبب تلك الدعوة فإن الفتاة أجابت:
- إنه اجتماع دوري نقوم به كل شهر - و أضافت بلطف: وقد اشتقنا إليك كثيراً فقد مضى زمن طويل لم نجتمع فيه معكِ.

في الحقيقة كانت جومانا أيضاً قد اشتاقت لصديقاتها من نساء القرية وكانت تشعر بالحاجة إلى الترويح عن نفسها قليلاً برفقتهن، غير أنها في الوقت ذاته تعلم بأن ابنها لن يوافق على أن تتركه وحيداً في البيت ريثما تذهب وتعود.. لهذا فإنها فتحت فمها لتعتذر عن تلبية الدعوة، بيد أن الطفل الذي أحس برغبة والدته في الذهاب تكلم قائلاً:
- سوف تلبي أمي الدعوة!!
- حقاً - هتفت الفتاة - هل ستحضرين غداً يا جومانا ؟!

نظرت والدته بدهشة نحوه وسألته بصوت منخفض لتتأكد:
- هل ستوافق على البقاء وحيداً في البيت ريثما أقوم بتلك الزيارة؟!
- لا، بل سآتي معكِ.
ولأنها كانت تخاف من أن يتسبب لها بالملاعب هناك فإنها قالت:
- سآخذك معي شرط أن لا تثير المتاعب، اتفقنا؟!
- اتفقنا!!
وهكذا أكدت جومانا للفتاة بحماس عن نيتها في القدوم غداً، وهي لا تعلم أبداً مالذي كان ينتظرها هي وابنها هُناك .

في مساء اليوم التالي:

كان المجلس يعج بالكثير من النساء والثرثرات الفارغة والأحاديث التي لا تنتهي، جلس الطفل بجوار والدته وقد أبدى التزاماً بوعده لها بعد إثارة المتاعب... ولكن بعض النساء اللائي كن يرغبن بالتمتع بالخصوصية في تناقل الأحاديث الخاصة قد أبدين احتجاجا على وجود ذلك الولد في وسطهن .

قالت إحدى النساء:
- لماذا لا يذهب ابنك للعب مع الأولاد يا جومانا؟!
التفتت نحو ابنها وهمست:
- اذهب للعب مع بقية الأولاد يا صغيري
- لا أريد - همس في أذنها - أريد البقاء معكِ

ابابيل Where stories live. Discover now