لست وحدك تشكو

38 8 3
                                    

خلينا متفقين ان الشعور بالرضا صعب جدا جدا توصله بس هو الحل الوحيد الذي لا غني عنه علشان تواجه الحياة
احمد سامي

(الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب و ساكن الزمالك الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون و التليفزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم و السكر و الضغط

و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به ، يشكو الكآبة و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق

و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة

و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء و انتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار

و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبداً لشهوته خادماً لأطماعه ذليلاً لنزواته

و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات

كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعد الفوارق

و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب

فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر .. و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية.. و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور

إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب .. و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة

و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق

و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب

و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش بالضمير و لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات .. فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل .. يتجرع منه كل واحد كأساً وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات

~~د. مصطفى محمود رحمه الله

من كتاب / أناشيد الإثم والبراءة

سعادة بطعم الأخلاق والدينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن